قصة قصيدة - أمن منزل قفر تعفت رسومه

اقرأ في هذا المقال


التعريف بالشاعر جميل بن المعمر:

أمَّا عن التعريف بشاعر هذه القصيدة: جميل بن معمر العذري القضاعي، يعد من شعراء العصر الأموي، فعرف عن جميل كريم النفس وشاعرًا فصيحًا وفارسًا شجاعًا، فكان شعر جميل مرهف الحس ورقيق المشاعر.

قصة قصيدة ” أمن منزل قفر تعفت رسومه “:

أمَّا عن مناسبة قصيدة ” أَمِن مَنزِلٍ قَفرٍ تَعَفَّت رُسومَهُ *** شَمالٌ تُغاديهِ وَنَكباءُ حَرجَفُ ” فيحكى أن جميل بن معمر قد أحب بثينة وقد كانا كلاهما من بني عذره ولكنهما من فرعين مختلفين، قد كان أول لقاء بينهما في المكان الذي يرعى به الإبل فحصل بينهم خلاف على ناقة وأنهى هذا الخلاف بقصة حب كبيره بين جميل وبثينة، ولكنّه لم يستطع أن يتزوجها لأنّه أهلها قد رفضوا زواجهما.

ظلت بثينة تهوى جميل التي كان حبها الأول والأخير، وقد بقيا يتقابلا سرا ولكن لقائاتهم كانت عفيفة، وحتى أن كلمة الجب العذري جاءت من اسم قبيلتهما ” بني عذرة ” ومن قصة حب جميل وبثينة.

تزوجت بثينة برجل آخر بعد أن أجبرت على الزواج منه وعندما عرف جميل بذلك جن جنونه وضاق به الحال فسافر إلى اليمن عند أخواله، وبعد فترة عاد إلى أهله بوادي القرى وكان حب بثينة لا يزال بقلبه، فوجدها قد غادرت إلى الشام مع أهلها فقرر أن يسافر إلى مصر فسافر وبقي هناك حتى مات، وهنالك كتب قصيدة في أيامه الأخيرة قبل موته وقال فيها:

وَما ذَكَرَتكِ النَفسُ يا بثنَ مَرَّةً
مِنَ الدَهرِ إِلّا كادَتِ النَفسُ تُتلَفُ

وَإِلا اِعتَرَتني زَفرَةٌ وَاِستِكانَةٌ
وَجادَ لَها سَجلٌ مِنَ الدَمعِ يَذرِفُ

تَعَلَّقتُها وَالجِسمُ مِنّي مُصَحَّحٌ
فَما زالَ يَنمي حُبُّ جُملٍ وَأَضعُفُ

إِلى اليَوم حَتّى سَلَّ جِسمي وَشَفَّني
وَأَنكَرتُ مِن نَفسي الَّذي كُنتُ أَعرِفُ


فوصل خبر وفاة جميل إلى بثينة حزنت حزنًا شديدًا وأنشدت شعرًا في رثى جميل.

وقال أيضاً جميل لمحبوبة بثينة:

أَمِن مَنزِلٍ قَفرٍ تَعَفَّت رُسومَهُ
شَمالٌ تُغاديهِ وَنَكباءُ حَرجَفُ

فَأَصبَحَ قَفراً بَعدَما كانَ آهِلاً
وَجُملُ المُنى تَشتو بِهِ وَتُصَيِّفُ

ظَلَلتُ وَمُستَنٌّ مِنَ الدَمعِ هامِلٌ
مِنَ العَينِ لَمّا عُجتُ بِالدارِ يَنزِفُ

أَمُنصِفَتي جُملٌ فَتَعدِلَ بَينَنا
إِذا حَكَمَت وَالحاكِمُ العَدلُ يُنصِفُ

قَناةٌ مِنَ المُرّانِ ما فَوقَ حَقوِها
وَما تَحتَهُ مِنها نَقاً يَتَقَصَّفُ

لَها مُقلَتا ريمٍ وَجيدُ جِدايَةٍ
وَكَشحٌ كَطَيِّ السابِرِيَّةِ أَهيَفُ

وَلَستُ بِناسٍ أَهلَها حينَ أَقبَلوا
وَجالوا عَلَينا بِالسُيوفِ وَطَوَّفوا

وَقالوا جَميلٌ باتَ في الحَيِّ عِندَها
وَقَد جَرَّدوا أَسيافَهُم ثُمَّ وَقَّفوا

وَفي البَيتِ لَيثُ الغابِ لَولا مَخافَةٌ
عَلى نَفسِ جَملٍ وَالإِلَه لَأُرعِفوا

هَمَمتُ وَقَد كادَت مِراراً تَطَلَّعَت
إِلى حَربِهِم نَفسي وَفي الكَفِّ مُرهَفُ

وَما سَرَّني غَيرُ الَّذي كانَ مِنهُمُ
وَمِنّي وَقَد جاؤوا إِلَيَّ وَأَوجَفوا

فَكَم مُرتَجٍ أَمراً أُتيحَ لَهُ الرَدى
وَمِن خائِفٍ لَم يَنتَقِصهُ التَخَوُّفُ

أَإِن هَتَفَت وَرقاءُ ظِلتَ سَفاهَةً
تبكي عَلى جُملٍ لِوَرقاءَ تَهتِفُ

فَلَو كانَ لي بِالصَرمِ يا صاحِ طاقَةٌ
صَرَمتُ وَلَكِنّي عَنِ الصَرمِ أَضعفُ

لَها في سَوادِ القَلبِ بِالحُبِّ مَنعَةٌ
هِيَ المَوتُ أَو كادَت عَلى المَوتِ تُشرِفُ

وَما اِستَطرَفَت نَفسي حَديثاً لِخلَّةٍ
أُسِرّ بِهِ إِلّا حَديثُكِ أَطرَفُ

وَبَينَ الصَفا وَالمَروَتَينِ ذَكَرتُكُم
بِمُختَلِفٍ وَالناسُ ساعٍ وَموجِفُ

وَعِندَ طَوافي قَد ذَكَرتُكِ مَرَّةً
هِيَ المَوتُ بَل كادَت عَلى المَوتِ تَضعفُ

المصدر: كتاب " مجنون ليلى " تأليف أحمد شوقيكتاب "مدخل لدراسة الشعر الحديث " إعداد إبراهيم خليلكتاب " تطور الشعر العربي في العصر الحديث " تأليف حلمي القاعود


شارك المقالة: