ما هي منزلة الزكاة في الإسلام؟

اقرأ في هذا المقال


الزكاة:

الزكاة تُعرّف: بأنَّها البركة والنماء، والزيادة في الأموال التي أنفقت على المساكين، والمحتاجين، وتُعرّف في الشرع الإسلامي: بأنها حصةٌ من المال المُقدّر الذي فرضه الله تعالى للمساكين.
ولهذه الزكاة مكانة كبيرةٌ في الدين، ومنزلةٌ عظيمةُ في الإسلام .
وسنتعرف في هذا المقال على منزلة الزكاة في الإسلام.

إنَّ الله تعالى فرض الزكاة على عباده في كتابهِ الكريم، فقال تعالى جلّ شأنه: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) ووعدهم سبحانه أنهم مهما فعلوا من خير فإنه لا يضيع، بل يجدونه عنده وافراً موفراً قد حفظه؛ كما قال في تمام الآية: (وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)” البقرة:110″، وقال أيضاً في آية أخرى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)” البقرة:277″·

وفي مقابل ذلك وجّه سبحانه وتعالى الوعيد لمن هجر هذا الفرض، وبيّن سبحانه وتعالى أيضاً أنَّ إهمال هذه الفريضة يترتب عليه الخسران في الآخرة، فقال الله تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خبير)”آل عمران:180″.

(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّاوَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا)”مريم 54:55″.
وقال في وصف عباده المتقين:( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ)النور:37″.
وذكَّر الله عباده المؤمنين وعدّد جملة من صفاتهم والتي من بينها إيتاء الزكاة حيث قال تعالى:(قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون، والذين هم للزكاة فاعلون)“المؤمنون1:2:3”.

قال ابن كثير: أي لا يحسبنَّ البخيل أنَّ جمعَهُ المال ينفعه بل هو مضرَّة عليهِ في دينه، وربما كان في دنياه، ثم أخبر بمآل أمر ماله يوم القيامة فقال: ؟سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.


وإن ممَّا يبيّن عظم قدر الزكاة، وعظم منزلتها في الدين أنها أحد أركان الإسلام الخمسة، وأهم أركان الإسلام بعد الصلاة، قال عليه الصلاة والسلام: (بُني الإسلام على خمس: شهادة ألَّا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت وصوم رمضان) متفق عليه·


والزكاة بلغت من المكانة أنها سُميت بقرينة الصلاة، فنالت من العظم والمكانة ممّا قرنت به، حيث قرنت في كتاب الله عزّ وجلّ في كثير من الآيات، منها قول الله عزّ وجلّ: (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) البقرة:110، وقال أيضاً في آية أخرى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)” البقرة:277″·


وإنَّ ممَّا يزيد من عِظم قدر الزكاة أيضاً، أن من جحد وجوبها ممَّن عاش بين المسلمين فإنه كافر؛ لأنه مُكذّب لله ورسوله وإجماع المسلمين، وكذلك الشأن في تارك الزكاة مع إقراره بها لكنَّه تهاون بإخراجها وبخل بها، فهو على أحد قول العلماء كافر بدليل قول الله عزّ وجل: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)” التوبة:11″.
حيث رتبت الآية الأخوّة في الدين على من جمع بين الخصال الثلاث؛ وأنّه من ترك واحدة منها لم يكن أخاً في الدين· وإن كان الراجح هو القول بعدم تكفير تارك الزكاة تهاوناً مع إقراره بوجوبها؛ لكن لا شكَّ أن تركها كبيرة من كبائر الذنوب وأن تاركها فاسق بذلك·


وإذا تقرَّر عندنا أنَّ الزكاة حتم واجب، القائم بحقها، والملتزم بأدائها فائز بثواب الله تعالى الذي أعدَّهُ له، والتارك لها بخلاً وشحّاً، مُستحقٌ للعقاب وواقع في الوعيد المتوعد به، إذا تقرَّر هذا فإنَّه حريّ بالمسلم أن يتعلم المزيد من مسائل الزكاة وما يتعلَّق بها من أمور تعين على أداء الحق الواجب فيها؛ على أكمل وجه يرضي فيه الله عزّ وجلّ·
ونسأل الله عز وجل جميعاً أن يجعلنا ممّن قام بحق الزكاة وقام بالواجب فيها على أكمل وجه·


والزكاة سبب لدخول الجنة والحصول على رحمة الله ورضوانه: كما أرشدت إلى ذلك الكثير من الآيات كما وصف الله أهل الجنة بقوله:(إنهم كانوا قبل ذلك محسنين، كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم)“الذاريات16:19”.
فهم مع عبادتهم وقيامهم واستغفارهم كانوا يعينون الفقراء والمحرومين من أموالهم، فليست العبادة منحصرة في الاستغفار أو الصلاة وإنما تتعدى لتشمل إنفاق المال على المُستحقين.


والزكاة سبب للسعادة والصحة النفسية: فإنفاق المال للفقراء والمحتاجين وفكّ كربة صاحب الكربة لها الكثير من الأثر النفسي العميق للمُتصدق، فالمولى سبحانه وتعالى يبيّن لنا في كتابه أنَّ الإنسان جبل على الجزع وشدَّة الحرص إن أصابه المكروه والعسر والضيق وإذا أصابه الخير واليسر فهو كثير الإمساك والمنع إلّا من استثناهم من ذلك، وقد ذكر صفاتهم والتي منها أنهم يتصدقون ويخرجون من أموالهم الحقوق الواجبة عليهم كما قال تعالى:(إن الإنسان خلق هلوعاً، إذا مسه الشر كان جزوعاً، وإذا مسه الخير كان منوعاً، إلا المصلين، الذين هم على صلاتهم دائمون، والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم)”المعارج19:25″.
فكانت الزكاة مع الصلاة سبباً للخير والسعادة والرضا.
وممّا سبق عرضه يظهر لنا بوضوح الخير والفلاح الذي ينتظر القائم على إيتاء الزكاة ودفعها للمستحقين الذين يريدون وجه الله تعالى، والخير في الدنيا والآخرة.

المصدر: كتاب منزلة الزكاة في الإسلام، للدكتور سعيد بن علي بن وهف القحطاني.


شارك المقالة: