التعرض البيئي والآثار الصحية المرتبطة بسمية الملاثيون

اقرأ في هذا المقال


أهمية الإشارة الى الآثار الصحية المرتبطة بسمية الملاثيون:

تعتبر مبيدات “الفوسفات العضوية” (OP) هي مجموعة من المواد الكيميائية التي لها العديد من الاستخدامات المنزلية والصناعية، وتاريخياً فقد تم استخدامها بشكل شائع “كمبيدات حشرية” وكانت مسؤولة عن عدد من حالات التسمم بمبيدات الآفات.

كما تمثل مبيدات الآفات حوالي 70٪ من استخدام مبيدات الآفات في الولايات المتحدة، وقد أصبحت المبيدات الحشرية الأكثر استخداماً، وذلك بسبب الثبات العالي والتراكم والسمية لمبيدات الحشرات العضوية مثل (DDT)، (BHC )، (OPs)، وهي عبارة عن مبيدات حشرية تحتوي على الفوسفور تم تطويرها في الأصل في الأربعينيات من القرن الماضي كعوامل حرب بيولوجية شديدة السمية.

كما تشتمل هذه المجموعة من المواد الكيميائية على المبيدات الحشرية مثل الملاثيون والديازينون والكلوربيريفوس وميثيل الباراثيون والباراثيون، كما تم استخدام هذه المركبات لأول مرة في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية كعوامل أعصاب سامة، حيث تشتمل المشتقات الحديثة على عوامل شديدة السمية العصبية مثل السارين والسومان والتابون، كما تتمثل الآلية الرئيسية للعمل السام لـ (OPs) في تثبيط نشاط إنزيم (acetylcholinesterase)، مما يتسبب في أضرار عصبية وتنفسية قد تؤدي إلى الوفاة.

حيث لم يتم اكتشاف حجم التأثير الضار على الكائنات الحية حتى الحرب العالمية الثانية من خلال البحث الذي تم إجراؤه لتحديد سمية “غازات الأعصاب” المستخدمة لأغراض عسكرية، وذلك على الرغم من أنها تم إنتاجها خلال حقبة الحرب العالمية الثانية، إلا أن غازات الأعصاب لم تستخدم حتى الحرب العراقية الإيرانية وأثناء حادثة في طوكيو باليابان.

الخصائص الفيزيائية والكيميائية للملاثيون:

كمبيد حشري (OP)؛ فقد تم تسجيل الملاثيون لأول مرة للاستخدام في الولايات المتحدة في عام 1956م، وذلك من قبل وزارة الزراعة الأمريكية (USDA)، كما أن الملاثيون عبارة عن “مبيد حشري واسع النطاق” يستخدم لمكافحة مجموعة متنوعة من الحشرات الخارجية في كل من البيئات الزراعية والسكنية.

كما تشير تقديرات وكالة حماية البيئة الأمريكية إلى استخدام أكثر من 30 مليون رطل من الملاثيون سنوياً، وغالباً ما يستخدم حوالي 60 بالمائة في البرامج الفيدرالية وبرامج الولاية للقضاء على الحشرات مثل سوسة اللوز والجنادب وذباب الفاكهة، كما أنه يستخدم كمبيد حشري فعال لمكافحة البعوض في المناطق السكنية وكذلك لمكافحة الحشرات على مجموعة متنوعة من المحاصيل الغذائية.

كما تمت الموافقة على الملاثيون أيضاً من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) لإضافته إلى الشامبو من أجل السيطرة على قمل الرأس، كما تم تطوير كلمات إشارة تتراوح من “تحذير” إلى “خطر”، وذلك اعتماداً على السمية المركبة للمكون النشط ومكونات المنتج الأخرى.

حركة السموم المتعلقة بالملاثيون:

الامتصاص والتوزيع:

يحدث امتصاص الملاثيون من خلال الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي ومسار الامتصاص الأولي والجلد، حيث يعد تناول الطعام أو الماء الملوث هو الطريق السائد للتعرض للملاثيون لعامة السكان، وذلك مقارنةً بالطرق الجلدية والاستنشاق.

كما أن الطريق السائد للتعرض المهني لعامة السكان هو من خلال ملامسة الجلد، وذلك على الرغم من أنه من المعروف جيداً، حيث أن الملاثيون يمتص بسرعة من خلال الجهاز الهضمي والجلد، إلا أنه لا يُعرف الكثير عن مصيره من التعرض للاستنشاق.

كذلك يمكن نقل الملاثيون الممتص عن طريق الدم وتوزيعه على العديد من الأعضاء والأنسجة بما في ذلك الكبد، حيث يتم استقلابه لتكوين مالوكسون، وفي النظم البيولوجية، قد يكون للملاثيون ومستقلباته إمكانية تراكم منخفضة للغاية ويتم التخلص منها عن طريق البول في غضون أيام قليلة.

لذلك يجب إجراء تحليل الملاثيون أو مستقلباته في البول في غضون أيام قليلة بعد التعرض، كما أن تركيزاتها في الأنسجة وسوائل الجسم هي مؤشرات حيوية مهمة للتعرض، وحالياً هناك ندرة في البيانات العلمية المتعلقة بتركيزات الملاثيون في الأنسجة البشرية.

طريقة العمل:

تشترك مبيدات الآفات (OP) بما في ذلك الملاثيون في طريقة عمل مشتركة، كما ترتبط بإنزيم أستيل كولينستراز (AChE) عند النهايات العصبية في جميع أنحاء أجسام الحشرات والكائنات الحية الأخرى، بحيث يلعب (AChE) دوراً رئيسياً في النقل المتشابك للنبضات العصبية.

كما يؤدي تثبيطه إلى انسداد إرسال الإشارات، مما يؤدي إلى تسمم يتجلى في القلق وفرط الاستثارة والتشنجات والشلل والموت، كما تم الإبلاغ عن طريقة عمل مماثلة لجميع المبيدات الحشرية (OP)، ومن المعروف أن مالاوكسون، وهو المستقلب السام للملاثيون، يحظر تأثير مماثل في الثدييات.

ومع ذلك؛ فإن علامات وأعراض سمية الملاثيون تختلف في الثدييات والحشرات لأنه في الثدييات لا يكون (AChE) نشطاً في الجهاز العصبي المركزي، بل في الأعصاب التي تتصل بالعضلات، كما أن الملاثيون سام عن طريق ملامسة الجلد والابتلاع والتعرض للاستنشاق.

وفي ظل الظروف العادية؛ فإن يرتبط (AChE) بالناقل العصبي أستيل كولين (ACh) عند تقاطع العصب، مما ينهي بشكل فعال تحفيز العصبون التالي، حيث أن الآثار الناتجة عن تسمم الملاثيون تشمل الأرق، كذلك فرط الاستثارة والتشنجات وعدم وضوح الرؤية وسيلان اللعاب وصعوبة التنفس.

كما تم الإبلاغ عن متلازمة وسيطة (اعتلال الأعصاب المتأخر) في البشر نتيجة التعرض الحاد لكميات عالية من الملاثيون، بحيث تشمل الأعراض ضعف في العديد من الأعصاب القحفية الحركية وضعف في عضلات الرقبة وعضلات الأطراف القريبة وشلل تنفسي.

التمثيل الغذائي والتوزيع:

من دراسة في الجسم الحي لفحص عملية التمثيل الغذائي وتوزيع الملاثيون، تم العثور على عشرة نواتج أيضية في بول وبراز الفئران التي تعرضت مسبقاً للملاثيون الموسوم إشعاعياً، حيث تم إفراز كمية كبيرة من المركب الموسوم إشعاعياً بنسبة (80٪) في البول، كما وتتكون أساساً من حمض الملاثيون ثنائي الكربوكسيل وحمض الثيوماليك وأحماض الملاثيون الأحادية بدرجة أقل.

كانت تركيزات (Malaoxon) و (desmethyl Malathion) و (O-dimethyl phosphorothioate) و (monoethyl fumarate) و (thiomalic acid) منخفضة نسبياً، حيث تم الإبلاغ عن نواتج أيضية مماثلة للملاثيون في كل من البشر والجرذان، وذلك باستثناء مونوميثيل وثنائي ميثيل الفوسفات التي تم اكتشافها في البشر وحمض الثيوماليك وأحادي إيثيل فوماريت التي وجدت في الفئران.

أيضاً تمت الإشارة إلى أن المكونات الأخرى في المنتجات المحتوية على الملاثيون يمكن أن تعزز تأثيرها السام عن طريق تعطيل نشاط إنزيمات الكربوكسيستيراز التي تحفز تحولها إلى مالاوكسون، كما أن هذه المكونات الأخرى لمركبات الملاثيون هي شوائب قد تنتج عن التلوث أثناء التصنيع أو تخزين المواد الكيميائية من خلال عمل الكربوكسيل استيراز.

حيث يتحلل كل من الملاثيون والمالوكسون إلى منتجات أيضية أكثر قابلية للذوبان في الماء وأقل سمية في البشر، كما لا توجد الكربوكسيل استيراز في الدم، ولكنها موجودة بشكل رئيسي في الكبد الذي يشكل العضو الرئيسي للتحول الأحيائي.

وفي الفئران؛ فقد تم العثور عليها في العديد من الأعضاء بما في ذلك الكبد ومصل الدم والكلى، حيث تشمل المسارات الأيضية الثانوية نزع الكبريت التأكسدي إلى مالوكسون والتحلل المائي إلى الفوسفاتاز وإزالة الألكلة إلى ديسميثيل مالاثيون.

المصدر: Tomlin, C.D.S. (ed.). The Pesticide Manual - World Compendium, 11th ed., British Crop Protection Council, Surrey, England 1997, p. 755Downs AM, Stafford KA, Harvey I, Coles GC (1999). "Evidence for double resistance to permethrin and malathion in head lice". Br. J. Dermatol. 141 (3): 508–11 Rodriguez, O. P.; Muth, G. W.; Berkman, C. E.; Kim, K.; Thompson, C. M. (February 1997). Colovic, Mirjana B.; Krstic, Danijela Z.; Lazarevic-Pasti, Tamara D.; Bondzic, Aleksandra M.; Vasic, Vesna M. (2013).


شارك المقالة: