رويد الغزو ينمرق

اقرأ في هذا المقال


ما الأمثال إلّا مقولات ذات مغزىً وتحمل بين طيّاتها العظة والفائدة، والإيجاز من غير حشو أو إطالة هو أهم مميزات الأمثال، مع عمق في المعنى وكثافة في الفكرة، وقد توارثتها الأمم مشافهةً من جيل إلى آخر، والمثل عبارة محكمة البنية بليغة، شائع استعمالها عند طبقات المجتمع كافة، وإذ يلخّص المثل حكاية عناء سابق وخبرة غابرة اختبرتها الجماعة، فقد حظي عند الناس بثقة تامّة، فصدّقوه ذلك أنّه يُهتدى به في حلّ مشكلة قائمة بخبرة مكتسبة من معضلة قديمة، وتلك المعضلة القديمة آلت إلى عبرة لا تُنسى، وقد قيلت هذه العبرة في جملة موجزةٍ قد تُغني عن رواية ما جرى هي الأمثال، وفيما يلي بين يدينا مثل عربي مشهور هو: “رويد الغزو ينمرق”.

فيم يضرب مثل: “رويد الغزو ينمرق”

أمّا أصل مثل: “رُويد الغزو يَنمرق”، فهو يعود لامرأة كانت اسمها “رقاش”، وهي من بني كنانة، وكانت تقوم بالغزو، غير أنّها حملت ذات مرة من أسير كان عندها، الأمر الذي جعلها تقول هذه المقولة لمّا ذُكر لها الغزو، وهذا المثل يضربه النّاس في التّمكُّث وانتظار العاقبة.

قصة مثل: “رويد الغزو ينمرق”

فيما ورد عن المفضل الضّبيّ عن حكاية مثل: “رويد الغزو ينمرق”، أنّ امرأة كانت تُسمى رقاشًا، وهي من طيء، وقد كانت تغزو بهم، إذ إنّ الجميع في قومها كانوا يأخذون برأيها، فلقد كانت كاهنة وذات رأي حازم، وذات مرّة أغارت على رأس طيء: “إياد بن نذار بن معد”، وقد ظفرت بالكثير في هذا اليوم .

حازت رقاش من غزوها ذاك الكثير من الغنائم، وهي كذلك سبت الأسرى، وكان من بين الأسرى شاب جميل، قامت بجعله خادمًا لها، إلّا أنّه أعجبها، الأمر الذي جعلها تدعوه لنفسها، فحملت منه، ثمّ إنّ قومها أتوها، فقالوا لها: هذا زمان الغزو، فاغزُ إن كنت تريدين الغزو، وهنا قالت: “رويد الغزو ينمرق”، وهي تعني أمهلوا الغزو حتى يأتي الولد، ولمّا أتى القوم رقاشًا، وجدوها نفساء قد وضعت غلامًا، في ذلك الحين، قال شاعرهم:

“نبئّتُ أن رقاش بعد شماسها    حبلت وقد ولدت غلامًا أكحلا

فالله يُحظيها ويرفع بُضعها        والله يلقحها كشافًا مقبلًا

كانت رقاش تقود جيشًا جحفلا    فصبت وأحرّ بمن صبا أن يحبلا”.

المصدر: حدائق الحكمة"أقوال مأثورة من مدرسة الحياة"،نبيل أحمد الجزائري،2010 الدرة الفاخرة في الأمثال السائرة،حمزة بن حسن الأصفهاني،2000 الأمثال والحكم، محمد بن أبي بكر الرازي،2011 أمثال وحكم،محمد ايت ايشو،2009


شارك المقالة: