أهم القضايا الرئيسية في نظرية الجشطالت

اقرأ في هذا المقال


مارست نظرية الجسطالت هيمنة شاملة في مجال العملية التربوية في العالم، كما امتدَّ تأثيرها على النظريات النقدية بشكل عام. الجشطالت كلمة ألمانية تعني الشكل، يسمَّى علم النفس في هذه النظرية علم النفس الشّكلي.

قضايا أساسية في نظرية الجشطالت:

الإدراك أساس التعلم:

يرى علماء الجشطالت أنّه إذا أردنا أن نفهم لماذا يقوم الكائن بالسلوك الذي يسلكه، فلا بدَّ لنا أن نفهم كيف يدرك هذا الإنسان نفسه، الموقف الذي يجد نفسه فيه، من هنا كان الإدراك من القضايا الأساسية في التحليل الجشطالتي بمختلف أشكاله. إنّ التعلُّم ينطوي على رؤية الأشياء أو إدراكها كما هي على حقيقتها، أيضاً إنّ التعلُّم في صورته النموذجية يعدُّ عملية انتقال من موقف غامض لا معنى له، إلى حالة يصبح ما كان غير المعروف أو غير المفهوم أمرٌ واضحٌ، يعبر عن معنى ما، يمكن فهمه والتكيُّف معه. فالأساس في التعلُّم هو الفهم والاستبصار والإدراك، لذا يهاجم علماء النفس الجشتالتيون الاستظهار والحفظ دون معنى، الارتباط والمحاولة والخطأ والإشراط.

الكل أكبر من مجموع الأجزاء المكونة له:

إنّ القضية الأساسية في النظرية الجشطالتية هي قضيّة الاهتمام والتناقُض بين ما يسمَّى الكليات، التي تساوي تماماً المجموع الكلي للأجزاء المكونة لها وتتجاوزه.

يرى الجشطالتيون أنّ معظم الكُليات العقلية هي أكثر من مجرد مجموع أجزائها، فالمثلث ليس مجرَّد مجموع خطوط مستقيمة وثلاث زوايا مناسبة، لكن المثلث هو مجموع هذه العناصر السّتَّة، مضافاً إليها عنصر سابع ألا وهو الصيغة الجشطالتية أو الصِّيغة الشكلية للمثلَّث، أيضاً اللحن الموسيقي، فهو ليس مجرّد المجموع الكلي للنغمات التي تكوِّنه، بل هو مجموع أجزائه مضافاً إليها الصيغة الجشطالتية.

الشكل والخلفية:

لقد اهتمَّ علماء الجشطالت بالطريقة التي تبرز بها الأشكال ككليات متميزة منفصلة عن الخلفية، التي تظهر هذه الأشكال قبلها، لقد عبَّر هؤلاء العلماء عن اهتمامهم هذا في مفهومهم عن الخلفية، فالصورة هي أيّ إدراك في الشكل (جشطالته)، هي الكل الذي يبرز والشيء الذي ندركه، أمّا الخلفية فهي الأرضية غير المُتمايزة التي تبرز فيها الصورة. حينما ننظر إلى شخص يقف على الرَّصيف، ننتبه إليه أكثر من الرَّصيف الذي يشكِّل أرضية بالنسبة للشخص، بينما الشخص هو الشكل، فالشَّكل أكثر جذباً للانتباه وهو أصغر حجماً من الأرضية وأكثر كثافة وأكثر بروزاً من الأرضية التي تحيط بالشكل.

إعادة التنظيم:

ترفض النظرية الجشطالتية وجهات النظر التي تجعل التعلُّم عملية آلية غير واعية. في رأي نظرية الجشطالت إنّ وجهات النظر هذه ترسم صورة غير واقعية للتعلُّم الحقيقي. فالتعلم الحقيقي ينطوي على الفهم وليس على الإشراط أو تكوين ارتباطات اعتباطية، فإنّه قائم على استبصار العلاقات الداخلية لما يراد تعلُّمه، تعيين خصائص المواقف التي تجد الكائنات الحية نفسها فيها، عن طريق إعادة تنظيم هذه المواقف، تؤدِّي هذه الإعادة إلى التنظيم وإدراك العلاقة بين عناصر الموقف أو المجال أو العلاقة بين الوسائل والغايات. إعادة التنظيم تعني استبعاد التفاصيل التي لا جدوى منها، إظهار المشكلة على حقيقتها بصورة أكثر وضوحاً، الوصول إلى إعادة التنظيم الذي يعد لُب عملية التعلُّم، إذ يكون عن طريق الاستبصار الذي يعرّف بالعملية المفاجئة أو اللمعان الخاطف الذي يحدث في الذِّهن. إنَّ التعلُّم غالباً ما ينطوي على تغيير إدراكنا الأولي للموقف المُشكَّل وإعادة تنظيم ذلك الإدراك حتى تحقِّق النجاح.

التبصر والاستبصار:

إن قوَّة نظرية الجشطالت تتجلى بصورة رئيسية في إيضاحها لظاهرة التبصُّر وعلاقتها بتكوين المفاهيم. حسب نظرية الجشطالت يتحدَّد التعلُّم بالنمط أو الشكل أو الجشطالت. يُغير المجال الإدراكي حسب إعادة تنظيمه أو ظهور أنماط جديدة من المثيرات، هكذا فإنّ تغيير الأنماط يمكن أن ينتهي بتعلُّم جديد بما في ذلك الشعور المفاجئ بفكرة ما أو الحصول على حلٍّ مفاجئ يسميه الجشطالتيون التبصُّر. إنَّ فكرة التبصُّر تميز التعلم بشكل عام وتعلِّم الإنسان بشكل خاص لأنَّ وضعيته الإدراكية أرقى ممّا هو لدى الحيوان.

الإغلاق أو الإكمال:

يعدُّ الإغلاق نزوة في النفس البشرية؛ لإتمام الأشياء الناقصة. يستخدم الجشطالتيون مصطلح الإغلاق ليصفوا إكمال النفس لنمط غير كامل، فإذا كان مُخطَّط لبيت أو لوجه بشري أو للعبة كرة القدم وينقصه جزء من الأجزاء، فإنَّ النفس تغلقه وذلك بإضافة الجزء الناقص، بذلك تكون النفس قد أكملت نمط من أنماط الفكر ونظَّمت الوضع تنظيماً مناسباً. يرى الجشطالتيون أنّ الثُّغرة في المدرك حالة من التّوتر غير المتوازن، حيث تقوم العمليات الدماغية بإغلاقها للعودة إلى حالة التوازن، ينص قانون الإغلاق على أنّ المساحات المغلقة أكثر استعداداً لتكوين الوحدات.


شارك المقالة: