الحاجات الثقافية لكبار السن

اقرأ في هذا المقال


من المعروفِ أنَّ كبيرَ السِّنِّ يدّخرُ ثروة لا يُستهان بها من المعلومات والخبرات، ويستطيع معها العطاء والبَذل لو أُتيحت لهُ الفرصة المُواتية، كما أنَّ قدرتَهُ على التَّعليم تظلُّ قويَّة في الظروف المُواتية أيضاً.

حاجة كبار السن إلى الثقافة

هناك مجموعة من الدُّول تهتمُّ بالحاجات الثَّقافيَّة لكبار السنّ، فتُنظّم لهم دراساتٍ حرّةً على المستوى الجامعيِّ، ويتميّز كِبارُ السّنِّ غالباً بالإقبال على تفهُّم أمور الدِّين ومناقشتها والاستفادة من حقائقها، ويظهر ذلك في إقبالهم على حضور النَّدوات والمناسبات الدِّينية.

بعد فقدان الأمل في المُستقبل والاستسلام لليأس، وأنَّ أيام البهجة قد ولّت، وتأثير المناخ العام على هذه النظرة التشاؤميَّة يحتاج كبار السن إلى التَّرفيه والتَّرويح، وإتاحة الفرصة أمامهم للتَّحرُّك في داخل بلادهم وفي خارجها، ولذلك من الضرورة تيسير اشتراكهم في الرّحلات الجماعية، والتَّمتُّع بالعروض المسرحية والسينمائية عن طريق منحهم الشروط المُيسرة للتَّمتع بها، وكذلك الأجور المُخَفَّضة في وسائل الانتقال المملوكة للدَّولة.

ما الذي يحتاجه المسنون وما الذي يسعدهم

من أهمَِّ حاجات الكبار في السن هي الحفاظ على مشاعرهم؛ لأنَّ أكثر ما يُزعج المُسنّين تلكَ التغيرات الكبيرة التي تُحيط بهم وأن يَنظُر إليهم بعض الأبناء والأقارب ومن يُحيطون بهم أنّهم قد ذهب دورهم، وضَعفت إرادتهم، وقَلَّ فَهمهم لمُستجدَّات الحياة، وبالتالي تَقلّ استشارتهم في كثير من الأمور، وربّما عَرفوا من غير أقاربهم الكثير من قرارات أبنائهم أو إخوانهم دون معرفتهم بها أو سماعهم عنها، ممّا يحرق فؤادهم ويجعلهم يتألَّمون ويتحسَّرون. 
إنَّ مراعاة الأدب مع كِبار السنّ حاجة ضرورية، أمَرَ بها دينُنا القويم حتى يُربّي فينا أحسن الأخلاق وأكملها، وفي نفس الوقت يحفظ للمُسنين حقوقهم الأدبية مهما كَبُرَ بهم السنّ.
إنَّ إشباع حاجات الشيخوخة لكبارِ السّنّ من النَّاحية الثقافية والتعرّف عليها يُعينهُ على أداء واجبهِ ومِلء أوقات الفراغ لديهِ بالقراءة والتَّثقيف والتَّسلية، وإنَّ تدنِّي القدرات العقلية والبدنية للمُسنّ تجعلهُ في حاجة دائمة لمن يعتني بشؤونهِ، ويقوم على حاجاتهِ اليومية حتى البسيطة منها، وهذه الرعاية تحتاج معرفة وتدريبٍ إلى حدٍّ ما للتَّعرف عن قُرب على كيفيَّة التعامل مع المُسنّ بطريقه صحيَّة وصحيحة، وفهم مَرضهُ إن وُجِد، وأعراضه والتّغيرات التي تظهر ربَّما بشكلٍ يوميٍّ على تصرُّفاتهِ وقدراتهِ، وتزيد حاجة المُسنِّ إلى الرعاية والاعتماد على الآخرين كلَّما تقدَّم بهِ العمر مع الوقت. 
لا بُدَّ أولاً من أن يُعامل المُسنّ باحترام كشخص كبير وليس كطفل طِبقاً لما تسمح به حالته، ومحاولة معاملتهِ كما كانت معاملتهُ مِنْ قبل، وعدم إلقاء اللَّوم عليهِ في تصرفاتهِ التي هو غير مسؤول عنها، ولكن هي نتيجة تقدُّمه بالعمر أو مرضهِ، والمحافظة على الحوار والتَّواصل معهُ والجلوس بجوارهِ ومحادثتهِ، والتأكُّد من الحصول على انتباههِ قبل التحدّث إليه، والانتباه إلى لغة الجسد لديهِ فالأفراد الذين يَجدون صعوبة في الكلام يتواصلون من خلال وسائل غير لفظيه عند قراءة الكتب لهم مثلاً. 
وكبير السن لهُ نفس الحقوق والحاجات التي يملكها أي فرد، والتي تتمثَّل في حاجات جسديةٍ وحاجات نفسيَّة وحاجات اجتماعية وحاجات روحيه وثقافية، والتي لابدَّ أن تُلبّى لكي يحتفظ كبير السن بكرامتهِ وهدوئه، وبذلك يجب أن تكون العناية مُتكاملة نفسيَّة وجسديَّة وروحية وثقافية، وتقديم أيِّ رعايةٍ ولو بسيطة لكبير السنّ يرفع من روحهِ المعنوية كثيراً، ومن الضروري أن يظلّ المُسنُّ مُستقلاً معتمداً على نفسهِ لأطول فترة مُمكنة، فهذا يُساعدهُ على الحفاظ على احترامهِ لنفسهِ ويقلِّل من العبء الواقع عليهِ . 
وهناك بعض التَّغيُّرات الجسدية والعقليَّة التي يعاني منها المُسنُّ التي يجب التعامل معها بدقَّة، حيث يشعر كبير السن بالأمان الذي يجب أن يشعر به ليجتاز أزماتهِ بأقلّ قدر من الخسائر الجسدية والنفسية والعقلية، والأمان كلمة شاملة مُتعدّدة الأبعاد، وهى أساسٌ لكلِّ فعل أو عمل للإنسان مهما كان، فالإنسان يكون في منتهى السعادة عندما يحسّ بالأمان في البيئة المُحيطة بهِ.

وبالنسبة للمُسنِّ يجب ألَّا ننسى ونضع في اعتبارنا أنَّه قد فقد بعض القدرات العقلية التي تمكنهُ من أن يُوسِّع من مَداركه الثقافية، لذا يجب علينا أن نساعدهُ في ذلك بأن نؤمِّن لهُ التَّرويح عن نفسهِ، وتأمين حضوره النَّدوات ومراكز الثقافة التي يرغب في زيارتها، أو ربَّما قراءة بعض الكتب التي تستهويهِ وتناسب قدراتهِ العقلية، وقد تنفع هذه الحاجات مع كبار السن الذين يملكون قدرات عقلية سليمة، ولا تنفع مع كبار السن المصابين بالخَرَف على سبيل المثال.


شارك المقالة: