قصيدة - ألا ليت شعري والخطوب كثيرة

اقرأ في هذا المقال


ما لا تعرف عن مناسبة قصيدة “ألا ليت شعري والخطوب كثيرة”:

أمّا عن مناسبة قصيدة ” ألا ليت شعري والخطوب كثيرة ” خرج رجل من نجد إلى بلاد الشام في طلب إبل له، وفي طريقه مرّ بديار بني عامر، وبقي عندهم لبرهة من الزمن، ثم أكمل طريقه وفي ليلة شديدة المطر وبينما هو سائر،رأى خيمة فذهب باتجاهها، وكانت ثيابه مبتلة من المطر، وعندما إقترب من الخيمة، سمع إمرأة تقول له: إنزل أيها الرجل، فنزل وحطّ رحله، فقالت هذه المرأة لمن كان معها: إسألوا هذا الرجل من أين أتى؟، فقال الرجل: من ناحية نجد وتهامة، فقالت له: يا عبدالله، بمن نزلت هنالك؟، فقال لها: ببني عامر، فتنفست المرأة الصعداء، وقالت: بأبي ونفسي بنو عامر، ثم قالت للرجل: وهل سمعت بفتى يقال له قيس الملقب بالمجنون، فقال الرجل: نعم، والله لقد نزلت عند أبيه، وأتيت هذه الفتى وكان هائمًا في الصحراء مع الوحوش، لايعود له عقله حتى يتكر ليلى، فإذا ذكروها عاد إليه عقله، وأصبح يحدث بحديثها، وأنشد الشعر فيها.

وقامت المرأة برفع الستار الذي كان بينها وبين الرجل، فرآها وكانت كفلقة القمر، لم ير بجمالها من قبل قطّ، وقالت له: هل تحفظ من شعره شيء، فقال لها : بلى، فقد قال:

أَنيري مَكانَ البَدرِ إِن أَفَلَ البَدرُ
وَقومي مَقامَ الشَمسِ ما اِستَأخَرَ الفَجرُ

فَفيكِ مِنَ الشَمسِ المُنيرَةِ ضَوؤها
وَلَيسَ لَها مِنكِ التَبَسُّمُ وَالثَغرُ

بَلى لَكِ نورُ الشَمسِ وَالبَدرُ كُلُّهُ
وَلا حَمَلَت عَينَيكِ شَمسٌ وَلا بَدرُ

لَكِ الشَرقَةُ اللَألاءُ وَالبَدرُ طالِعٌ
وَلَيسَ لَها مِنكِ التَرائِبُ وَالنَحرُ

وَمِن أَينَ لِلشَمسِ المُنيرَةِ بِالضُحى
بِمَكحولَةِ العَينَينِ في طَرفِها فَترُ

وَأَنّى لَها مَن دَلَّ لَيلى إِذا اِنثَنَت
بِعَينَي مَهاةِ الرَملِ قَد مَسَّها الذُعرُ

فقالت المرأة له: هل تحفظ المزيد، فأنشد الرجل قائلًا:

أَلَيسَ اللَيلُ يَجمَعُني وَلَيلى
أَلا يَكفي بِذالِكَ مِن تَدانِ

تَرى وَضحَ النَهارَ كَما أَراهُ
وَيَعلوها الظَلامَ كَما عَلاني

فلم ينهي الرجل البيتين حتى شهقت المرأة شهقة، فنظر إلى وجهها وكانت تبكي حتى ظنّ أن كبدها قد تصدع، فقال لها: ألا تتقين ربك الذي إليه معادك؟، فلم تعقل ماقال لها، وأنشدت قائلة:

أَلا لَيتَ شِعري وَالخُطوبُ كَثيرَةٌ
مَتى رَحلُ قَيسٍ مُستَقِلٌّ فَراجِعُ

بِنَفسِيَ مَن لا يَستَقِلُّ بِنَفسِهِ
وَمَن هُوَ إِن لَم يَحفَظِ اللَهُ ضائِعُ

ثم أقام الرجل في ديارها ثلاثة أيام، وفي هذه الأيام بقيت تسأل عن أخبار قيس وتبكي، وعندما أراد الرحيل سأل عنها، وقيل له بأنّها ليلى العامرية.

المصدر: كتاب " أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون " تأليف سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوثكتاب " الشعر والشعراء " تأليف أبن قتيبةكتاب " مجنون ليلى " تأليف أحمد شوقيكتاب " مجنون ليلى " شرح وتحقيق جلال الدين الحلبي


شارك المقالة: