كيفية دعوة عيسى عليه السلام إلى وحدانية الله

اقرأ في هذا المقال


دعوة عيسى عليه السلام إلى وحدانية الله:

إنّ جماع دعوة عيسى عليه السلام والأنبياء جميعهم قال تعالى: “وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ” آل عمران:51. إذا اجتمع الرسول والمرسل إليهم في أنهم جميعاً مربوبون لإله واحد؛ فهذا يعني الوحدانيةِ المطلقةِ، لهذا الإله؛ ذلك أن هذا الإله هو الذي تولى تربيتهم، والتربيةُ تقتضي رعاية قيوميةً، وعيسى ابن مريم يقرّ بعبوديتهِ لله، وكأنه يقول وأنا لم أصنع ذلك لأكون سيداً عليكم، ولكننا جميعاً مشتركون في العبوديةِ لله:”إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ“.
ومعنى: “هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ” أي أنهُ صراطٌ غير ملتوٍ؛ لأن الطريق إذا التوى انحرف عن الهدف، والطريق المستقيم الذي يجمع الناس هو عبادة الله وحدهُ. فإذا ما كان الخلق جميعاً يتوجهون في عبادتهم إلى إلهٍ واحدٍ، فهذا يعني الاتفاق، ولكن الاختلاف يحدثُ بين البشر كلما بعدوا عن المركز، ولذلك لا تجد للناس أهواء ولا تجدهم شيّعاً إلا إذا ابتعدوا عن المركز الجامع لهم، والمركز الجامع لهم هو العبودية للإله الواحد، وما دامت عبودية لإله واحد ففي هذا جمع للناس بلا هوى أو تفرق.
لقد أرسلَ الله تعالى نبيهُ ورسوله عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل ، وقامت وكان نصّ تلك الرسالة هي الدعوة إلى توحيد الله عزّ وجل وأن ينفرد بالربوبية والألوهي. ودعوة بني إسرائيل إلى عبادة الله وحده، ومطالبتهم بالإيمان بأنه عبد الله ورسوله، وأنه ابن مريم، فهو رسول البشر عليه والسلام، وهذه هي دعوة عيسى عليه السلام ورسالته، وهذه هي أيضاً النصرانيّة الموحِّدة التي دعا إليها عيسى عليه السلام، ومن هذا المنطلق آمن به الحواريون، واتَّبعه النصارى الموحدون. وبما أن نبوّة عيسى عليه السلام جاءت متممة مكمِّلة لنبوة موسى عليه السلام، فمن المعلومِ أن تكون قائمة على التوحيد، فالنصرانية الحقَّة لا تقول بوجود إلهٍ آخر غير الواحد الأحد، وما يناقضُ ذلك إنما هو انحرافٌ عن حقيقة دعوة المسيح عليه السلام التي وضحها القرآن الكريم.
فتوحيدُ الله تعالى كان عبارة عن غايةً للأنبياء ، كما كان المبدأ هو الرئيسي في دعوة عيسى عليه السلام، فقد نصَّ القرآنُ الكريم بأنّ عقيدة المسيح عليه السلام هي التوحيد الكامل، فلا يُعبدُ إلا الله، فالله خالقُ السماء والأرض وما بينهما فلا شريك له، هذا ما قال بهِ المسيح منذ ولادته عليه السلام، فلم يُركز عيسى عليه السلام عن القاعدة العامة التي جاء بها الأنبياء ومن أجلها. فعيسى عليه السلام قام بدعوة قومه إلى توحيد الله وحده لا شريك له وإفرادهُ بالعبادة، وهذا أول ما قالَ به وهو في المهد فقال تعالى: “قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا” مريم: 30.

كيف حسمت عبودية عيسى عليه السلام لله تعالى من بدايتها؟

إنّ قضية عبودية عيسى عليه السلام لله تعالى أنها حُسمت من بدايتها وهي تسمى قضية القمة: فعيسى عليه السلام هو عبدُ الله، والقضيةُ الأخرى هي قضية الرسالة ونقل مراد الله وتكليفهُ إلى خلق الله؛ وحتى يؤسسوا حركة حياتهم على مقتضى ما أنزل الله عليهم، ومن الطبيعي أنه عندما يأتي الرسول بمنهج من عند الله؛ ليدعو الناس جميعاً إلى اتباع هذا المنهج، ويحدد حركة حياتهم، مثلاً افعل كذا” ولا تفعل كذا” فقد يجد في التكليفِ مشقةً، لماذا؟ وذلك لأن الأمر “افعل كذا” يُلزمهُ بعملٍ قد يشقُ عليه، أن يجتنبه، وعملٌ يستهويهِ، فيجب عليه أن يقترب منه، والمنهج قد جاء من الله ليقول الإنسان: “افعل ولا تفعل”.
إنّ آفة الناس لا يحددون هدفهم؛ ولذلك يعتبرون غير الهدف هدفاً، وما دام هناك من يعتبرُ غير الهدف هدفاً، فلا بدّ من حدوث فوضى وضلال، فالذي يُعتبر أن الحياة هي الهدف، فهو يُريد أن يُحقق لنفسهِ أكبرُ قدرٍ من اللذةِ فيها، أما الذي يعرف أن الهدف ليس هو الحياة، إنما الحياة مرحلةٌ، فنسألهُ ما هو الهدف؟ نقول الهدفُ هو لقاء الله في الآخرةِ، فهذا الإنسانُ المؤمن سيكونُ عملهُ من أجل هذا الهدف، ولكن الضالّ الذي يرى الدنيا وحدها هدفهُ، ولا يؤمن بالجنة أو النار، فهو مغرور بضلالهِ، إنهُ يقبل على ما تشتهية نفسهُ ويبتعد عما يتعبه ولكن إذا كان يعرف أنّ الهدف ليس هو الدنيا في السعادة التي سوف يحصلُ عليها في الآخرةِ، فإنه سيسعى من أجل بلوغ هذا الهدف.

المصدر: كتاب أطلس تاريخ الأنبياء، تأليف سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوثكتاب قصص الأنبياء تأليف الكاتب محمد متولي الشعراوي.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب قصص الأنبياء، للحافظ ابن كثير.كتاب عن حياة عيسى عليه السلام، تأليف نبيله عبد العزيز.


شارك المقالة: