الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ القارة الأفريقية

اقرأ في هذا المقال


ما هي الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ القارة الأفريقية؟

لا يوجد في وقتنا الحاضر بيانات كافية عن أنواع الكتل الهوائية التي تؤثر في مناخ الأقاليم المختلفة للقارة الأفريقية، ولكننا مع ذلك نستطيع أن نُكون بشكل عام فكرة عن هذه الكتل وذلك على أساس نظام هبوب الرياح وتوزيع درجة الحرارة في الفصول المختلفة، سواء كان على القارة نفسها أو على اليابس والماء الذي يحيط بها، وكما نتوقع فإننا نلاحظ أن الكتل الهوائية المدارية هي من أكثر أنواع الكتل الهوائية تأثيراً على مناخ الجزء الأكبر من القارة بينما يقتصر أثر الكتل الهوائية القطبية على أماكن محدودة داخل أطرافها الشمالية والجنوبية، ويمكننا أن نذكر بشكل مختصر أهم أنواع الهواء التي تؤثر على مناخ أفريقيا بشكل عام كما يلي:

  • الهواء المداري: حيث أنه إمَّا أن يكون مدارياً بحرياً (mt) ويكون مصدره المحيط الأطلسي الجنوبي من جهة والمحيط الهندي من جهة أخرى أو مدارياً قارياً (ct) يحدث على القارة نفسها أو يصل إليها من أوروبا وآسيا.
  • الهواء القطبي: إمَّا أن يكون قطبياً بحرياً أساسه المحيط الأطلسي الشمالي أو قطبياً قارياً أساسه السهول الوسطى والشمالية لقارة أوروبا.
    وممَّا يتم ملاحظته أن كل نوع من هذه الأنواع من الممكن أن يوصف بأنه مستقر أو غير مستقر وذلك بحسب الاختلاف بين درجة حرارته ودرجة حرارة الأماكن التي يذهب إليها، فالهواء المستقر هو الذي تكون درجة حرارة المكان الذي يصل إليه أقل من درجة حرارته، حيث يتم ترميزه بالحرف (w) والعكس في حالة الهواء غير المستقر الذي يرمز بالحرف (k) وعلى هذا الأساس نجد، على سبيل المثال بأنه يوجد نوعين من الهواء المداري البحري أحدهما يكون الهواء مستقر (Mtw) والآخر هواء غير مستقر (mtk)، ونستطيع أن نُلقي نظرة بشكل عام على توزيع الأنواع المتباينة من الهواء على قارة أفريقيا خلال فصل الشتاء وفصل الصيف كما يلي:
  • فصل الشتاء (يناير):
    • الهواء المداري: حيث أن الصحراء الكبرى بسبب كبرها وأنسجام سطحها بشكل عام تعتبر من أهم أماكن حدوث الكتل الهوائية المدارية القارية في العالم (ct)، حيث يتميز هواؤها بأنه شديد الجفاف طول العام، وبأنه شديد الحرارة خلال فصل الصيف ويميل للبرودة خلال فصل الشتاء، وهذا هو الهواء الذي يسيطر في فصل الشتاء على الأحوال الجوية في كل من شمال أفريقيا تقريباً حتى قرب خط الاستواء.
      ولهذا فإن أغلب هذا الجزء من القارة يسوده في هذا الفصل جو صحو عديم الأمطار خاصة في العروض التي تنحصر بين خطي عرض 15 درجة و30 درجة شمالاً، أمَّا في الأماكن التي تمتد على طول البحر المتوسط في الشمال وعلى طول ساحل غانة في الجنوب، فإن هذا الهواء يؤدي في كثير من الأحيان إلى ظهور السحب وهطول بعض الأمطار خاصةً عندما يلتقي بجبهة باردة، حيث أنه يضطر في هذه الحالة للارتفاع فوق هذه الجبهة.
      وفي جنوب القارة يحدث الهواء المداري كذلك في مكان حوض كلهاري ولكن على مجال يكون أضيق ممَّا يحدث في الصحراء الكبرى، ويسيطر هذا الهواء بشكل خاص على جنوب غرب القارة الأفريقية، وبسبب شدة الحرارة في جنوب القارة خلال هذا الفصل (الصيف الجنوبي)، فإن التيارات الهوائية المرتفعة تكون نشطة في هذا النوع من الهواء ويؤدي ذلك إلى هطول بعض الأمطار، ولكنها تكون قليلة؛ وذلك بسبب قلة بخار الماء الذي يحمله الهواء (المداري القاري).
      أمَّا الهواء المداري البحري فيظهر أثره بوضوح داخل منطقتين مختلفتين من القارة الأفريقية وهما السواحل الشرقية الموجودة ما بين رأس الرجاء الصالح في الجنوب وخط عرض 5 درجة جنوباً في الشمال، فيصل إلى هذه السواحل هواء يكون مداري بحري غير مستقر من المحيط الهندي مع الرياح التجارية الجنوبية الشرقية.
      حيث أن هذا الهواء يكون محمل بكميات كبيرة من بخار الماء، ونظراً لأن جنوب القارة يكون شديد الحرارة خلال هذا الفصل فإن هذا يعمل على زيادة حالة عدم الاستقرار في الهواء عندما ينتقل من البحر إلى اليابس، ويترتب على ذلك هطول الكثير من الأمطار فوق كل من السواحل والمنحدرات الشرقية للجبال والهضاب التي تكون بالقرب من هذه السواحل، أيضاً ساحل غانة حيث يسبب الهواء المداري غير المستقر إلى هطول كميات كبيرة من الأمطار.
    • الهواء القطبي: ولأن القارة الأفريقية في أغلبها تقع داخل العروض الحارة، حيث أن تأثير الهواء القطبي على مناخها يكون أقل من تأثير الهواء المداري، ولذلك فإن أثر الهواء القطبي يقتصر في الغالب على الأطراف الجنوبية للقارة، فخلال فصل الشتاء الشمالي نجد أن حدوث المنخفضات الجوية على البحر المتوسط من الغرب إلى الشرق يؤدي إلى وصول تيارات من الهواء القطبي البحري (MP) في نهاية هذه الانخفاضات إلى السواحل الشمالية الغربية الأفريقية، حيث يؤدي وصولها إلى هطول الأمطار على هذه السواحل.
      كما أن الأمطار تكثر بشكل خاص على المنحدرات الشمالية والغربية، وأساس هذا الهواء هو الكتل الهوائية القطبية البحرية التي تحدث على المحيط الأطلسي الشمالي، وقد يصل أثره في بعض الأحيان إلى السواحل الشمالية لجمهورية مصر العربية وليبيا، حيث يؤدي إلى هطول بعض الأمطار.
      ولكن يلاحظ أن أغلب الهواء القطبي الذي يتم وصوله إلى هذه السواحل الأخيرة خلال فصل الشتاء يكون في الأساس من النوع القاري (CP) الذي يحدث على السهول الوسطى والشمالية لقارة أوروبا، ولكن مروره فوق المياه الدافئة للبحر المتوسط يسبب في ارتفاع درجة حرارة الطبقة التي تحته وارتفاع نسبة بخار الماء بها، كما يسبب في ظهور حالة من عدم الاستقرار في هذا الهواء، ولهذا فإنه يكون سبباً في هطول بعض الأمطار على شمال ليبيا ومصر وهو يأتي عادة في نهاية المنخفضات الجوية التي تدخل البحر المتوسط من جهة الغرب في فصل الشتاء وكثيراً ما تحدث معه موجات من البرد القاسية.
  • فصل الصيف (يوليو):
    • الهواء المداري: حيث تبقى الصحراء الكبرى خلال هذا الفصل أيضاً مركزاً لحدوث الهواء المداري القاري، حيث يكون ذو حرارة وجفاف شديدان، وكما أنه بالرغم من أن اشتداد الحرارة داخل الصحراء يؤدي إلى عدم استقرار هذا الهواء إلا أن صغر كمية الرطوبة التي تكون عالقة به لا تسمح إلا بهطول كميات قليلة جداً من الأمطار.
      ويصل إلى السواحل الشمالية للقارة في هذا الفصل من جهة البحر المتوسط نوع من الهواء المداري القاري المعدل يكون أساسه الأجزاء الجنوبية من أوروبا، ورغم أن هذا الهواء يحدث فوق مياه البحر المتوسط فإنه يبقى محتفظاً في أغلب قطاعاته بالصفات القارية، إلا في أجزائه الدُنيا التي تزداد فيها نسبة بخار الماء، ولكن هذه الزيادة لا تظهر في الطبقات العليا منه؛ لأن البحر المتوسط يكون عند ذلك أساساً لضغط مرتفع يميل فيه الهواء للسقوط إلى أسفل، ولذلك فإن هذا الهواء يكون رغم الرطوبة التي يحملها داخل أجزائه السفلى، مصحوباً بجو صافٍ لا يوجد به سُحب نتيجة لجفاف الطبقات العليا منه، وإذا ما انتقلنا إلى جنوب القارة فإننا نرى بأن الهواء المداري القاري الذي يظهر في هذا الفصل (الشتاء الجنوبي) يميل للبرودة كما يكون أكثر استقراراً من الهواء المداري القاري الذي رأيناه في الشمال.
      أمَّا الهواء المداري البحري فيحدث خلال فصل الصيف داخل المجال الذي يكون محصور بين كل من خط عرض 5 درجات و15 درجة شمال خط الاستواء، حيث أنه يأتي من المحيط الأطلسي من الرياح الجنوبية الغربية التي يتسع مجال هبوبها في هذا الفصل؛ بسبب تزحزح مجال الضغط المنخفض الاستوائي باتجاه الشمال، ونظراً لشدة حرارة سطح اليابس فإن الهواء الذي يأتي إليه يصبح في حالة من عدم الاستقرار، ويكون السبب في هطول أمطار كثيفة خاصة على ساحل غانة ومنحدرات الجبال التي تواجه حدوث الرياح الجنوبية الغربية، مثلما هو موجود فوق المنحدرات الجنوبية لمرتفعات غانة الغربية (فوتاجالون) والمنحدرات الغربية الموجودة على جبال الكاميرون.
      كما أن الهواء المداري البحري يظهر أيضاً في الفصل الشتاء الجنوبي على الجزء الشرقي من جنوب القارة ما بين كل من خط الاستواء وخط عرض 30 درجة جنوباً تقريباً، ولكن بسبب برودة اليابس فإن هذا الهواء يكون أقرب إلى الاستقرار، ويكون قليل الأمطار، كما يحدث هذا الهواء أيضاً على السواحل الشمالية الغربية للقارة وعلى سواحلها الغربية في الجزء الذي يقع إلى الجنوب من خط الاستواء، إلا أن هذا الهواء يكون كذلك من النوع المستقر الذي لا يساعد على هطول أمطار كثيرة.
    • الهواء القطبي: كما هو الحال خلال فصل الشتاء فنلاحظ بأن أثر الهواء القطبي في مناخ القارة في فصل الصيف يكون على أماكن محدودة جداً منها، ففي آخر الجنوب يظهر نوع معدل من الهواء القطبي القاري البحري الدافئ الذي يعمل على هطول الأمطار، وتحمله إلى جنوب القارة الرياح الجنوبية الغربية بعد مرورها فوق مسطحات مائية واسعة، حيث أن هذا الهواء هو الذي يسبب في هطول الأمطار الشتوية داخل إقليم رأس الرجاء الصالح وفي ناتال.

المصدر: يحيى الحكمي/الجغرافيا الطبيعية/2012.علاء المختار/أساسيات الجغرافيا الطبيعية/2011.علي احمد غانم/الجغرافيا المناخية/2003.محمد صبرى محسوب/مبادئ الجغرافيا المناخية والحيوية/2007.


شارك المقالة: