بعض الأحاديث في الريح اللينة التي تقبض أرواح المؤمنين

اقرأ في هذا المقال


الأحاديث في الريح اللينة التي تقبض أرواح المؤمنين:

أولاً: عن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما قال: “لا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَّا علَى شِرَارِ الخَلْقِ، هُم شَر مِن أَهلِ الجَاهِلِيَّةِ، لا يَدْعُونَ اللَّهَ بشيءٍ إلَّا رَدَّهُ عليهم. فَبيْنَما هُمْ علَى ذلكَ أَقْبَل عُقْبَةُ بن عَامر، فَقالَ له مَسلَمَةُ: يا عُقْبَةُ، اسْمَعْ ما يقولُ عبد اللهِ، فَقالَ عُقبَة: هو أَعلَم، وَأَمَّا أَنَا فَسَمِعتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقول: لا تَزَال عِصَابَةٌ مِن أُمَّتي يُقَاتِلُون علَى أَمرِ اللهِ، قَاهِرِينَ لِعَدُوِّهِم، لا يَضُرُّهُم مَن خَالَفَهُمْ، حتَّى تأتِيَهم السَّاعَة وَهُم علَى ذلكَ. فَقالَ عبد اللهِ: أَجَل، ثُمَّ يَبعَث اللَّهُ رِيحًا كَرِيحِ المِسك مَسُّهَا مَسُّ الحَرِيرِ، فلا تَتْرُكُ نَفْسًا في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنَ الإيمَانِ إلَّا قَبَضَتْهُ، ثُمَّ يَبقَى شِرَار النَّاسِ عليهم تَقُوم السَّاعَة”. أخرجه مسلم.
شرح الحديث:
إنّ هذا الحديث يدفعُ تعارضاً يتصور بين أحاديث الطائفة المنصورة والتي جاء في بعضها أنهم سيبقون قائمين على الحق إلى قيام الساعة، وبين الأحاديث التي تدل على أنّ الساعة تقوم على شرار الخلق؛ أي لا يكون حينها وجود للطائفة المنصورة، ووجه الدفع بين الأمرين أنّ الطائفة المنصورة تبقى إلى قبيل قيام الساعة ثم تكون الريح التي تقبض أرواح المؤمنين، وذلك إيذانٍ بقيام الساعة، وفي الأغلب أنّ هذه الريح بعد خراب البيت أو قبله بقليل، لذا لا تعارض بين الأمرين، ويصدق في حق الطائفة المنصورة أنها إلى قيام الساعة.
ثانياً: عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “لا يَذْهَبُ اللَّيْلُ والنَّهارُ حتَّى تُعْبَدَ اللّاتُ والْعُزَّى فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنْ كُنْتُ لأَظُنُّ حِينَ أنْزَلَ اللَّهُ:”هو الذي أرْسَل رَسوله بالهُدَى ودِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ علَى الدِّينِ كُلِّهِ ولو كَرِهَ المُشْرِكُونَ” الصف:9 أنَّ ذلكَ تامًّا قالَ إنَّه سَيَكون مِن ذلكَ ما شاءَ اللَّه، ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ رِيحًا طَيِّبَةً، فَتَوَفَّى كُلَّ مَن في قَلْبِهِ مِثْقالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِن إيمانٍ، فَيَبْقَى مَن لا خَيْرَ فِيهِ، فَيَرجِعُونَ إلى دِينِ آبائِهِمْ”. أخرجه مسلم.
شرح الحديث:
إنّ هذا الحديث يُشير إلى أنّ مبعث هذه الريح من جهة اليمن، ويتصور وقوع ذلك بعد طلوع الشمس وخروج الدابة، حيث أنّ باب التوبة قد أقفل لذا لا يتصور بقاء المؤمنين بعد ذلك كثيراً.
ثالثاً: وفي حديث الدّجال الطويل عند عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: “سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ عَمرٍو، وَجَاءَه رَجُل، فَقالَ: ما هذا الحَديث الذي تُحَدِّث بهِ؟ تَقُول: إنَّ السَّاعَةَ تَقُومُ إلى كَذَا وَكَذَا، فَقالَ: سُبْحَانَ اللهِ، أَوْ لا إلَهَ إلَّا اللَّه، أَو كَلِمَةً نَحْوَهُمَا، لقَدْ هَمَمتُ أَن لا أُحَدِّث أَحَداً شيئاً أَبداً، إنَّما قُلت: إنَّكُمْ سَتَرَون بَعدَ قَلِيل أَمراً عَظِيماً، يُحَرَّق البَيْتُ، وَيَكونُ وَيَكونُ، ثُمَّ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يَخْرُج الدَّجال في أُمَّتي فَيَمْكُث أَربَعِين، لا أَدرِي: أَربَعِين يَوْمًا، أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا، أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا، فَيَبْعَث اللَّهُ عِيسَى ابْن مَرْيَمَ كَأنَّهُ عُروَةُ بن مَسعود، فَيَطْلُبُهُ فيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، ليسَ بيْن اثْنَيْنِ عَدَاوَة، ثُمَّ يُرسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِن قِبَلِ الشَّأْمِ، فلا يَبقَى علَى وَجهِ الأرْضِ أَحَدٌ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِن خَيْرٍ، أَوْ إيمَانٍ إلَّا قَبَضَتْهُ، حتَّى لو أنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ في كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عليه، حتَّى تَقْبِضَهُ قالَ: سَمِعْتُهَا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَيَبْقَى شِرَار النَّاسِ في خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لا يَعرِفُون مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّل لهم الشَّيطَان، فيَقول: أَلَا تَسْتَجِيبُون؟ فيَقولون: فَما تَأْمرنَا؟ فَيَأْمُرهم بعِبَادَة الأوْثَان، وَهُمْ في ذلكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهم، ثُمَّ يُنْفَخُ في الصُّورِ، فلا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إلَّا أَصغَى لِيتًا وَرَفَعَ لِيتًا، قالَ: وَأَوَّل مَن يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إبِلِهِ، قالَ: فَيَصْعَقُ، وَيَصْعَقُ النَّاسُ، ثُمَ يُرسِل اللَّهُ، أَو قالَ يُنزِل اللَّه، مَطَراً كَأنَّه الطَّل أَوِ الظِّل، نُعْمَانُ الشَّاكُّ، فَتَنبت منه أَجْسَاد النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخ فيه أُخْرَى، فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ، ثُمَّ يُقَال: يا أَيُّهَا النَّاس هَلُمَّ إلى ربِّكم، وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤُولونَ، قالَ: ثُمَّ يُقَالُ: أَخْرِجُوا بَعْثَ النَّارِ، فيُقَال: مِن كَمْ؟ فيُقَالُ: مِن كُلِ أَلْفٍ تِسْعَ مِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، قال فَذَاكَ يَومَ يَجْعَل الوِلدَانَ شِيباً، وَذلكَ يَومَ يُكشَف عن سَاق”. أخرجه مسلم في الفتن وأشراط الساعة.
شرح الحديث:
إنّ هذا الحديث يُشير إلى أنّ تلك الريح تكون بعد عيسى عليه السلام، وقد بينت الأحاديث الأخرى أنّ وقوعها يكون بين يدي الساعة، لكن هنا أشار الحديث إلى أنّ الريح تكون من ناحية الشام، فيحتملُ أنها ريحان، ويحتمل أن هذه الروح تكون في نفس الوقت لكن تبعث من ناحيتين، أو يكون مبدؤها من أحد الإقليمين، ثم تصلُ الآخر وتنتشر عنده.

المصدر: كتاب علامات الساعة، تأليف سعيد اللحام.كتاب المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة، تأليف مصطفى العدوي.كتاب أشراط الساعة، تأليف عبد الله بن سليمان الغضيلي.كتاب أشراط الساعة وأسرارها، تأليف محمد سلامة جبر- الطبعة الأولى.كتاب مختصر أشراط الساعة الصغرى والكبرى، إعداد عوض بن علي بن عبد الله- تقديم فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين.


شارك المقالة: