الجغرافية التطبيقية في خدمة التجارة

اقرأ في هذا المقال


كيف قامت الجغرافية التطبيقية في خدمة التجارة؟

التجارة في أبسط معانيها هي تغيير أماكن السلع، حيث يتم نقل السلع من أجل زيادة المنفعة نتيجة لواحد أو أكثر من الأسباب التالية:

  • وفرتها في أماكن إنتاجها بحيث تزيد على حاجة السكان.
  • الحاجة إليها في الأماكن المنقولة إليها.
  • ضمان أرباح مجزية تغطي مصاريف نقلها وأرباح كافية لمن يمارسها، وهذا يعني أن التجارة ما هي إلا عملية نقل السلع من مكان إلى آخر ترتفع فيه قيمتها، أو نقل السلعة من مناطق إنتاجها إلى مناطق استهلاكها، كما تعتمد التجارة أساساً على اختلاف السلع بين مناطق العالم المختلفة؛ وذلك بسبب اختلاف الظروف الجغرافية، وعلى وجود فائض، ومن أهم العوامل الجغرافية التي أدت إلى نمو التجارة.
    يؤدي اختلاف الظروف الجغرافية إلى اختلاف الإنتاج الاقتصادي، وبهذا تختلف صادرات الأقاليم ووارداتها، ومن المعروف أن العالم ينقسم إلى عدة أقاليم مناخية عامة لكل منها سماتها المناخية وغلاتها النباتية التي تتلائم وهذه الظروف المناخية، وعلى سبيل المثال تختلف غلات مناطق البحر المتوسط عن غلات الأقاليم الاستوائية، ممَّا يساعد على قيام تبادل تجاري بين هذه الأقاليم ذات المنتجات المختلفة.
    كما تختلف مناطق العالم في ثرواتها المعدنية، فالبعض منها صخوره نارية غرانيتية تحتوي على الحديد والذهب، والبعض الآخر صخوره رسوبية تحتوي على البترول أو الفوسفات، وعلى أساس هذا الاختلاف يقوم التبادل التجاري، وإن بعض دول العالم متقدم اقتصادياً، وبعضها الآخر ما زال دون ذلك.
    ونلاحظ أن بعض الدول يعتمد على الزراعة والرعي أو الجمع والالتقاط، والبعض الآخر يعتمد على النشاط الصناعي، ومن الطبيعي أن تصبح حركة التبادل التجاري نشيطة بين الدول الصناعية والدول ذات المنتجات الأولية، إذ أن الدول الصناعية تستورد الخامات من هذه الدول وتصدر إليها المنتجات الصناعية، وعلى ذلك تعتبر هذه الدول النامية أسواقاً للمنتجات الصناعية، ومستودعات للخامات الأولية للصناعات المختلفة.
    تبين للدول خلال القرنين الماضيين ما تنتجه الصناعة من أرباح تفوق ما تنتجه الزراعة، لذلك سارعت هذه الدول في الاتجاه نحو التصنيع والاعتماد على الدول الأخرى لتوفير حاجياتها من المنتجات الزراعية، وبهذا أصبحت الدول الصناعية مرتاحة لتوفير بعض المواد الغذائية للعمال الصناعيين بأسعار تقل عما لو قامت هي بإنتاجها، كما عملت هذه الدول الصناعية على الحصول على المواد الخام الزراعية والمعدنية اللازمة بأسعار رخيصة، وعملت أيضاً على ضمان وجود أسواق لتصريف منتجاتها الصناعية.
    وقد سارعت بعض الدول الصناعية إلى عقد اتفاقيات ومعاهدات من أجل أن تضمن توافر المتطلبات السابقة، كما لجأت بعض الدول الأخرى إلى فرض سيطرتها الاستعمارية على دول كثيرة، كما قامت كل من بريطانيا وفرنسا في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين من أجل ضمان الحصول على المواد الخام، حيث أن السكان هم المستهلكون للإنتاج، لذلك يؤثر عددهم وتوزيعهم في التجارة بشكل كبير.
    كما أن بعض الدول يزيد عدد سكانها ولا يكفيها إنتاجها الزراعي فتكون مضطره إلى سد حاجيات السكان عن طريق الاستيراد، وبعض الدول يفيض إنتاجها من سلعة معينة على حاجة سكانها، ممَّا يدفع هذه الدول إلى تصدير الفائض واستيراد ما يلزمها.
    تختلف دول العالم من حيث عاداتها وتقاليدها وأديانها، ويتسبب هذا الاختلاف إلى تنوع الإنتاج، فإن فرنسا تعرف بإنتاج أدوات الزينة، في حين أن سويسرا تعرف بشهرتها في صناعة الساعات والأجهزة الطبية؛ وذلك نظراً لاهتمام الشعب السويسري بالصناعات الدقيقة، كما أن اليابانيين يميلون إلى التقليد في جميع الصناعات؛ وذلك لرغبتهم الشديدة في اكتساح الأسواق واكتساب أرباح سريعة، ولا شك أن الاختلاف في الأذواق والعادات والتقاليد أدى إلى اكتساب بعض الدول شهرة في إنتاج سلع معينة وبالتالي قام بينها التبادل التجاري.
    يؤثر اختلاف الأسعار في حركة التجارة، والإنسان يهتم بالسلع ذات الأسعار الرخيصة إذا تساوت هذه السلع من حيث جودتها، لذا فإن بعض الدول تضطر إلى فرض الحماية الجمركية حتى لا تطغى السلع المستوردة على المنتجات المحلية أو الوطنية، وتؤدي الجغرافيا خدمات كثيرة للتبادل التجاري، فعندما ترسم خرائط لتوزيع السلع التجارية يستطيع التاجر أن يتبين أنماط هذا التوزيع، وتظهر له بعض الاستثناءات التي تحتاج إلى تفسير، فمن الممكن أن تكون بعض المناطق أنشط من حيث توزيع السلع التجارية؛ لوجود وكيل تجاري أو مندوب نشيط، أو يكون سبب ذلك هو الإعلانات الصحفية المؤثرة، وربما لا تتوزع السلع في منطقة ما؛ لأنها لا تلائم أذواق المستهلكين هناك.
    كما أن نعرف الظروف الجغرافية للأماكن المختلفة، وأن نحاول أنت تكون السلع التجارية متلائمة مع هذه الظروف يتيح سوقاً رائجة لها، فمثلاً لا تصدر الملابس الصوفية إلى أغلب المناطق الاستوائية، ولا تصدر لحوم خنازير أو خمور إلى دول إسلامية وهكذا.

المصدر: يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.


شارك المقالة: