حل المشاكل الزوجية وتأثيرها على الطفل

اقرأ في هذا المقال


من الطبيعي أن يتجادل الآباء ويتشاجرون بين الحين والآخر، لكن الطريقة التي تؤثر بها هذه الخلافات على الأطفال طريقة سلبية، ماذا يمكن للوالدين أومقدمي الرعاية الصحية القيام به للحد من الضرر الناجم عن هذه الخلافات على الأطفال؛ لأن ما يحدث في المنزل من مشاكل يؤثر حقاً على صحّة الطفل ونموّه على المدى الطويل بعد ما يكبر.

تأثير خلافات الوالدين على أطفالهم:

قد يعتقد الوالدين أن عدم الطلاق والبقاء معاً أو الجدال بشكل خاص أو المعاملة الصامته فيما بينهم، أنها لا تؤثر على أطفالهم، أو أن أطفالهم لا يعرفون بما يدور بين والديهم، لكن في الغالب العكس هو الصحيح. وهذا ما ستتعرف عليه في هذا المقال:

الطلاق أو البقاء معاً:

التأثير على الأطفال ليس دائماً كما هو متوقع، على سبيل المثال، يُعتبر الطلاق والآباء الذين يقررون أن يعيشوا منفصلين له تأثير ضار دائم على العديد من الأطفال، لكن في بعض الحالات، يُعتقد الآن أنه يمكن أن يكون الجدال الذي يحدث بين الآباء قبل وأثناء وبعد الانفصال هو الذي يسبب الضرر، بدلاً من الانفصال والطلاق نفسه.
وبالمثل فقد افتُرض في كثير من الأحيان أن علم الوراثة يلعب دوراً محدداً في كيفية استجابة الأطفال للنزاع. ومن الطبيعي بأن يكونوا الآباء معاً في أسرة واحدة وغير منفصلين، هو أساس للصحة العقلية للطفل، فالطلاق قد يلعب دوراً في مشاكل القلق والاكتئاب والذهان، لكن البيئة المنزلية و التنشئة التي يتلقاها الطفل مع النزاعات، يمكن أن تكون مضرة للغاية على نحو متزايد. ويُعتقد أن المخاطر الجينية الكامنة وراء ضعف الصحة العقلية، يُمكن أن تتفاقم وتزداد بسبب الحياة الأسرية.
وتبدو جودة العلاقة بين الوالدين أساسية، سواء كانوا يعيشون معاً أم منفصلين، أو إذا كان الأطفال مرتبطين وراثياً بالوالدين أم لا، بمعنى أنهم حتى لو كانوا آبائهم الحقيقين أو آبائهم بالتبنّي، سوف تؤثر الخلافات بشكل سلبي على الأطفال. وأحياناً يكون الطلاق والانفصال أفضل للأطفال والآباء، حتى لو انفصل الزوجين يجب أن يبقوا متواصلين مع بعضهم من أجل أطفالهم؛ لأنه انفصال زوجين وليس انفصال أبوين.

معلومات هامة للوالدين عن الأطفال:

عندما ينخرط الوالدان في صراعات مع بعضهما البعض بشكل متكرر ومكثف من غير نهاية، فإن الأطفال يكونون أقل نجاحاً. والأكثر من ذلك إذا كان الخلاف يتعلّق بالأطفال، حيث يلوم الأطفال أنفسهم أو يشعرون بأنهم مخطئون في وأنهم سبب الجدال.

ويُمكن أن تشمل هذه الآثار السلبية اضطراب النوم، توقّف نموّ الدماغ مبكراً للرُّضع، القلق، سلوك مشاكل أطفال المدارس الابتدائية، الاكتئاب، المشاكل الأكاديمية، التحصيل العلمي وغيرها من القضايا الخطيرة، مثل إيذاء الذات للأطفال الأكبر سناً والمراهقين.

فإن العنف المنزلي والمشاكل يُمكن أن يكونا ضارين بشكل خاص للأطفال المعنيين، لكن الآباء حتى لو لم يُظهروا أي سلوك عدواني أو متقلّب تجاه بعضهم البعض حتى يحدث الضرر للأطفال؛ لأنهم عندما يصبحون منسحبين أو يعبرون عن مستويات منخفضة من الدفء لبعضهم البعض، تتعرّض أيضاً التنمية العاطفية والسلوكية والاجتماعية للأطفال للخطر.

والمشاكل لا تنتهي هناك، حيث لا يقتصر الأمر على الأطفال المتأثرين بحياتهم، لكن الأبحاث تشير إلى أن العلاقات السيئة يُمكن أن تنتقل من جيل إلى آخر، إنّها دورة يجب كسرها إذا أردنا حياة إيجابية وسعيدة لجيل اليوم من الأطفال والجيل القادم من الآباء والأمهات والأسر.

الجدال بخصوصية:

يوجد هناك بعض العوامل التي قد تقلل من الأضرار الناتجة، مُنذ سن الثانية وربما من سن أصغر حيث تخبرنا الأبحاث أن الأطفال مراقبون أذكياء لسلوك آبائهم. وغالباً ما يلاحظون الحجج حتّى عندما يعتقد الآباء أن أطفالهم لا يفعلون ذلك، أو يعتقدون أنهم قاموا بحمايتهم من خلال الجدال في “خصوصية”.
ما يَهم هو كيف يفسِّر الأطفال ويفهمون الأسباب والعواقب المحتملة للنزاعات، بناءً على تجربتهم السابقة، يقرر الأطفال ما إذا كانوا يعتقدون أنه من المحتمل أن تتصاعد النزاعات، أو يحتملوا أن تنطوي عليها، أوقد تشكّل خطراً على استقرار الأسرة. وهو مصدر قلق خاص لبعض الأطفال الصغار، قد يقلقهم أيضاً احتمال تدهور علاقتهم بوالديهم نتيجة لذلك.
وتُشير الأبحاث إلى أن الأولاد والبنات قد يستجيبون بشكل مختلف، مع تعرّض الفتيات لخطر أكبر للمشاكل العاطفية والأولاد الأكثر عرضة لخطر المشاكل السلوكية.
ومن الطبيعي أن يشعر الآباء بالقلق من تأثير جدالهم على أطفالهم. وفي الواقع يستجيب الأطفال جيداً عندما يشرح الآباء أو يقررون بطريقة مناسبة ما الذي تدور حوله المشكلة، في الواقع حيث ينجح الآباء في حل الحجج والمشاكل.
ويمكن للأطفال تعلّم الدروس الإيجابية المهمة، التي يُمكن أن تساعدهم في تخطّي مشاعرهم وعلاقاتهم خارج دائرة الأسرة، إن مساعدة أولياء الأمور على فهم كيفية تأثير علاقاتهم على نموّ الأطفال، يُمهّد الطريق للأطفال الأصحاء اليوم والأسر الصحية في المستقبل.

المعاملة الصامتة بين الوالدين:

  • إن العلاقة بين الوالد والطفل ليست مهمة فقط في صحة الطفل، بل كيفية تواصل الآباء مع بعضهم البعض أيضاً يلعب دوراً كبيراً في رفاهية الطفل، مع إمكانية التأثير على كل شيء في حياة الطفل بدءاً من الصحة النفسية، حتّى النجاح الأكاديمي والعلاقات المستقبلية لهُ.
  • سيكون للمناقشات تأثيرات سلبية قليلة أو غير موجودة أصلاً على الأطفال، لكن عندما يبدأ الوالدين بالصراخ ويغضب بعضهم من بعض. وعندما يبدأون بالانسحاب باستمرار أو يتعاملون مع بعضهم بالمعالمة الصامتة، بالتالي قد تنشأ مشاكل في معظم الأحيان.
  • المعاملة الصامتة وهي السكوت اللفظي والمتعمّد والموجّه تجاه الطرف الآخر. وتتراوح المعاملة الصامتة من مجرّد العبوس في وجه الطرف الآخر إلى الحقد ومحاولة السيطرة عليه واستغلاله.
  • وتمثل المعاملة الصامته شكل من أشكال العدوانية، حيث تُعتبر إحدى صور الإيذاء العاطفي، حيث يوجّه الشخص مشاعر سلبية لغيره بإيماءات أو تلميحات غير لفظية، مثل الاستياء أو الرفض أو الاحتقار، لكنه يظل محافظاً في الوقت ذاته على صمته اللفظي. والمعاملة الصامتة تُعدّ أحد أشكال العقاب والتلاعب والتحكّم والاستغلال.
  • تُشير الأبحاث البريطانية والدولية التي أجريت على مدى عدّة عقود، من خلال ملاحظات في المنزل وأعمال المتابعة الطويلة الأجل والدراسات التجريبية، إلى أن الأطفال من عمر ستة أشهر، المعرضين للخلافت الزوجية تزيد عندهم الاستجابة لهرمون التوتر وتزداد معدلات ضربات القلب.
  • يلاحظ أيضاً تأثيرات مماثلة في الأطفال الذين يتعرضون للصراع المستمر ولكن الأقل حدة، مقارنةً بالأطفال الذين يتفاوض آباؤهم أو يتفاوضون بشكل بناءً على النزاعات.

المصدر: How parents' arguments really affect their childrenHow Parents Fighting Affects a Child's Mental HealthParents’ Attitudes and Beliefs: Their Impact on Children’s Development


شارك المقالة: