الخدمة الاجتماعية في المدرسة

اقرأ في هذا المقال


ما أهمية المدرسة

لم تَعُد المدرسة مكاناً يُحتَجَز فيه الطالب لتلقي الدروس فحسب، بَل غَدَت تستجيب إلى التَّطوّرات التي تشهدها المجتمعات الحديثة، وإلى التغيرات التي تستدعي تنمية الجوانب الاجتماعية والنَّفسيّة للطَّلبة.

وكذلك خلق الأساليب التي تُسهِم في تكوين المهارات؛ لتحقيق التَّكيُّف الشخصي والاجتماعي وتنمية الجوانب الشخصية عند الطالب بِما يُسهِم في نموِّه نمواً مُتكاملاً من الناحية الجسمية والعقلية والوجدانية والاجتماعية، وإذا كانت الأسرة هي المؤسَّسة الاجتماعية التي تُشكِّل شخصية الطفل عن طريق التنشئة الاجتماعية الأولية فإن المدرسة هي المؤسَّسة الاجتماعية الثانوية والامتداد الطبيعي للأسرة من حيث تنمية شخصية الطفل والقيام بدور الوسيط بين الأسرة والمجتمع، وتُعنى الخدمة الاجتماعية في المدرسة كمهنة متخصّصة بتحقيق هذه الأمور وخلق روح الإبداع عند الطالب.

نشأة الخدمة الاجتماعية المدرسية

تعود البدايات الأولى لنشأة الخدمة الاجتماعية في المدرسة إلى المُدَرِّسين الزائرين في نيويورك عام ١٩٠٦، الذين كانوا يُقَدِّمون المساعدات للطلبة القادمين من الأحياء الفقيرة، وتطوّر مفهوم المُدَرِّس الزائر ليصبح في عام ١٩١٣ جزءاً من النظام المدرسي.

وفي مدينة بوسطن قامت جمعية المرأة للتعليم عام ١٩٠٧ بتنفيذ برنامج المُدَرِّس الزائر في مدارسها، وأدخلت برنامج الزيارات المتبادلة بين البيت والمدرسة بغرض تحقيق التعاون بينهما، والتَّغلُّب على المشكلات الناجمة عن ازدحام الفصول المدرسية.

ويُلاحَظ إذن أن بداية الخدمة المدرسية تمثلت بالمُدَرِّس الزائر الذي كان يأتي من خارج المدرسة ولم يكن يُشَكل جزءاً من كادرها، ولكن بعد انطلاقة الخدمة الاجتماعية عام ١٩١٧ على يدّ ماري ريتشموند وتطوّرها إلى مهنة مُعتَرَف بها لها فلسفتها ومبادِئها وطُرِقها وميادين مختلفة تنشط بها، تَحوّل المُدَرِّس الزائر إلى أخصائي اجتماعي مدرسي يُزاوِل عمله عن طريق مكتب الخدمة الاجتماعية المدرسية داخل المدرسة، أمَّا على مستوى الوطن العربي فقد أُدخِلَ نظام الإشراف الاجتماعي في التعليم لأول مرّة في مصر عام ١٩٤٩، حيث استعانت المدارس بالأخصائيين الاجتماعيين الذين باشروا عملهم داخل المدرسة.

دور الخدمة الاجتماعية في المدرسة: بناء جسور الدعم والتحفيز

تعتبر الخدمة الاجتماعية في المدرسة إحدى المكونات الأساسية التي تسهم في تطوير الطلاب وتحسين بيئة التعلم. إن الأثر الإيجابي للخدمة الاجتماعية يتجاوز دور المدرسة التقليدية، حيث يسعى الخدمة الاجتماعية إلى دعم الطلاب على مستوى شامل، سواء على الصعيدين النفسي والاجتماعي. إليك نظرة عن كثب على دور الخدمة الاجتماعية في المدرسة وكيفية تحقيق تأثير إيجابي.

1. التعزيز النفسي والاجتماعي: يعمل أخصائيو الخدمة الاجتماعية في المدارس على تعزيز الصحة النفسية والاجتماعية للطلاب. يقدمون جلسات فردية وجماعية لتعزيز التواصل الصحي وتقديم الدعم النفسي للطلاب الذين قد يواجهون تحديات عاطفية أو اجتماعية.

2. التحقق من الظروف المعيشية: يقوم أخصائيو الخدمة الاجتماعية بدراسة الظروف المعيشية للطلاب وتقديم الدعم للأسر التي قد تعاني من صعوبات مالية أو اجتماعية. يسعى الأخصائيون لتحسين هذه الظروف من خلال التنسيق مع مجتمعات محلية ومؤسسات تقدم دعماً اجتماعياً.

3. التعامل مع التحديات التعليمية: يقدم أخصائيو الخدمة الاجتماعية الدعم للطلاب الذين قد يواجهون صعوبات في التحصيل الأكاديمي. يعملون على تحديد أسباب التحديات وتقديم استراتيجيات تعليمية وتحفيزية للتغلب على هذه العقبات.

4. مكافحة التنمر: يلعب أخصائيو الخدمة الاجتماعية دورًا حيويًا في مكافحة ظاهرة التنمر في المدارس. يقدمون الدعم للطلاب المتضررين ويعملون على تشجيع بيئة تعلم تحترم التنوع وتقوم على أساس الاحترام المتبادل.

5. تعزيز التواصل بين المدرسة والأهل: يقوم أخصائيو الخدمة الاجتماعية بتعزيز التواصل الفعّال بين المدرسة وأولياء الأمور. يشجعون على التفاهم المتبادل ويعملون على تقديم الدعم للأهل في تربية أبنائهم وفهم احتياجاتهم.

6. التفاعل مع الأزمات: في حالات الأزمات، يكون أخصائيو الخدمة الاجتماعية على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للطلاب والمجتمع المدرسي. يسعىون إلى تقديم الدعم في مراحل ما قبل الأزمة وأثنائها وبعدها.

إن الخدمة الاجتماعية في المدرسة تشكل عنصرًا حيويًا في بناء بيئة تعلم شاملة وداعمة. يتعاون أخصائيو الخدمة الاجتماعية مع الطلاب والمعلمين وأولياء الأمور لتحقيق التوازن النفسي والاجتماعي والتعليمي، وبذلك يسهمون في تكوين أجيال متفتحة ومستعدة لمواجهة تحديات الحياة.


شارك المقالة: