موقف الاقتصاد الإسلامي من العولمة

اقرأ في هذا المقال


تمثل العولمة نواة النظام العالمي الجديد الذي يفرض سياساته على العالم، ويُسيطر على مراكز صناعة القرار الاقتصادي والسياسي، وهذا يدفع الدول الإسلامية لتحديد أبعاد العولمة، ووضع ضوابط وسياسات تُبيّن للمسلمين كيفية التعامل مع قوى العولمة، وكيف يُمكن الاستفادة من ثمارها واجتناب شرورها.

تعريف العولمة:

العولمة: هي أن تقوم الدول العُظمى بفرض نظام الحياة الذي لديها على العالم، وتقليص القيود الجغرافية بين الدول الضعيفة، والتحكّم في آليات انتقال رؤوس الأموال والسلع والعمالة من مكان لآخر مع امتصاص الأرباح، وبالتالي سيطرة القوى الكُبرى على اقتصاد العالم، لذلك يَعتبر البعض بأنَّ العولمة مفهوم اقتصادي وهو امتداد حديث للنظام الرأسمالي القديم الذي ينبني على أُسس مادّية.

أجهزة العولمة وأدواتها:

العولمة في الوقت الحاضر تُعتبر نظام تقوده دول عظمى وتفرضه على العالم، استناداً إلى عدد من الأجهزة والركائز التي تدعمها للسيطرة على العالم، ومن أبرز هذه الأجهزة الاستثمار الأجنبي والشركات المتعدّدة الجنسيات، التي تملك أكثر من نصف ما يملكه سكان العالم، واتفاقية الجات التي تهدف إلى رفع المستوى المعيشي والاقتصادي للدول الأعضاء. أمّا منظمات التجارة العالمية وصناديق النقد الدولية والبنوك الدولية فتمثل أخطر ثالوث عرفته البشرية، تعتمد عليه الدول العظمى للسيطرة على العالم وفرض العولمة، وتتزايد القوى الداعمة للعولمة على المستوى العالمي مع ازدياد شرورها وهيمنتها على الضعفاء.

موقف الاقتصاد الإسلامي لمواجهة العولمة:

يجب التعامل مع العولمة في ضوء مبادئ وقواعد الشريعة الإسلامية، للتوصّل إلى أسباب القوة السياسية والمالية والعسكرية. بدايةً يرفض الإسلام كل العمليات المالية المتعلّقة بتحركات رؤوس الأموال، التي تعتمد على أسعار الفائدة في نظام الاقراض والتمويل الصادر عن أجهزة العولمة، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، ولكن قَبِل مبدأ الانضمام إلى صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لمحاولة الاستفادة المشروعة منهما بقدر الإمكان، وذلك حتى تفرض الدول الإسلامية هويتها الإسلامية على العلاقات الدولية والتجارية، ويمكن تلخيص الإجراءات التي اتخذتها الدول الإسلامية تجاه العولمة بما يلي:

  • الحث على زيادة الإنتاج في الكمية والنوع بضوابط شرعية، ومراعاة الأولويات في الإنتاج بناءً على الظروف الاقتصادية التي يَمر بها المجتمع.
  • السماح بزيادة الإنتاج في إطار زيادة التنمية والتقدّم، وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
  • الابتعاد عن توفير السلع الكمالية والتحسينية إذا كانت مستوردة؛ خوفاً من إضعاف الاقتصاد في الدول الإسلامية وتقوية التبعية للدول الأخرى.
  • شرع الإسلام الخصخصة التي لم ينتج من انتقالها إلى القطاع الخاص إضراراً بالمجتمع.
  • توحيد التسعير والتجارة على المستوى الداخلي والخارجي، وإعطاء المسلمين الحرية الاقتصادية، مقابل الالتزام بأخلاقيات الإسلام.
  • السماح للدول الإسلامية الاشتراك في كافّة المنظمات والهيئات الدولية، التي تُنظّم التعاون الفني، بشرط الالتزام بالضوابط والقواعد الإسلامية، وعدم الالتزام بأي قواعد أو شروط تخالف عقيدة الإسلام.
  • معاملة الدول المُعادية للإسلام معاملة بالمثل وبحذر، وبما لا يُلحق الضرر بالمسلمين بأي حال من الأحوال.

توصية مقترحة لمواجهة الاقتصاد الإسلامي للعولمة:

لتستطيع الدول الإسلامية مواكبة العولمة والابتعاد عن شرورها، يجب تحقيق التكامل الاقتصادي والمالي فيما بينها؛ للقدرة على مواجهة اقتصاديات السوق الحر وآلياته، ويمكن ذلك يقيام سوق مالية إسلامية مشتركة بين الدول الإسلامية، لزيادة الكفاءة والنوعية والقدرة على المنافسة، كما يمكن تنظيم آليات لمواجهة أخطار العولمة بمحافظة القوى الشعبية على تحقيق الاكتفاء الذاتي بالاعتماد على النفس، وترشيد الاستهلاك والابتعاد عن السلع الكمالية، والتخلّص من سلوك التقليد والمباهاة، ويمكن وضع برامج لمقاطعة السلع التي تضرّ بالمنتجات المحلية والاقتصاد الوطني.

المصدر: الاقتصاد الإسلامي، محمد عفر، 1985المسلم في عالم الاقتصاد، مالك بن نبي، 1979الإسلام والتحدّي الاقتصادي، محمد شابرا، 1996


شارك المقالة: