قصة اختراع المطبعة

اقرأ في هذا المقال


يميل معظمنا إلى اعتبار المواد المطبوعة أمرًا مفروغًا منه، لكن تخيل الحياة اليوم إذا لم يتم اختراع المطبعة مطلقًا، لن يكون لدينا كتب أو مجلات أو صحف، الملصقات والنشرات والنشرات والرسائل البريدية لن تكون موجودة، تتيح لنا المطبعة مشاركة كميات كبيرة من المعلومات بسرعة وبأعداد كبيرة في الواقع، تعتبر المطبعة مهمة جدًا لدرجة أنّها أصبحت تُعرف بأنها واحدة من أهم الاختراعات في عصرنا، لقد غيرت بشكل جذري الطريقة التي تطور بها المجتمع، في هذا المقال، سوف نستكشف كيف تم اختراع المطبعة، وكذلك كيف أثرت على الثقافة.

قصة اختراع المطبعة:

قبل اختراع المطبعة، كان يجب إكمال أي كتابات ورسومات يدويًا بشق الأنفس، تمّ استخدام العديد من المواد المختلفة لنسخ الكتب: الصلصال والبردي والشمع والرّق، لم يكن فقط أي شخص مسموح له بالقيام بذلك، كان هذا العمل عادةً مخصصًا للكتبة الذين يعيشون ويعملون في الأديرة، وهو عادةً ما يكون مكان للعبادة، كان للأديرة غرفة خاصة تُسمى “سكريبتوريوم”، أو المنسخ أو مكان الكتابة هناك، يعمل الناسخ في صمت، حيث يقوم أولاً بقياس تخطيطات الصفحة وتحديدها ثمّ نسخ النص بعناية من كتاب آخر، في وقت لاحق سيتولى المنور إضافة تصميمات وزخارف إلى الصفحات، ومن هنا بدأو بالتفكير بالمطبعة.

في العصور المظلمة والعصور الوسطى، كانت الكتب عادةً مملوكة للأديرة والمؤسسات التعليمية أو الأثرياء فقط، كانت معظم الكتب ذات طبيعة دينية، في بعض الحالات، قد تكون الأسرة محظوظة بما يكفي لامتلاك كتاب، في أواخر الثلاثينيات من القرن الرابع عشر، كان رجل ألماني يُدعى يوهان جوتنبرج في أمس الحاجة إلى إيجاد طريقة لكسب المال، في ذلك الوقت كان هناك اتجاه في إرفاق مرايا صغيرة بقبعة أو ملابس الشخص لامتصاص قوى الشفاء عند زيارة الأماكن المقدسة أو الرموز، لم تكن المرايا نفسها مهمة، لكن جوتنبرج أشار بهدوء إلى مدى ربحية إنشاء كميات كبيرة من منتج رخيص، وكان ذلك الرجل الملهم لقصة اختراع الطابعة.

خلال الفترة من 1300 إلى 1400، من بعد قصة الرجل الألماني يوهان جوتنبرج، طوّر الناس شكلاً أساسيًا جدًا من الطباعة، اشتملت على أحرف أو صور مقطوعة على كتل من الخشب، سيتم غمس الكتلة بالحبر ثمّ ختمها على الورق، كان لدى جوتنبرج بالفعل خبرة سابقة في العمل في دار سكّ النقود، وأدرك أنّه إذا كان بإمكانه استخدام الكتل المقطوعة داخل آلة، فيمكنه جعل عملية الطباعة أسرع كثيرًا، والأفضل من ذلك، أنّه سيكون قادرًا على نسخ النصوص بأعداد كبيرة.
صممت مطبعة جوتنبرج، فبدلاً من استخدام الكُتل الخشبية، استخدم جوتنبرج المعدن بدلاً من ذلك، أصبح هذا معروفًا باسم “آلة الكتابة المتحركة، حيث يمكن تحريك أحرف الكتلة المعدنية لإنشاء كلمات وجمل جديدة، باستخدام هذه الآلة، أصدر جوتنبرج أول كتاب مطبوع، والذي كان بطبيعة الحال نسخة من الكتاب المقدس، اليوم يعد كتاب جوتنبرج للكتاب المقدس عنصرًا عزيزًا بشكل لا يصدق لتراثه التاريخي، ومن أهم الأحداث التي ساهمت في تطوير الآلة الطابعة.

نبذة عن حياة يوهان جوتنبرج:

كان المخترع للطابعة الألماني يوهان جوتنبرج (حوالي 1398-1468)، مخترع الطباعة الميكانيكية من النوع المثابر في أوروبا، وُلد يوهان جوتنبرج يوهان جينسفليش تسور لادن في ماينز، كان الطفل الثالث لـ “Freile “zum Gensfleisch وزوجته الثانية “Else Wirick zum Gutenberg “، لا يُعرف أي شيء عن دراسات جوتنبرج أو تدريبه المهني باستثناء أنّه تعلم تجارة الصائغ أثناء إقامته في ماينز، حوالي عام 1428 تمّ نفي عائلته نتيجة تمرد الحرفيين ضد الطبقة النبيلة الحاكمة للمدينة، وفي عام 1430 أسس جوتنبرج نفسه في ستراسبورغ حيث بقي حتى عام 1444، لا يوجد سجل لمكان وجود جوتنبرج بعد عام 1444، لكنه ظهر مرة أخرى في ماينز وفقًا لوثيقة مؤرخة في أكتوبر 1448.

بحلول عام 1450، كان من المعروف أنّه كان لديه مطبعة، حيث استعار 800 جيلدر من الممول الثري يوهان فوست لتمكينه من ذلك، له لتصنيع أدوات ومعدات معينة في ديسمبر عام 1452، اضطر جوتنبرج إلى سداد ديونه، نظرًا لعدم تمكنه من القيام بذلك، أبرم هو وفاست اتفاقية جديدة، بموجبها حصل جوتنبرج على قرض مماثل آخر وأصبح الممول شريكًا في المؤسسة في ذلك الوقت، طبع جوتنبرج بالفعل بنوع متحرك، ممّا جعل الفكرة التي تمّ تصورها في ستراسبورغ حقيقة واقعة.

إنّ العثور على الأعمال المطبوعة في هذه الفترة أمر صعب، خاصةً أنّه لا توجد أعمال مطبوعة باقية مع اسم جوتنبرج عليها، من تلك الفترة، تمّ تأريخ الكتاب المقدس الضخم، وكان يُطلق عليه أيضًا إنجيل جوتنبرج وإنجيل مازارين، وهو عمل في صحيفة كبيرة توجت لسنوات عديدة من التعاون من قبل فريق جوتنبرج وفوست شوفر، عندما تمّ إصدار النسخ النهائية الأولى في أوائل عام 1456، لم يعد جوتنبرج بلا شك المؤلف الرئيسي للعمل، يُعتقد أنّ ثمرة عمله في هذه السنوات هي الكتاب المقدس المكون من 36 سطرًا والكاثوليكون الشهير، وهو نوع من الموسوعة، نظرًا لأنّ جوتنبرج لم يضع اسمه مطلقًا في أي من أعماله، فإنّ جميع النقوش افتراضية.

كيف تعمل المطبعة؟

باستخدام المطبعة الأصلية، يتم استخدام إطار لتعيين مجموعات من كتل الكتابة معًا، تصنع هذه الكتل كلمات وجمل، ومع ذلك كلهم ​​في الاتجاه المعاكس، جميع الكتل بالحبر ثمّ توضع ورقة على الكتل كل هذا يمر عبر بكرة لضمان نقل الحبر إلى الورق، أخيرًا يتم رفع الورق، ويمكن للقارئ رؤية الأحرف المحبرة التي تظهر الآن بشكل طبيعي نتيجة للكتل المعكوسة، تمّ تشغيل هذه المطابع باليد، في وقت لاحق، في القرن التاسع عشر، ابتكر مخترعون آخرون آلات طباعة تعمل بالبخار لا تتطلب مشغل يدوي، بالمقارنة فإنّ المطابع اليوم إلكترونية وآلية، ويمكنها الطباعة بشكل أسرع من أي وقت مضى، يوجد اليوم أنواع متعددة من المطابع، كل منها يناسب نوع معين من الطباعة، تشمل هذه الأنواع ما يلي:

مطبعة الحروف:

تتشابه من حيث المفهوم لمطبعة جوتنبرج، تتطلب طباعة الحروف من المشغل ضبط الكتابة المنقولة، والحبر، والضغط على الورق، العملية برمتها تتم باليد، غالبًا ما يتم استخدام آلة الطباعة بالحروف من قبل طابعات بوتيك صغيرة، وتوفر مظهرًا يدويًا جميلًا، ومع ذلك فهي أيضًا غير فعالة ومكلفة مقارنة بالمطابع الأخرى.

مطبعة الأوفست:


أحدثت مطبعة الأوفست ثورة في صناعة الطباعة، ممّا جعل من الممكن طباعة كميات هائلة بكفاءة وفعالية من حيث التكلفة، باختصار تتضمن طباعة الأوفست الحديثة استخدام جهاز كمبيوتر لإنشاء لوحة يتم وضعها بعد ذلك على أسطوانة، يتم تطبيق الحبر على أسطوانة اللوحة، والتي تدور على أسطوانة مطاطية، والتي بدورها تقوم بتدوير الحبر على أوراق من الورق يتم تغذيتها من خلال المكبس، تستخدم مكابس الأوفست لإنتاج الصحف والمجلات والكتب والمواد المطبوعة الأخرى بكميات كبيرة.

المطبعة الرقمية:

من بين العوائق القليلة لطباعة الأوفست أنها ليست اقتصادية بأحجام منخفضة، ويرجع ذلك أساسًا إلى أنّ إنتاج اللوحات يمكن أن يكلف عدة مئات من الدولارات، هذا غير مهم عند طباعة المئات أو الآلاف من نفس العنصر، ولكن قد يكون مكلفًا عند طباعة بضع عشرات أو حتى نسخة واحدة، تجعل المطابع الرقمية الطباعة بكميات منخفضة ميسورة التكلفة، كما أحدثت ثورة مماثلة في صناعة الطباعة، لأنّها لا تتطلب لوحات بدلاً من ذلك، يستخدمون تقنية نفث الحبر أو تقنية الليزر النفاث لنقل الحبر إلى الورق.

آثار وجوانب اختراع المطبعة:

كان لاختراع جوتنبرج تأثير كبير عندما وصل إلى الجمهور، في البداية نظرت الطبقات النبيلة إليه بازدراء، بالنسبة لهم كانت الكتب المحبرة يدويًا علامة على الفخامة والعظمة، ولم تكن تضاهي الكتب الأرخص التي يتم إنتاجها بكميات كبيرة، وهكذا كانت المواد المطبوعة بالضغط في البداية أكثر شيوعًا بين الطبقات الدنيا، عندما انتشر الحديث عن المطبعة، تمّ افتتاح متاجر طباعة أخرى وسرعان ما تطورت إلى تجارة جديدة تمامًا، أصبحت النصوص المطبوعة طريقة جديدة لنشر المعلومات إلى جماهير واسعة بسرعة وبتكلفة زهيدة، واستفاد الأكاديميون من هذا النشر للأفكار العلمية ووجد السياسيون أيضًا أنّه يمكنهم جذب اهتمام الجمهور من خلال الكتيبات المطبوعة.

أيضاً من أحد الآثار الجانبية المهمة هو أنّ الناس يمكن أن يقرأوا ويزيدوا معارفهم بسهولة أكبر الآن، بينما كان من الشائع في الماضي أن يكون الناس غير متعلمين تمامًا، أدّى هذا إلى زيادة المناقشة وتطوير الأفكار الجديدة، كان التأثير المهم الآخر هو أنّ المطبعة كانت مسؤولة إلى حد كبير عن تراجع اللغة اللاتينية حيث أصبحت اللغات الإقليمية الأخرى هي المعيار في المواد المطبوعة محليًا، ساعدت المطبعة أيضًا في توحيد اللغة والقواعد والتهجئة.

لعبت المطبعة دورًا رئيسيًا في تشكيل عصر النهضة، والذي كان له ارتباطات مثيرة للاهتمام بعصر المعلومات اليوم
جعلت تقنية الطباعة الحديثة الطباعة ميسورة التكلفة ويمكن الوصول إليها أكثر من أي وقت مضى، سواء كنت تطبع آلاف الكتيبات أو ملصق واحد قصير المدى، حتى أنّ الصناعة احتضنت العصر الرقمي، الذي أدّى إلى ظهور شركات طباعة عبر الإنترنت تجعل من السهل على أي شخص تصميم المواد المطبوعة وطباعتها وإرسالها بالبريد دون مغادرة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم.



شارك المقالة: