المراهق العدواني وكيفية التعامل معه

اقرأ في هذا المقال


في الغالب ما يَرتبط التعبير عن العدوان من حيث مفهومه، بالصُّراخ وإثارة الفوضَى وإيذاءِ الآخرين والاعتداء على المُمتلكات والتمرُّد على القوانين، لكنَّ العدوان بمضمونهِ قد يحمل أشكالاً أُخرى من ردَّاتِ الفعل التي قد لا تظهر بشكل مُباشر يمكن ملاحظتُه، فالعدوان يكون شُعوراً واحد فقط، لكنَّ الفعل الناتج عنهُ يكون مُتعدّد في أشكاله وفي أساليب التعبيرِ عنهُ وبالتّالي تعدُّد في مظاهره وسلوكيّاته.

السلوك العدواني عند المراهق

  • هو أي شكل من أشكال السُّلوك يوجَّهه الفرد بِهدف إلحاق الضرر والأذى أو إيذاء كائن حي آخر تكُون لديه الدّوافع لِتجنب هذه المعاملة.
  • هو استجابة سلوكيّة انفعاليّة، قد تتوقَّف على انخفاض في مُستوى البصيرة أو التفكير، وغالباً ما يتبع بعض أشخاص السُّلوك العِدواني، وعندما يُعانون ضُغوطا ًجسدية أو معنوية فيلجؤوا لِتأكيد الذّات من خلال مُمارسة القوة أو الإكراه ضدّ الآخرين.
  • هو رغبة ٌ أساسيةٌ للإِيذاء، ورغبة يتمّ التعبير عنها عن طريق استخدام الأفعال، إذ يتم إيذاءُ شخصٍ ما عن طريقِ شخص آخر أو مجموعة من الأشخاص، ويكون أكثر سيطرة وقوَّة وهم يقومون بهذا الاعتداء بلا مُبرّر، يتكرَّر هذا الاعتداء مع زياده كبيرة في الشُّعور بالاستمتاع والسعادة.

أشكال العدوان عند المراهق

  • العدوان المباشر: هو ذلك العُدوان الذّي يوجّه مُباشرة إلى الإنسان الذي سبّب الإحباط والتعاسة له.
  • العدوان غير المباشر: فيه يوجِّه المراهق عدوانهُ نحو شخص أو أي عامل آخر غير الذي تسبّب له في الإحباط، ذلك عندما يكون مصدر الإحباط مؤثّراً وقوياً، فينقل عدوانه إلى شيء آخر يكون أقل قوّة ومقاومة من الموضوع الأصلي الذي تسبّب له بالإحباط.
  • العدوان المؤقت: يُعبِّر هذا العدوان عن حالة من التوتر النفسي، وسرعان ما تنتهي حالة العدوان والغضب من خلال التّعبير عنها بالسُّلوك العدواني، الذّي يُفرِّغ من خلاله الشحنات الانفعالية الزائدة التي يعاني منها.
  • العدوان العام: هو العدوان الذي يتكرَّر في معظم المواقف، مع كثير من المراهقين والشباب، مثل الذي يحدث في جُنوح الأحداث، الذين يعتدونَ على أفراد المُجتمع ومُمتلكاتهم دون أن أيّ إحساس أو شعور بالذّنب.
  • العدوان الفردي: يتم هذا العدوان عندما يعتدي المُراهق على مراهق آخر بالسَّب، الشتم، الإيذاء الجسدي.
  • العدوان الجمعي: يتم هذا العدوان عندما تتجمع مجموعة من المراهقين ضد مُراهق واحد وغريب عنهم؛ لإبعاده والاعتداء عليه، إذ توجه مجموعة من المراهقين والشّباب عدوانها أيضاً ضِد أحد أفرادِها الضعيفين، حيثُ يُشكِّل هدفاً للآخرين من رِفاقه المراهقين.
  • العدوان على الذات: يتمثل هذا العدوان في قيام المُراهقين أو الشباب بإلحاق الأذى والضّرر بنفسهم، ذلك على شكل اعتداء بدني مثل تجرح الجسم، ضرب الرأس بالحائط، قص شعرهم، محاولة الانتحار، وقد يعتدي المراهق على نفسه لفظيّاً، ذلك من خلال ترديد وقول عِبارات سيئة بحق أنفسهم، مثل أنا مُهمل وغبي، أنا غير محبوب وغير مرغوب، أنا أكره نفسي، وغير ذلك من العبارات.

أسباب عدوان المراهقين

الأسباب الاجتماعية التي تغضب المراهقين

  • تقليد الشخص القدوة: في بعض الأحيان إذا أمعنّا النظر في شكل وأسلوب ردّة الفعل الغاضبة التي يظهرها المُراهق، نُلاحظ أنها عبارة عن تقليد لأحد الشّخصيات التي تُعجبه، ويرى فيها القدوةً له كأبيه، أخيه الأكبر، معلمه، بطله السينمائي المفضل.
  • التدخل في شؤونه الخاصة: دائماً ما يرغب المراهق في الحصول على الحريّة في تصرفاته، يُطالب بالاستقلال في أمور حياته وشؤونه، هو يشعر بالغضب عند إعطائه الأوامر والنصائح والإرشادات حيث إنّه يرى فيها تدخُّلاً في شُؤونه وتقليلاً من شأنه.
  • لفت انتباه الآخرين: قد يتعمد بعض المراهقين إظهار طابع الغَضب والعُدوانية على سلوكهم، بهدف لفت انتباه الآخرين من حولهم؛ لوجودهم وأهميتهم وتأثيرهم في حياته.
  •  الغيرة: تعتبر الغيرة من الأسباب الأساسيّة للغضب، ليس عند المراهق فقط، بل حتى عند الكبار والصغار، فالغيرة شُعور سيّء يُضعف الثقة بالنفس ويُنمّي مَشاعر الحِقد والكُره تجاه الآخرين، هذا ما يُؤدي لظهور مشاعر الغضب تجاه هذا الموضوع.
  • معاملة المراهق كالطفل: إنّ أكثر ما يُغضب المراهقين، شعُورهم أنّ كل من حولهم يعاملونهم كأطفال صغار، فيشعرون أنّهم مُحاطون بالإرشاداتِ والأوامرِ إلى درجةٍ التقيّد في سلوكهُم وتصرفاتهم تقلّل من شأنهم وكأنّهم أطفال لا يعرفون ما الذي يفعلونه، يلجؤون إلى الغضب والعدوانيّة كطريقة لإثبات وجودَهم وفرض رأيهم على الآخرين وإجبارهم على احترامهم والنّظر إليهم كأشخاص بالغين. 

الأسباب النفسية لغضب المراهقين

  •  الإحباط: عادةً ما يكون السبب في غضب المراهقين هو الشعور بالفشل وعدم تحقيق الأهداف المراد تحقيقها، قد يشعر أنه شخص عاجز، ويرى أنّ المُهمّة الموكلة إليه أكبر من عمره ولا يستطيع تنفيذها، فيستخدم الغضب كوسيلة للهروب من الفشل.
  • الشعور بالظلم والإحباط: ويشعر المراهق أنّ كل من حوله يتآمرون عليه ويسخرُون منه، ويحدث هذا عندما يرى أنّه ما من أحد يفهم أفكاره ورغباته، ويقفون حاجزاً بينه وبين طموحاته وأحلامه .
  • الشعور بالنقص وعدم الثقة بالنفس: يحاول المراهق سدّ هذا النقص من خلال السلوكيّات العدوانيّة فهو يرى أنّه بغضبه يقوم بإخافة الآخرين.
  • كبت مشاعر الضيق والتوتر: تكون هذه المشاعر ناتجة عن مواقف الإحباط المُتتالية أو المتكرّرة، يؤدي إلى انفجارها على شكل نوبات غضب حادة جداً.
  • الحرمان: أي الحرمان من حرية التفكير والتصرُّف، وتحقيق الرغبات، والحرمان من الاستقلال في الرأي والقرار، كل هذا يُؤدّي إلى الشُعور بالضيق، بالتالي التصرُّف بغضب وعدوانية.

أسباب جسدية بيولوجية للمراهقين

  • النمو المتسارع والتغيرات الجسدية التي تمّيز مرحلة المراهقة: وهذا ما يُعطي طابعاً خاصاً على مرحلة المراهقة وآثاراً عدّة، ممَّا يجعل المراهق حاداً في الطباع ويتَّصف سلوكه بالغضب السريع والعدوانية.
  • الاضطرابات الناتجة عن التغيّر الحاصل في الافرازات الهرمونية: هذا ينعكس على الطبيعة النفسية لردّات فعل المراهقين تجاه أي شيء يواجههم.
  • النضوج الجنسي: في مرحلة المراهقة يصل المراهق إلى مرحلة النُّضوج الجنسي التام، وهذا ما يفرز حاجات جديدة ينتج عنها الشعور الدائم بالتوتر، بالتالي ضيق عام يؤدي لبعض السلوكيات العدوانيّة.

آثار السلوك العدواني للمراهقين

  • سوء العلاقات: مثل عدم الاندماج الاجتماعي مع الآخرين، عدم القُدرة على بناء علاقات طبيعيّة ومرضية مع الآخرين، والانعزال عن المحيط من حوله وافتعال المشاكل مع الآخرين.
  • التراجع الدراسي: قد يكون للعدوان وللغضب أثر سلبي على المستوى الأكاديمي بالنسبة للتلميذ المراهق بسبب عدم تحمّله لساعات الدراسة الطويلة، وقيامه بالواجبات المدرسية، وعدم قدرته على الاندماج في مجتمع المدرسة.
  • العناد وافتعال الغضب بشكل مقصود: حين يرى المراهق أنّه يحصل على نتائج مرغوبة عند استخدامه لأسلوب الغضب والعدوان، فسوف يكرّر هذا الأسلوب باستمرار، حتى يحصل على ما يريد، ومن جهةٍ أخرى فإنّ مقابلة غضب المراهق بالقمع الشديد والكبت، سوف تنعكس ضِعفاً في شخصيّته وثقتهُ بنفسهِ، والاعتقاد الراسخ أنّه غير قادر على التأثير بالآخرين.

علاج السلوك العدواني عند المراهق

  • يتوجب على الأهل أن يعرفوا من البداية أنّ عدوان المراهقين هو شعور وسلوك طبيعي، ضروري ولا يحتاج لقلق ما دام ضِمن حدوده الطبيعيّة.
  • لا يجوز مسايرة المراهق عند قيامه بالسلوك العدواني إلى حد الامتثال والاستسلام لرغباته في كلِّ مرة يستخدم فيها هذا الأسلوب، حتى لا يتصرَّف بانتهازيّة ويعيد تِكرار هذا الأُسلوب كل ما وقف حاجز أمام رغباته.
  • لا يجوز للمراهق استخدام أسلوب القمع والكبت بشكل دائم مع مشاعره الغاضِبة، فهذا يؤدي إلى شعوره بالضّعف وفقدان ثقته بنفسه وقدرته على التأثير بمُحيطه.
  • في بعض الأحيان يكون وقت الفراغ والزيادة في الطاقات والشُّحنات الانفعاليّة الزائدة، سبباً وراء سلوكيّات المراهق الغاضِبة والعدوانية، هنا يجب تعبئة الوقت وتفريغ الطاقات ببعض الأُمور المُفيدة والمُحبَّبة لدى المراهق.
  • لا ضرر في أن يتحمَّل المراهق جزءًا من المسؤولية عن نفسه وعن تصرفاته، ويُترك له بعض الحريّة في خياراته وقرارته وشؤونه، كي لا يشعر أنّه ُمحاصر دائماً بالأوامر والنّواهي والنصائح والإرشادات.
  • تعليم المراهق من مرحلة الطفولة مهارات التفكير وحل المشكلات والعقبات، بطريقة سليمة ومضمُونة وبعيدة عن الأساليب العدوانيّة.
  • يجب العمل بالمُشاركة على إدارة مشاعر السلوك العدواني والغضب عند المُراهقين، من خلال تغيير أسلوب المعاملة، فنعرف مثلاً ما الذي يُغضبه من طلباتنا، من جهة أخرى يجب أن نعوّده على أن يكون صبُوراً وأن يحاول قدر المُستطاع السيطرة على سُلوكه عند شُعوره بالغضب.


لا يتوقف عدوان المراهقين على مجرّد تصرُّفات وسلوكيّات غير مقبولة، ولا تقتصر مضارّه على استفزاز ذويه وإزعاجهم، إنّما قد يكون له آثار بالغة من حيث نتائجها على المراهق، مَن حوله، ربما صحّته، وقد يصل الأمر إلى مرحلة الأمراض والاضطِرابات النّفسية إذا لم يُعالج بالوقت المُناسب، لهذا كان لابدّ من دراسة العدوانية والغضب من حيث معناه وأشكاله وأنواعه، إضافةً إلى العوامل المُسببة له والمؤثرة في تطويره، بهدف الوصول إلى الطُّرق الأنسب لعلاجه والوقاية من مخاطره.


شارك المقالة: