الاتجاهات على الخريطة الجغرافية

اقرأ في هذا المقال


ما هي الاتجاهات على الخريطة الجغرافية؟

إن كل شيء يتحرك يأخذ طريقاً معيناً نسميه اتجاهاً، والاتجاه عبارة عن زاوية تكون محصورة بين خطين، كما أن الإنسان كان قادراً على تحديد بعض الاتجاهات وقام بتسميتها مستعيناً بظاهرات طبيعية محددة ومعروفة، والإحساس بالاتجاهات أمر مشاهد وملموس بين الكائنات الحية بشكل عام، وذلك ابتداء بالحشرات وحتى الإنسان.
إن الإحساس بالجهات الذي يمكن أن نسميه غريزة قد ثبت أنه ليس خيالياً، ويمكن أن نقول بأن هذا الإحساس هو إدراك الظواهر التي تقوم بتحديد طريقاً أو منطقة ما عن طريق العين أو الأذن أو الأنف، إن الطيور المهاجرة التي تسافر ليلاً يعتقد أنها تستعين بالنجوم.
أمَّا أسفارها خلال النهار فهناك ظاهرات طبيعية قد تساعدها مثل (التلال، الجبال، الجزر والرياح وغيرها)، بالإضافة إلى ذلك فإنها من الممكن أن تسترشد بظاهرات فلكية كالشمس ساعة الشروق وقبل الغروب، ورحلاتها الظاهرية شمالاً وجنوباً عبر خط الاستواء، وبالنسبة للحمام الزاجل فإن أمره من حيث معرفة الطريق التي تؤدي إلى موطنه الأصلي لا يزال مثار نقاش وجدل، بعضهم يقول إنها الغريزة، وبعضهم يقزل بأنه يوجد موجات كهرومغناطيسية يوجه الحمام الزاجل نفسه في الجو تبعاً لها إلى أن تتطابق مع خلايا معينة في دماغه.
إن لكل حيوان طريقة أو عدة طرق يستخدمها من أجل أن يتعرف على طريق عودته، بعضها نعرف عنه والبعض الآخر معرفتنا عنه قليلة، هناك أسماك تهاجر عبر المحيطات ذهاباً وإياباً وهي تقطع آلاف الأميال وتتبع طرقاً معينة لا تحيد عنها كثيراً، والجهات الأصلية أربعاً هي: الشمال والجنوب والشرق والغرب، والجهات الفرعية يمكن أن تكون أربعاً أو أضعاف هذا العدد.

كيف عرف الإنسان الجهات الأصلية؟

لقد عرف الإنسان الجهات الحقيقية منذ زمن بعيد بواسطة الشمس والنجوم، وعندما زادت حاجته لتحديد الظاهرات بشكل أدق لجأ إلى استعمال الجهات الفرعية وبدأ في استخدامها في تحديد واحدة أو أكثر من الظاهرات التي تحيط به حسب حاجته وتطور تحديد الاتجاهات فيما بعد باستخدام الموجات.
ولا يزال الإنسان حتى اليوم يستخدم الشمس والنجوم لتحديد الجهات على سطح الأرض، كما أنه اخترع وسائل أخرى للتعرف على الجهات، ومن أهم هذه الوسائل ما يلي: (البوصلة، الساعة، الظل، الشمس، النجوم)، تدور الكرة الأرضية حول نفسها دورة كاملة كل يوم، وأيضاً تدور دورة واحدة حول الشمس في كل عام، ونظراً لأن الأرض تدور حول نفسها من الغرب إلى الشرق فإن الإنسان منذ القدم لاحظ أن الشمس تشرق من جهة معلومة وتغرب في الجهة المقابلة.
وقام العرب يتسمية جهة الشروق شرقاً بينما سموا الجهة التى تغرب فيها الشمس بالغرب، ورغم أن الشمس تشرق من جهة وتغيب من جهة أخرى إلا أن مكان إشراقها غير ثابت ويختلف من يوم لآخر، كما هو الحال أيضاً بالنسبة لمكان الغروب؛ إن السبب في ذلك يعود إلى ميلان محور الأرض القطبي بمقدار 23.5 عن أي خط عمودي على سطح الدوران.
ولو فرض أن محور الأرض كان بشكل عمودي لبقي مكان شروق الشمس واحداً وأيضاً مكان غروبها على مدار العام. وعلى كل حال فإن أماكن شروق الشمس كل يوم تقع جهة الشرق وأماكن غروبها تقع جهة الغرب، بالإضافة إلى ذلك فإن أماكن الشروق مهما كثرت إلا أنها يمكن أن تحدد مواقعها على قوس ينطبق على الأفق وينحصر بين مدار السرطان شمالاً ومدار الجدي جنوباً، وأيضاً الحال بالنسبة لأماكن الغروب من بداية فصل الصيف حينما تكون أشعة الشمس بشكل عمودي على مدار السرطان وذلك في 21 يونيه حتى بداية فصل الشتاء عندما تكون أشعة الشمس عمودية على مدار الجدي جنوباً.
وإذا عرفنا جهة واحدة فإنه من السهل علينا معرفة الجهات الأصلية والفرعية الأخرى، فمثلاً عندما نعرف جهة الشرق عن طريق شروق الشمس فإنه بإدارة وجهنا لتلك الجهة يكون الغرب خلفنا والشمال على يسارنا والجنوب على يميننا، بالطبع من الصعب تحديد جهة الشروق أو الغروب في وقت الضحى وفي منتصف النهار خلال فترة ما بعد الظهر ولكن من الممكن إذا ما عرفنا في أي وقت من أيام العام نحن وأيضاً عرفنا موقعنا من القوس الذي ينحصر بين مداري السرطان والجدي فإنه يسهل علينا في كثير من الأحيان معرفة الشمال أو الجنوب عن طريق الظل على وجه التقريب.
حتى فترة قريبة جداً كان كثير من سكان شبة جزيرة العرب عن طريق النجم يهتدون في ترحالهم وأسفارهم في البر والبحر، وكما نعرف أن العرب كانوا من أقدم الأقوام وأبرعهم في علم الفلك، وليس عجيب أن نجد كثيراً من الأجرام السماوية والتعبيرات الفلكية قد اشتقت أسماؤها في اللغات الثانية من اللغة العربية، ومن المعروف أن القبة السماوية مزينة بالنجوم والأجرام السماوية الأخرى ليلاً ونهاراً، ولكننا لا نراها خلال النهار نظراً لقوة ضوء الشمس الذي تختفي معه أضواء النجوم.
والنجوم لا تكون واضحة جميعها لكل من يراقبها بدقة، إنها تبزغ وترتفع إلى كبد السماء ثم تغيب، إن هناك بعض النجوم لا يمكننا أن نقول عنها بأنها بزغت أو غابن، يقول جورج أبيل (George O. Abel) أحد أساتذة جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، بهذا الخصوص ما يمكن إيجازه كالآتي: توجد نقطة في السماء أعلى من القطب الشمالي تماماً وتدور حولها قبة الفلك Celestial Sphere، وأن الأجرام السماوية القريبة من هذه النقطة تضل ظاهرة في أعلى دائرة الأفق على طول وهذا يعني أن تلك الأجرام لا تغرب ليلاً أو نهاراً على مدار العام، وبالطبع نحن لا نراها نهاراً بسبب وهج الشمس.
ويعتبر النجم القطبي The Star Polaris والذي أشتهر باسم نجم الشمال The North Star أحد نجوم قبة الفلك التي تم ذكرها، كما نعرف أن ذلك النجم يكاد يكون ثابتاً؛ نظراً لوقوعه على بعد درجة واحدة من مركز قبة الفلك الذي يعلو القطب الشمالي، وهذا يعني أن النجم القطبي يحدد لنا جهة الشمال ليلاً نحن سكان نصف الكرة الشمالي.
والنجم القطبي ذو لمعان شديد وهو أحد مجموعة من النجوم تعرف بمجموعة الدب الأصغر، ويمكن التعرف على النجم القطبي عن طريق مجموعة نجمية قريبة من المجموعة الأولى ويطلق عليها اسم مجموعة الدب الأكبر، وتتكون المجموعة الأخيرة من سبعة نجوم تبدو في وسط السماء دواماً على شكل علامة استفهام أو مغرفة، وإذا أردنا التعرف عليه، يجب أن نتعرف بالبداية على مجموعة الدب الأكبر، وبعد ذلك نحدد مكانه بلمعانه أولاً ثم بوقوعه على استقامة الخط والواصل بين آخر نجمين في مجموعة الدب الأكبر، وموقع هذا النجم يحدد لنا الشمال الجغرافي، وبمعرفة الشمال عادة يسهل على المرء معرفة الجهات الأصلية الثانية.

المصدر: محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.


شارك المقالة: