ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات

اقرأ في هذا المقال


تنتشر في المجتمعات بعض الظواهر الاجتماعية السلبية والتي تؤثر على سلامة وأمان البشر والكثير من الكائنات الحية الأخرى، وتظهر المشكلة الرئيسية عندما يقترن ظهور هذه الظواهر بالتعبير عن الفرح في المناسبات، ومن هذه الظواهر غير المقبولة على الإطلاق هي ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات.

ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات

أدى الشعور بالمرح في الاحتفالات إلى ظهور ظاهرة اجتماعية خطيرة على البشرية متزامنة معها هي إطلاق العيارات النارية كتعبير عن السعادة والبهجة في هذه المناسبة، وعلى الرغم من وجود العديد من المجتمعات التي ألغت ومنعت هذه الظاهرة في جميع الاحتفالات سواء الكبيرة على مستوى المجتمع أو على مستوى الشخصي، إلا إنه لا يزال من بإمكانهم القيام بهذه الظاهرة في الاحتفالات والمناسبات دون مراعاة لمظاهر السلامة للأخرين، حيث تطلق بعض العائلات والأصدقاء العيارات النارية في الشوارع أو الساحات للاحتفال بمناسبة معينة.

لكن بالنسبة للبعض فإن ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات ليست متعة وتعتبر غير حضارية، وهي أكثر من مصدر إزعاج يزعج نومهم بل هي مصدر محتمل للصدمة والأذى، وهناك حل بسيط لمثل هذه الظاهرة وهو استبدالها بإطلاق عيارات نارية صامتة إذ أنها تقدم نفس الغرض ولكن بدون أضرار مخيفة وخسائر بشرية، كما أنها مذهلة لأنها تفتقر إلى القوة التفجيرية الكبيرة التي تدفع الصدمات والخوف وحتى الآثار المستمرة لفقدان السمع.

ويرى علماء الاجتماع أن تأثير ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات لها صلة كبيرة ومشابهة بتأثير عروض الألعاب النارية، ففي عرض الألعاب النارية غالبًا ما تحتوي تلك الجسيمات التي تسقط على الأرض المواد الكيميائية والقطع المادية على مواد كيميائية دافعة وملونات تجد طريقها إلى التربة وأنظمة المياه، ويتم استخراج العديد من المواد الخام المستخدمة في صناعة الألعاب النارية من الجبال، وهي عملية مدمرة تقطع الغابات وتدمر موائل الحياة البرية، ويتم التخلص من الصخور المتبقية في الوديان مما يسد ويلوث مجاري المياه المتدفقة.

وأظهرت نتائج الدراسات أن مستويات الجسيمات العالقة وثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين والهيدروكربونات وثاني أكسيد الكبريت تزداد إلى مستويات غير مسبوقة في الهواء أثناء عروض الألعاب النارية، والنساءالحوامل والأطفال ومن يعانون من الربو المزمن هم الأكثر عرضة لهذا التعرض.

ويمكن أن تسبب هذه المستويات مشاكل في الحلق والأنف والعين، ويمكن أن تؤدي إلى الصداع وانخفاض حدة العقل، ولها آثار أكثر خطورة على الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في القلب أو الجهاز التنفسي أو الجهاز العصبي، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة للأشخاص الذين يعانون من حساسية البرد أو السعال ويمكن أن يسبب أيضًا احتقان الحلق والصدر.

ويمكن أن تسبب الألعاب النارية أيضًا مشاكل في الجهاز التنفسي مثل التهاب الشعب الهوائية المزمن أو التحسسي والربو القصبي والتهاب الجيوب الأنفية والتهاب الأنف والالتهاب الرئوي والتهاب الحنجرة.

ما هي مخاطر ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات

يمكن أن تشكل ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات خطرًا على المرء وعلى الآخرين وهو مصدر إزعاج عام، إذ يمكن أن تُعرض هذه الظاهرة الأشخاص للقتل أو التشويه من قبل الذين يستخدمونها بلا مبالاة أو بدون معرفة ما يفعلونه كما يمكنهم أيضًا قتل أو تشويه أنفسهم، ويمكن أيضاً أن تعرض هذه الظاهرة الأشخاص الذين في المنازل للخطر أو تخيف الأطفال والبالغين وتتسبب في حرائق وتتلف الأماكن والممتلكات وترعب الحيوانات الأليفة والحياة البرية.

ويمكن أن تسبب ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات الضوضاء الصادرة عن صوت العيارات النارية إزعاجًا، خاصة أنها يمكن أن تسبب أيضًا طنين الأذن والصمم، أو تؤدي إلى تفاقم الحالة العصبية، ويمكن للأشخاص الذين يعانون من الربو الشعور بعدم الراحة ويمكن أن يعاني المصابون بالصرع من نوبات بعد هذه العروض، وعندما تخاف الحيوانات كالخيول والكلاب من إطلاق النار، من المعروف أن تؤذي نفسها والآخرين بالفرار، مما قد يتسبب في وقوع حوادث وإلحاق أضرار بالممتلكات.

تتسبب ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات في تلوث الهواء على نطاق واسع في فترة زمنية قصيرة، حيث تترك جزيئات معدنية وسمومًا خطيرة ومواد كيميائية ضارة في الهواء لساعات وأيام، وبعض السموم لا تتحلل أو تتحلل تمامًا بل تتجول في البيئة، وتسمم كل ما تتلامس معه، ويرتبط التعرض للجزيئات الدقيقة مثل تلك الموجودة في الدخان بآثار صحية سلبية، مثل السعال والصفير وضيق التنفس ونوبات الربو وحتى النوبات القلبية.

ووفقًا لوكالة حماية البيئة الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمشاكل هم المصابون بأمراض القلب أو الرئة وكبار السن والأطفال، وظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات إذا لم يتم التعامل معها بشكل صحيح فقد تتسبب في حدوث إصابات لدى الأطفال والبالغين، وأفضل طريقة للحماية هي عدم استخدام أي من هذه العروض، حيث إن هذه الظاهرة ليست قانونية حتى في العديد من المجالات، إلا إن هناك من لا يزال يرغب في استخدامها.

لكن الاحتفالات لا يجب أن تشوبها مثل هذه الظواهر وبصمة الخوف المتزايدة باستمرار، إذ أن هناك العديد من البدائل الرائعة والممتعة والصديقة للإنسان وللبيئة، ويمكن أن تكون الإجازات والاحتفالات أوقاتًا ممتعة مع ذكريات رائعة ولكن مع التأكد من أن الجميع ينعم بالأمان.

يمكن أن يعاني بعض الفئات الخاصة من الأطفال من هذه الظاهرة حيث يمكن أن يشعر بعض الأطفال الذين يعانون من طيف التوحد بالارتباك من الضوضاء الهائلة والأصوات غير المتوقعة لإطلاق العيارات النارية، وغالبًا ما ينصح علماء النفس والديهم بشراء سماعات إلغاء الضوضاء لمثل هذه الأحداث، ويتعين على عائلاتهم وضع استراتيجية دقيقة حول كيفية التنقل في الاحتفالات إذا ذهبوا أو اختاروا البقاء في المنزل تمامًا، مما يحرم أفراد الأسرة الآخرين من فرصة المشاركة في الاحتفالات الجماعية.

وليس الناس وحدهم من يتضرر من ظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات إذ يمكن للحيوانات كالكلاب أن تسمع ما يصل إلى 60 ألف هرتز بينما يسمع البشر 20 ألف هرتز فقط، ويمكن لظاهرة إطلاق العيارات النارية في المناسبات التي تحدث دون سابق إنذار أن تثير استجابة مفاجئة للحيوانات، مما يولد قلقًا وخوفًا حادًا في موقف لا يمكنهم فهمه، تمامًا كما هو الحال عند الناس إذ تسبب الاستجابة المفاجئة في تسارع القلوب وزيادة الأدرينالين والحاجة إلى الفرار للنجاة بحياتها.

ومع تأثر كل هؤلاء البشر والحيوانات سلبًا فقد حان الوقت لتغيير هذه الظاهرة على المستوى الفردي من خلال التخلي عن هذه الممارسات واستبدالها بممارسات أخرى أفضل ولا تسبب الضرر، وعلى مستوى صانعي القرارات عن طريق حظرها ومعاقبة مستخدميها وتكثيف برامج التوعية بمخاطرها الجسيمة على كافة الجوانب.

المصدر: علم المشكلات الاجتماعية، الدكتور معن خليل، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان، الاردن، 1998المشكلات الاجتماعية المعاصرة، مداخل نظرية، أساليب المواجهة، الدكتور عصام توفيق قمر،2000 علم الاجتماع والمشكلات الاجتماعية، عدلي السمري ومحمد الجوهري، دار المعرفة الجامعية، القاهرة،1998 الظاهرة الاجتماعية عند إميل دوركايم، طالب عبد الكريم،2012


شارك المقالة: