الطباعة الأدبية في العصر الحديث

اقرأ في هذا المقال


أول مطبعة عربيّة أنشئت بلغة عربية وبحروف عربيّة كانت في إيطاليا وذلك بعام 1514 ميلاديّة، حيث طُبع فيها العديد من الكتب الدينيّة: كسفر الزبوروبعدها طُبع القرآن في البنديقية.
أمّا عن البلاد العربيّة كانت أول مطبعة أنشئت فيها في حلب /سوريا سنة 1706 ميلاديّة. وبعدها مطبعة الشوبر في لبنان سنة 1734 ميلاديّة. وبعدها مطبعة بيروت التي كانت عام1751 ميلاديّة.
وعندما قام نابليون بعمل حملة على مصر عام 1798 ميلاديّة، قام على إحضار مطبعة كانت مزوَّدة بحروف عربيّة ولاتينيّة وإنجليزيّة.
كما استخدمها من أجل طباعة العديد من المنشورات والصحف الخاصة بحملة نابليون. وبعد انتهاء الغزو عمل محمد علي على تلك المطبعة نواة للمطبعة الأهلية، التي قام على تأسيسها عام 1821 ميلاديّة، حيث عُرِفَتْ فيما بعد باسم مطبعة “بولاق”، كما طبعت فيها الكتب الدراسيّة والكتب المؤلفة والمترجمة.
وبعد مرور أربعين سنة، بدأ محمد علي بإنشاء مطابع أهلية، حيث كان من أقدمها مطبعة “وادي النيل”، بالإضافة إلى مطبعة “جمعية المعارف”. كما أنَّه عمد إلى تأسيس مطبعة في بيروت / لبنان كانت تُسمّى “المطبعة الأمريكيّة”، من ثّمَّ “مطبعة الآباء اليسوعيين” في عام 1848 ميلاديّة، ثم مطبعة “الجوانب” التي أنشأها أحمد فارس شدياق في الآساتانة عاصمة الدولة العثمانيّة في عام 1861 ميلاديّة، حيث نُشرتْ العديد من الكتب في هذه المطابع، من بينها العديد من المعاجم العربيّة قديمة قدم الزمان وطائفة من كتب الآداب ودواوين الشعر القديم، إلى جانب أُمَّهات كُتبِ التاريخ.
حيث تزايدت المطابع مع بداية القرن العشرين، كما وتطوّرت أنواعها. وأصبحت أكثرُها يتم عن طريق الآلات حتى لم يبقَ بلدٌ عربيّ من مطبعة رافقت تكاثر العديد من الصحف والمجلات.
وكان أثر الاتصال بالغرب وابتداء الارتقاء من ثقافته وما رافق ذلك من استشراق أو استغراب، أن تنبّهت العقول إلى ضرورة إحياء التراث العربي ونشره، حيث أنشأ علي مبارك جمعية لنشر المخطوطات العربيّة القديمة برئاسة الطهطاوي.
وفي عام 1898 ميلاديّة، تألفت جمعية أخرى للعناية بنشر كتب التراث، حيث كان من أعضائها أحمد تيمور وحسن عاصم وعلي بهجت، كما أفادت حركة إحياء التراث ممّا سبقها إليه المستشرقون في ما نشروه من كتب التراث العربي، إذ عرف عن هؤلاء منهجهم العلمي في تحقيق المخطوطات، مراجعة أصولها، موازنة بعضها ببعضها الآخر، كما أنهم أخرجوا ما نشروه في طبعات أنيقة مزوَّدة بالتعليقات المفيدة والفهارس الدقيقة.
كما كان لإنشاء المطابع وانتشار الطباعة أثر واضح في ظهور الصحافة. ومن المتفق عليه أنَّ الصحافة العربيّة ظهرت في الجمهورية العربيّة مصر قبل غيرها من البلدان العربيّ، حيث كان ذلك في النصف الأول من القرن التاسع عشر، فقد أنشأ نابليون عام 1800 ميلاديّة جريدة “التنبيه”. وأصدرت البعثة العلمية الفرنسية سلسلة تاريخية قام بتحريرها إسماعيل الخشّاب.
وعندما جاء محمد علي عمدَ إلى إصدار جريدة الوقائع ذاتِ الملكيّة المصرية لعام 1828 ميلاديّة، حيث كانت باللغتين: العربيّة، والتركيّة، ثم اقتصرت فقط على اللغة العربيّة.
كما تداول رئاسة تحريها بعض كبار الأدباء، منهم: الطهطاوي، حسن العطار، الشدياق، محمد عبده وعبد الكريم سليمان. وتلتها “المبشر” التي أصدرها الفرنسيون في الجزائر عام 1847 ميلاديّة، حيث كانت تصدر مرتين في الشهر وكان حجمها كبيراً وعباراتها ضعيفة، ثم توقفت الصحافة في مصر وظهرت في سورية، أولاً على على يد الإسرائيليين الأمريكيين، إذ أصدرا نشرة دينيّة عام 1851 ميلاديّة.
وفي تلك السنة أنشأ رزق الله حسون في اسطنبول “مرآة الأحوال”، حيث كانت تُعتبر أول جريدة عربيّة سياسيّة خاصة، لكنَّها لم تستمر بعد السنة إلّا قليلاً.
وأنشئت بعدها جريدة “السلطنة” في الآستانة عاصمة الدولة العثمانيّة التي كانت لجورج سلهوب عام 1857 ميلاديّة، بعدها “حديقة الأخبار” في بيروت عام 1858 ميلاديّة لخليل خوري.
كما بقيت تصدر بعد وفاة رزق الله حسون حتى عام 1909 ميلاديّة. وقد وصلت الصحافة العربيّ أوج ازدهارها ذلك بظهور”الجوانب” التي كانت للشدياق في إسطنبول للعام 1860 ميلاديّة، حيث ابقيت تصدر حتى عام 1884 ميلاديّة.
وصدرت في تونس صحيفة “الرائد التونسي” في عام 1861 ميلاديّة ، ثم “الجنينة” عام 1871 ميلاديّة. وفي عام 1866 ميلاديّة قام عبدالله أبو السعود في القاهرة على إنشاء الصحيفة السياسيّة التي أسماها”وادي النيل”. أمّا عن بغداد أنشئت “الزّوراء” في عام 1868 ميلاديّة، بعدها ظهرت عام 1870 ميلاديّة في بيروت صحيفة “البشير” التي كانت على أيدي الآباء اليسوعيين.
وساعدت هجرة العديد من السوريين إلى الجمهوريّة العربيّة المصريّة على تطوّر الصحافة، فنشأتْ العديد من الصحف والجرائد والمجلات، منها: جريدة “الكوكب الشرقي” التي كانت لسليم حموي حيث نُشأت في عام 1873 ميلاديّة، بالإضافة إلى جريدة الأهرام والتي كان يملكها الأخوين سليم وبشارة تقلا عام 1876 في الاسكندريّ. وبعدها انتقلت الجرائد إلى القاهرة ولا تزال تصدر حتى هذا اليوم، ثَم “الوطن” والتي كانت أيضاً لميخائيل عبد المسيح عام 1877 ميلاديّة.
ومن المُنتبه أنَّ الصحف ذات العروبة كانت في أولها ضعيفة الجُمل وركيكة التراكيب، يكثرعلى أسلوبها استخدام المحسنات البديعيّة: من سجع، وجناس، وطباق؛ ذلك لأنَّ أُسلوبها ابتعدَ عن الزخرفة والجمل غير الضرورية أو الركيكة والضعيفة، حيث توخّوا توظيف المعاني بدقة وبساطة ووضوح.

المصدر: الكامل في اللغة والأدب، للمبرد.تاريخ الأدب العربي، حنا الفاخوري.


شارك المقالة: