اتفاقية ماستريخت

اقرأ في هذا المقال


هي مُعاهدة الاتحاد الأوروبيّ التي تعرف أيضاً باسم اتفاقيّة أو معاهدة ماستريخت، وهي الاتفاقيّة المؤسسة للاتحاد الأوروبيّ، وأهم تغيير في تاريخ الاتحاد منذ تأسيس المجموعَة الأوروبيّة في نهاية الخمسينات. لقد تمّ الاتفاق عليها من قبل المَجلس الأوروبيّ في مَدينة ماسترخت الهولنديّة في شهر ديسمبرعام 1991.

الخطوط العريضة للتوقيع:

إنَّ اتفاقيّة ماستريخت هدفها هو إقامة وحدة أوروبيّة شاملة، لقد تمّ التوقيع عليها في 7 من فبراير عام 1992، من طرف 12 دولة أوروبيّة، حيث دخلت حيز التَّنفيذ ابتداءً من 1 نوفمبر عام 1993.

أهم أحداث الاتفاقيّة:

لم تأتِ مُعاهدة ماستريخت دفعةً واحدة، بل تمثّل إحدى مَحطات تطوّر وتَكامل الجسم الأوروبيّ، حيث يعودُ تأسيس أول تجمُّع أوروبيّ إلى 18 إبريل من عام 1951، عندما اتّفقت 6 دول ( فرنسا، ألمانيا، بلجيكا، لوكسمبورغ، إيطاليا، هولندا )، على تشكيلِ المَجموعة الأُوروبيّة لِلفحم والصلب التي ستُشكل نُواة قِيام المَجموعة الاقتصاديّة الأُوروبيّة ثم الاتحاد الأوروبيّ.
في يوم 25 مارس من عام 1957، لقد وقّعت تِلك الدُّول على اتفاقيّة روما التي وسّعت مجالات التّعاون، حيث أصبحت تَحمُّل اسم المَجموعة الاقتصاديّة الأوروبيّة.
أمَّا في عام 1973 لقد التحقت كلّ من المملكة المتّحدة، بعد ذلك الدنمارك ثم اليونان عام 1981.
وبعد ذلك دولة إسبانيا والبرتغال من عام 1986. ثم دولة إيرلندا عام 1993، أيضاً بعدها انضمّت دولة فنلندا والنمسا والسويد من عام 1995. غير أنَّ بريطانيا قرَّرت في استفتاءٍ شعبيّ يوم 23 يونيو عام 2016 الخُروج من حُضن الاتحاد، حيث كانت خطوة أثارت قلقاً كبيراً داخل الاتحاد، وسط تَحذيرات من مستقبل مَجهول ينتظر اقتصاد المَملكة المتَّحدة.
يوم 7 فبراير من عام 1992 لقد وُقِّعت معاهدة ماستريخت بِهولندا، تمّ بمقتضاها تَجميع مختلف الهيئات الأوروبيّة ضِمن إطارٍ واحد هو الاتّحاد الأوروبيّ الذي أَصبح التّسمية الرسميّة لِلمجموعة.
اعتبارًا من 2004 امتدَّ الاتحاد نحو دُول أوروبا الشرقيّة بعدِ انهيار الاتّحاد السوفيتي حيث انضمت 10 دُول جديدة هي ( إستونيا، بولندا، جمهوريّة التشيك، سلوفاكيا، سلوفينيا، لاتفيا، ليتوانيا والمجر )، كما انضمّت أيضاً قبرص ومالطا.
في عام 2007 انضمَّت بلغاريا ورومانيا، بعد عشرِ سنوات لقد وصل أعضاء الاتّحاد 28 دولة. حيث لا تزال بعض الدّول تنتظر للالتحاقِ بالركب مثل: ( ألبانيا، تركيا، آيسلندا، مقدونيا، مونتنيغرو وصربيا )، كما أنه تَبقَى كوسوفو والبوسنة من المُرشّحين المُحتملين للانضمام.

سبب التسميّة:

إنَّ المُعاهدة أخذت اسمها من مكانِ توقيعها، حيث تمّ التوقيع عليها في مدينةِ ماستريخت الهُولندية القريبَة من الحُدود مع بلجيكا وألمانيا من طرف عددٍ من القادة الأوروبييّن. ففي (قمّةٍ) لقد وصفت بالتاريخيّة حيث اتَّفق قادة 12 بلداً أوروبياً، في مُقدمتهم الرئيس الفرنسيّ فرانسوا ميتران والقائد الألماني هيلموت كول يوم 9 ديسمبر من عام 1991، على تحويلِ المَجموعة الأوروبيّة إلى اتّحاد أوروبيّ.
أمَّا بعد ذلك بنحو شهرين لقد تمَّ توقيع المُعاهدة في 7 من فبراير عام 1992، حيث تمَّت المُصادقة عليها في البُلدان الأُوروبية المعينة، حيث وافَق عليها الفرنسيون بِصعوبة بالغة، بينما رَفضها الدنماركيون لكنّهم قاموا بالموافقة عليها لاحقاً بعد أن حصلت كوبنهاغن على بنودِ إِعفاء.
تَهدف معاهدة ماستريخت إلى تعزيزِ الشّرعية الديمقراطيّة للمؤسَّساتِ الأوروبيّة وتحسين فعاليّتها، وتأسيس اتّحادٍ اقتصاديّ ونقديّ حيث وضع سياسية خارجيّة وأمنيّة مشتركَة، والعمل على تطوير البُعد الاجتماعي للجماعةِ الأوروبيّة.

أهداف المعاهدة:

لقد جَاءت أهداف مُعاهدة ماستريخت بوضوح وراء الهَدف الاقتصاديّ الأَصلي وخلقِ سوقٍ مشترك، وجاء طُموحاتها السياسية إلى الواجهة . أمَّا في هذا السّياق لقد أستجابت مُعاهدة ماستريخت لعدّة أهدافٍ رئيسيّة هي:

  • تعزيز الشّرعية الديمقراطيّة لِلمؤسَّسات .
  • تحسين فعاليّة المؤسَّسات .
  • تأَسيس الاتّحاد النقدي والاقتصادي .
  • تَطوير البعد الاجتماعي لِلجماعةِ .
  • وضع السياسة الأمنيّة والخارجيّة المشتركة .

محتويات المُعاهدة:

أولاً: التكامل السياسيّ والاقتصادي:

لقد قامت مُعاهدة ماستريخت على فتح الباب أمام التَّكامل السياسيّ والاقتصادي بينَ البُلدان الأوروبيّة، حيث قرَّرت إنشاءِ اتّحادٍ يُمارس سياسة خارجيّة ودفاعيّة مُشتركة مع تكثيفِ التَّعاون في مجالِ السياسة الأمنية الداخليّة والقانونية، وتوحيد العُملة النقديّة، وقامت على تعزيز مفهوم المواطنة الأوروبيّة، وقامت على إطلاق الاتحاد الاقتصاديّ والنقدي، حيث ساهمت بفضلِ البروتوكول الاجتماعي في تعزيزِ فرص العَمل وتحسينِ ظروف العيش والعَمل داخل المَنطقة الأوروبيّة.

ثانياً: السياسة الأمنيّة والخارجيّة المشتركة:

لقد تمّ تبديل التَّعاون السياسيّ الأوروبي من خلالِ السياسة الخارجيّة والأمنيّة المشتركة ضِمن مُعاهدة ماستريخت لمعظمِ القرارات الناتِجة عن هذه السياسة حيث ينطبق مبدأ صَوت أغلبيّة الأَعضاء.

ثالثاً: جنسيّة الاتّحاد الأوروبيّ:

لقد تمَّ تَشكيل جنسيّة أو مواطنية الاتحاد الأوروبيّ التي لا تبدل الجنسيّة الوطنية بل إنها تكملها. حيث يحصل كلّ مواطن في الدّولة العضو على الجنسيّة الأوروبيّة تلقائياً. ويحصل بذلك على حق الإِقامة في كامل الاتّحاد ويكون لديه حق الانتخاب وحقّ انتخابِ أعضاءِ البرلمان الأوروبيّ بغض النّظرعن مكانِ إقامته داخِل الاتّحاد.

رابعاً: الديمقراطيّة:

إنَّ من الأشياء الجَديدة التي كانت هي وَضع مستوى البَرلمانِ الأوروبيّ على نفس مستوى المَجلس الأوروبيّ من حيثِ إصدارِ بعض القَرارات. كما أنه تمّ تَأسيس لجنة المناطِق، التي تمثّل مَصالح وأهداف بعض مناطقِ الاتّحاد، فعلى سبيل المثال تُمثل ولايات ألمانيا الاتحاديّة، والتي كان لها سياساتٍ وقوانينٍ مختلفة عن الحُكومة الفيدراليّة الألمانيّة.

خامساً: الداخليّة والعدل:

لقد تمَّ إدخال تَحسينات على العملِ المشترك في مجالِ العدل والسياسة الداخليّة تماماً كالركنِ الثاني يتم فيها اتّباع مبدأ صَوت الأغلبيّة. للتّمكُّن إلى الوصول إلى تعاونٍ أحسن في هذا المَجال، حيث تمَّ تأسيس الشرطة الأوروبيّة المشتركة أو اليوروبول.

سادساً: الاتّحاد النقدي والاقتصادي:

لقد كان إنشاء تَواحد اقتصادي ونقديّ بين الدّول الأَعضاء أَهم نقطة ضِمن مُحتوى المُعاهدة التي حُضِّرَ لها في ثلاثِ مراحل. فحسب نص المُعاهدة، فإنه يجب أن يَدخل الاتّحاد النقديّ بين الأَعضاء حيّز التّنفيذ في مدةٍ أدناها يَكون 1 يناير1997، ويكون أقصاها 1 يناير 1999، على أن تكون العُملة الموحدة الجَديدة هي اليورو.
لكي تصبح أيّ دولة عضواً مؤهلة لِدخول هذا الاتحاد النقديّ، وجعل اليورو عُملتها، يجب عليها اجتياز بعض الشّروط، التي يتم من خِلالها الحفاظ على ثباتِ واستقرارِ العُملة الجديدة. إنَّ الشّروط تندرج تحت شُروط ماليّة وشروط أخرى، تكون مُتعلقة بمستوى الأَسعار الفائدة وقيمة الصَّرف. هنا الشّروط الماليّة تضع نِسبة عجز في ميزانيّة الدّولة العضو لا تَنقص عن حاجزِ ال 3% ونسبة دينٍ عام لا تتعدى ال 60% كأَهم الشَروط. حيث تمَّ لاحقا في عام1997 على إضافةِ بنود أخرى جديدة.
إن!َّ من خلالِ التَّوقيع على الاتفاقية، لقد دخلت كلّ دولة عضو في آليّة زمنيّة، تَنتهي بالانضمامِ للاتحاد في حالة أنها اجتازت جميع الشّروط، وذلك يكون بعد مُوافقة المجلِس الوزاري للاتحاد بشكلٍ نهائي على انضمامِ الدَّولة ومدى تَطبيقها واجتيازها لكلِّ الشروط. ولقد احتفظتا كل من دولة الدنمارك وبريطانيا العظمى بحقِّ الانضمام لاحقاً لما يروهُ مناسباً لهم ولسِياساتهم.

سابعاً: المواطنة:

إنَّ المُواطنة هي واحِدة من الابتكارات الرئيسيّة التي وضَعتها المُعاهدة لخلقِ المُواطنة الأوروبيّة لتكون فوق المواطنة الوطنيّة . حيث كلّ مُواطن يَحمل جنسيّة إحدى الدّول الأَعضاء فهو أيضاً يعتبر مواطن في الاتحاد . حيث هذهِ السترات لحقوقِ المُواطنة الجَديدة في أوروبا وهي:

  • الحقّ في التّعمم والإقامة بكل حريّة في المُجتمع .
  • الحق في التّصويت والتّرشح للانتخابات الأوروبيّة والمحليّة في الدّولة التي هي أو هو يُقيم بها.
  • الحق في حماية السلطات الدبلوماسيّة أو القنصليّة للدولةِ كعضوٍ آخر من مُواطن دَولة عضو في الأَصل على أراضي بلدٍ ثالث في أيّ دولة من أصل ليست مُمثلة .
  • الحقّ في تقديمِ التماس إلى البَرلمان الأوروبيّ، وإلى تَقديم شكوى إلى أَمين المَظالم .

التّطورات التي حدثت:

كان التّطور إكمال مُعاهدة ماسترخت من قبل مُعاهدات واتفاقيّات تمَّ التَّوقيع عليها لاحقاً مثل: معاهدة أمستردام. حيث تُمثل مُعاهدة ماستريخت مرحلة أساسيّة في البناءِ الأوروبي عن طريق إنشاءِ الاتّحاد الأوروبيّ، ومن خِلال إنشاءِ اتحادٍ اقتصاديّ ونقدي ومن خلال توسيع التّكامل الأوروبيّ إلى مَناطق جَديدة، حيث اكتسبت الجَماعة بُعداً سياسياً على بيّنةٍ من تقدّم التّكامل الأوروبيّ والتّضخم في المُستقبل والحاجةِ لإجراءِ تغييراتٍ مؤسسيّة، والعمل على إدراجها في الدّول الأعضاء بشرطِ المُراجعة في المُعاهدة تحقيقاً لهذه الغاية من خلالِ المُؤتمر الحكومي الدّولي الذي تمّ عقده في عام 1996. حيث توّج هذا المُؤتمر في التَّوقيع على مُعاهدة أمستردام في عام 1997.

البروتوكول الاجتماعي:

لقد وسَّعت المُعاهدة المجتمعَ بفضلِ البروتوكول الاجتماعيّ القوي للمُعاهدة، وتعتبر المملكة المتّحدة ليست من الدّول المُوقعة على هذا البروتوكول. ومن أهدافها هي:

  • تَحسين ظُروف العمل والمَعيشة.
  • توفير الحماية الاجتماعيّة الكافية.
  • الحوار الاجتماعي.
  • العمل على تَنمية المَوارد البشريّة لضمانِ مُستوى عالٍ ومستدام من فرصِ العمل.
  • العمل على دَمج المستبعدين من سوقِ العمل.

السياسات التي تضعها المعاهدة:

إنَّ المُعاهدة تَضع سياسات الجماعة في 6 مجالاتٍ جديدة:

  • الشّبكات الأوروبيّة.
  • السياسة الصناعيّة.
  • حماية المُستهلك.
  • التّعليم والتدريب المهنيّ.
  • الشباب.
  • الثقافَة.

المصدر: توحيد العملات النقدية وأثره في اقتصاد الدول، محمد رشدي إبراهيم مسعودالنظام النقدي الدولي، فاطمة الزهراء خبازىالنظام الاقتصادي الدولي المعولم، د.خنفوسي عبد العزيز


شارك المقالة: