قصة اختراع آفات المبيدات

اقرأ في هذا المقال


تعاني المحاصيل الزراعية من تعرضها للآفات والحشرات الضارة، تتراوح الخسائر من ​​35 إلى 40٪ ، وذلك لكافة محاصيل الأغذية، وبالتالي كان هناك ضرورة مُلحّة لإيجاد طرق لحماية المحاصيل الزراعية من أخطار الآفات، والتي تؤدي للعديد من الأضرار في القطاع الزراعي والضرر المالي للمزارعين، كان من إحدى طرق التغلب على تلك المشكلة ابتكار آفات المبيدات.

تاريخ اختراع آفات المبيدات واستعمالها في مختلف الحضارات

على عكس ما قد نعتقد، فإن آفات المبيدات ليست من الاختراعات الحديثة لأنه في حوالي 1000 ق.م، كان الشاعر الإغريقي المعروف هوميروس يستخدم الكبريت كمبيد للفطريات، حيث كان منذ القدم اهتمام بالحفاظ على المحاصيل الزراعية واستعمال آفات المبيدات لقتل الكائنات الحية التي تتغذى على المحاصيل الزراعية، تتكون المبيدات من عدة أنواع أشهرها: المبيدات الحشرية لقتل الحشرات التي تتغذى على المحاصيل، ومبيدات الفطريات التي تقضي على الفطريات الطفيلية.

يوجد هناك مبيدات الرخويات ومبيدات القوارض ومبيدات الطيور التي تحارب القواقع والقوارض والديدان، عبر الحضارات القديمة تم استخدام مواد مختلفة مثل النحاس والكبريت وأملاح الزئبق لمكافحة الكائنات الدقيقة التي تفسد نمو المحاصيل، لكن كان الاستخدام الحقيقي لمبيدات الآفات في القرن التاسع عشر، وذلك عند التقدم في الكيمياء المعدنية. كانت مبيدات الفطريات تُصنع من كبريتات النحاس أو الزئبق. وبالنسبة للمبيدات الحشرية فكانت مصنوعة من زرنيخ النحاس أو زرنيخات الرصاص.

أيضًا وجدت أدلة تاريخية قديمة تبين استعمالها منذ حوالي 4500 عام، حيث قام السومريين باستعمال مركبات الكبريت للقضاء على الحشرات، ودليل آخر منذ فترة 3200 وذلك في الصين حيث كان الصينيون يستخدمون الزئبق للتصدي على الحشرات، تظهر أيضًا أدلة من اليونان القديمة وروما استخدام آفات المبيدات لمكافحة الأعشاب الضارة، وفي ذلك الوقت نظرًا لعدم وجود صناعة كيميائية يجب أن تكون أي منتجات مستخدمة إما من مشتقات نباتية أو حيوانية أو ذات طبيعة معدنية.

قديمًا تم استعمال القطران في جذوع الأشجار للقضاء على الحشرات الزاحفة. أيضًا استعملت الحضارات القديمة البريثروم المشتق من أزهار الأقحوان المجففة “أقحوان بيريثروم”، وكانوا يستخدمونه كمبيد حشري لأكثر من 2000 عام. استخدمه الفرس لحماية الحبوب المخزنة، حتى الأربعينيات من القرن الماضي، كانت المواد غير العضوية مثل كلورات الصوديوم وحمض الكبريتيك، أو المواد الكيميائية العضوية المشتقة من المصادر الطبيعية لا تزال تستخدم على نطاق واسع في مكافحة الآفات.

أهم التطورات في تاريخ استعمال آفات المبيدات

مع التطور في التكنولوجيا تم استخدام المواد العضوية مثل: النيتروفينول والكلوروفينول والكريوزوت والنفثالين والزيوت البترولية للآفات الفطرية والحشرية، بينما تم استخدام كبريتات الأمونيوم وأرسينات الصوديوم كمبيدات للأعشاب، كانت بعض مبيدات الآفات من المنتجات الثانوية لإنتاج غاز الفحم أو العمليات الصناعية الأخرى. وفي عام 1949م، فاز الدكتور بول مولر بجائزة نوبل في الطب لاكتشافه خصائصه المبيدات الحشرية.

شهد القرن التاسع عشر أيضًا العديد من الدراسات العلمية حول استخدام المنتجات الكيماوية في الزراعة. في القرن العشرين أصبح هناك اهتمام كبير حول كيفية إنتاج الغذاء وكان أمرًا بالغ الأهمية. في ذلك الوقت، كان العلماء يقومون بتجريب أنواع متنوعة من آفات المبيدات للحفاظ على المحاصيل الزراعية، وفي الواقع لقد قامت أيضًا العديد من الشركات بالمشاركة في صنع آفات المبيدات، فقد تأسست شركة (Monsanto) في عام 1901م، وقاموا بإنتاج أعداد كبيرة من مبيدات الآفات.

أدت الحرب أيضًا إلى تقدم سريع في البحث عن هذه المنتجات. فقبل الحرب العالمية الأولى، اكتشف الكيميائي فريتز هابر طريقة لإنتاج كميات كبيرة من النيتروجين بتكلفة زهيدة يمكن استخدامها كسماد، وقد ساعد ذلك في حل مشكلة خطيرة تتمثل في كيفية زيادة المحاصيل الزراعية. لكن فريتز هابر لم يتوقف عند هذا الحد. دفعته الحرب وفريقه إلى البدء في تطوير المزيد من المبيدات الحشرية.

من أحد التطورات أيضًا كان استعمال المنتج العضوي وهو “ثنائي كلورو ثنائي الفينيل ثلاثي كلورو الإيثان”، والذي تم تصنيعه في عام 1874م، لكن لم يتم اكتشاف خصائصه كمبيد للحشرات إلّا في ثلاثينيات القرن العشرين. بعد الحرب العالمية الثانية، سرعان ما أصبح الـ(دي.دي.تيDDT) أكثر آفات المبيدات استخدامًا في العالم، تم استخدامه في العديد من المزارع والحقول لمكافحة الحشرات والأمراض بما في ذلك الملاريا والتيفوس والطاعون الدبلي.

اليوم يوجد العديد من الدراسات والأبحاث الهادفة إلى تطوير آفات المبيدات الحشرية، والتي تلبي جميع الاحتياجات الممكنة للصناعة الزراعية، في الواقع لقد أصبحت المبيدات جزءًا من الزراعة التجارية. من عام 1945 إلى عام 1985، تشير التقديرات إلى أن استهلاكنا من المبيدات تضاعف كل عشر سنوات. كما أصبح هناك العديد من أنواع المبيدات لدرجة أنه يوجد ما يقرب من 100000 منتج تجاري من المبيدات الآفات المستخدمة في مختلف العالم.


شارك المقالة: