الاتجاهات الفكرية القديمة التي تفسر التغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يلاحظ عالم الاجتماع كانديرسية في كتابه (شكل تاريخي لتقدم الروح البشرية) أن التقدم في الخط يرتفع في اتجاه الخير والكمال وفقًا للمراحل المتعددة التي يمر بها، وأن الأساس الأساسي لتحقيق التقدم هو الثقافة والتعليم والقضايا الأخلاقية والطبيعية.

الاتجاهات الفكرية القديمة التي تفسر التغير الاجتماعي:

1- الاتجاه التقدمي الاجتماعي الصاعد: يقوم هذا الاتجاه على التفكير بطريقة اجتماعية التي تسير في مجموعة من المراحل المختلفة، وأن كل مرحلة من المراحل أفضل من المرحلة السابقة، ويتفق الباحثين في هذا الاتجاه مع المهتمين بالمدرسة التطورية في أن الأشياء قد تتعرض التحول مستمر في أشكالها وتكوينها.
يعتقد العالم (كوندرسية) أن تاريخ الحضارة يجب أن يمر بمراحل معينة في التقدم والتطور، وهذه المراحل هي المرحلة الطبيعية التي يركز فيها الإنسان على الصناعات البدائية التي يعتمد عليها في الحصول على قوته ومكونات حياته.
من مرحلة الرعي إلى المرحلة الزراعية حيث استقر الإنسان، ثم مرحلة الحضارة اليونانية ونشأة المدينة، ثم ظهور الحضارة الرومانية التي ظهرت فيها فكرة الإمبراطورية تمثلت في الجوانب العلمية والقانونية، ثم المرحلة من النصف الأول من العصور الوسطى إلى مرحلة النصف الثاني من العصور الوسطى ومرحلة الإقطاع المتمثل في العبودية والإقطاع ورجال الدين ثم الانتقال إلى مرحلة الاختراع والضغط التي اتسمت بالنهضة الفكرية وانتشار الحركات الإصلاحية والأفكار الديمقراطية والحركات الاجتماعية، تلتها الثورة الفرنسية التي جلبت قيما وأساليب جديدة في النظم الاجتماعية في البناء الاجتماعي، إلى مرحلة مستقبل البشرية إلى التنمية والمساواة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
كان عالم الاجتماع الفرنسي (أوجست كونت) مؤيدًا للاتجاه التصاعدي التقدمي، وفي كتابه (عقيدة في السياسة الوضعية) أشار إلى الموضوعات التي تدور حول نظام التعليم الوضعي والاجتماعي في حالته الثابتة والديناميكية كما هو يتعامل مع في حالة المجتمعات الساكنة ذات الدين والملكية وتنظيم الأسرة واللغة والطبقات الاجتماعية، أما بالنسبة للحالة الديناميكية، فقد كان مهتمًا بالتقدم والتغيرالاجتماعي، وما يهمنا هنا هو الديناميكيات التي استخدمها كونت، مما يعني الحركة الاجتماعية للمجتمعات ومعرفة مدى التقدم فيها من حيث نموها وتطورها.

2- الاتجاه التطوري المتعدد: اعتمدت الاتجاهات على مفهوم (الدارويني) الذي شبه المجتمع بالكائن الحي قيد التطور، وهي تسير وفق قوانين الظواهر البيولوجية من حيث النمو والكمال، يعتبر (هربرت سبنسر) أول مسار تطوري من هذا القبيل، لأنه شبه تقدم المجتمع وتطوره بتطور الكائن العضوي، التطور هو من التجانس إلى عدم التجانس، في كتابه “السكون الاجتماعي” ، حيث يقول: إن المجموعة الاجتماعية متجانسة في حالة صغيرة الحجم، وكلما كان الحجم أكبر، فإنها تكتسب عدم التجانس وتصبح أكثر تعقيدًا في حياتها الاجتماعية.

3- اتجاهات الدورة الاجتماعية: النظريات ترى التغيرات الاجتماعية في اتجاه دائري وفي حركة منظمة، وأن تغير المجتمعات يشبه نمو الكائن الحي والغرض منه، إلا أن المجتمع يعيد تدوير الكائن الحي الذي تنتهي دورته عند وفاته وهذا الاتجاه موجود في عالم المجتمع العربي (ابن خلدون)، الذي كان يؤمن بتغيير المجتمع على ثلاث مراحل (بدوي، ريف، حضري).
ويرجع سبب هذا التغيير إلى ضعف العصبية والقبيلة والتضامن والاستقرار في المرحلة العمرانية، كما أشار ابن خلدون إلى أن الصراع بين الحضارة والرحل هو أساس التغيير الاجتماعي ووضع القانون (المراحل الثلاث). فيما يلي مرحلة التكوين والتشكيل ومرحلة النضج والانتهاء ومرحلة الهرم والشيخوخة.

المراحل التي مرت بها المجتمعات من أجل التغير الاجتماعي:

تقوم نظرية كونت على فكرتين هما قانون المراحل الثلاث وقانون تقدم البشرية، لأن قانون المراحل الثلاث يؤكد أن المجتمع والعلوم التي يوجه الإنسان إليها وكل الأمور المادية والمعنوية في المجتمع، وذلك ومن خلال ديناميكيات هذه المجتمعات، يمر بثلاث مراحل هي:

1- المرحلة اللاهوتية: وتتميز بسيادة الدين في المجتمع مما يجعل الفرد يخاف من القوة الإلهية ويؤدي بالتالي إلى عدم الحماس لعملية التحول والتغير الاجتماعي.
2- المرحلة الميتافيزيقية أو الفلسفية: وتتميز بالتفكير المتوازن في كل ما يحدث في المجتمع من حيث البناء والظواهر والعلاقات الاجتماعية.

3- المرحلة الوضعية: حيث يرى (كونت) أن جميع التخصصات قد وصلت إلى المرحلة الإيجابية بناءً على المنهج العلمي وتعتمد على الملاحظة والتجربة والقياس والمقارنة بين الاكتشافات الطبيعة التي أدت إلى نشوء حياة الإنسان والتي تنعكس في الجوانب العقلية والفكرية والعلوم الأخرى.

(سبنسر) يقسم المجتمع إلى أربعة أنواع وفقًا لتطور الحضارة وهي: مجتمع بسيط، مجتمع معقد، مجتمع معقد في هيكل مزدوج، مجتمع معقد لهيكل ثلاثي، وأن نشوء المجتمعات يرجع لعامل السكان الذي اعتمد على تقسيم العمل والتخصص وتنظيم الأعراف والقوانين والبناء الاجتماعي وظهور التطور والتقدم الاجتماعي، والتغير الاجتماعي الذي كان قريباً من تحول المجتمع من مجتمع بسيط إلى مجتمع معقد أدى إلى تحول العادات والتقاليد إلى قوانين تتبناها الدولة من حيث العدالة واستقرار المجتمع.

المصدر: مدخل الى علم الاجتماع،محمد عبدالهادي،2002مقدمة في دراسة علم الاجتماع،ابراهيم عثمان،2010التغير الاجتماعي والثقافي،دلال ملحس،2012التغير الاجتماعي ودوره في تغير القيم الاجتماعية،لطيفة طبال،2010


شارك المقالة: