محددات القياس لتقويم ذوي الاحتياجات الخاصة

اقرأ في هذا المقال


إن عملية القياس باستعمال الاختبارات وطرق الملاحظة الأخرى، يكتنفها جزء من جوانب الضعف التي تجعل الخطأ في عملية القياس جزءاً رئيسياً من النتيجة المتحققة في عملية القياس، ومن أكثر جوانب القصور أهمية أن عملية القياس النفسي وعملية القياس التربوي، هي بشكل عام قياس غير مباشر للصفة أو للسمة التي يفترض قياسها، الصفة مصطلح افتراضي غير قابل لعملية الملاحظة المباشرة، وإنما يستدل عليها عن طريق سلوك ملاحظ فالتحصيل أو الذكاء أو الدافع أو التكيف النفسي أو القلق أو النزعة العدوانية وغيرها من الأمثلة العديدة.

محددات القياس لتقويم ذوي الاحتياجات الخاصة

يعد كل منها عن حالة ضمنية داخل الشخص لا نستطيع ملاحظتها وإنما نلاحظها عليها عن طريق استجابات الشخص اللفظية أو استجاباته الحركية، ومن هنا ممكن أن لا يكون هناك تناظر شامل بين خصائص الصفة الضمنية الدافع والقلق والاستجابات التي نستطيع إخضاعها لعملية الملاحظة وعملية القياس، وتتناول عملية القياس غالباً عينة معينة من السلوك الملاحظ وليس جميع السلوكات، ويمكن أن لا يكون هناك تمثيل مناسب في عينة السلوك لكل السلوك، وينشأ عن عدم التمثيل الملائم ما يطلق عليه بخطأ المعاينة.

ليس من السهل في عملية قياس الخصائص الإنسانية أن يتم التوصل إلى وحدة قياس تمثل كمية معينة من الخاصية أو من الصفة، كما هو الأمر في عملية قياس الصفات الفيزيائية مثل الطول أو الوزن، فمثلاً إذا أخذنا قياس عملية التحصيل معبراً عنه باستخدام العلامة المئوية في اختبار معين، فهل تصلح النقطة الواحدة على مقياس من مائة نقطة وحدة ملائمة لتمثيل كمية معينة من التحصيل؟ وهل الفرق ما بين العلامتين (40) و (45) مساو للفرق بين العلامتين (80) و (85) ؟ وهل الجهد الذي يصدر عن  الطالب حتى يرفع علامته من (40) إلى (45) مساو للجهد الذي يصدر عنه حتى يرفعها من (80) إلى (85)؟ أن المشاهدات العملية توضح ذلك.

وبالرغم من أننا نتعامل مع العلامات بناءً على أنها تدل على وحدات قياس متلائمة في كل أجزاء المقياس، إلا أنه لا يوجد هناك أساس نظري أو أساس تجريبي نستطيع أن نقول عليه؛ بهدف تحقق من تساوي الوحدات في كل أجزاء المقياس.

التقويم لأغراض القرار في التربية الخاصة

إن عملية التقويم عملية مختلفة الجوانب، وليست مجرد القيام بجمع بيانات باستعمال طرق متعددة ومختلفة في عملية الملاحظة وعملية القياس، ولكنها تعتمد على القيام بجمع بيانات لهدف محدد يضمن أولاً الكشف عن مشكلات بحاجة إلى متابعة، ثانياً اتخاذ قرارات لها ضرورة خاصة فيما يخص الطلبة، ونستطيع أن تتناول القرارات أموراً متعددة، لكن ما يهمنا هنا القرارات التي ترتبط بذوي الاحتياجات الخاصة.

1- قرارات الإحالة

وهي قرارات ترتبط بالحاجة إلى خدمات أخصائي أو خدمات خبير، والفرد الذي يتخذ قرار الإحالة في المدرسة هو في الغالب المدرس، ولكن يمكن للأفراد آخرين مثل الأهل أو الإداريين أن يتخذوا مثل هذا القرار إذا كانوا بحاجة أو إذا توفرت لهم الإمكانات، وتكون الحاجة إلى قرار الإحالة عندما يلاحظ المدرس مثلاً تصرفات أو مشکلات تلفت الانتباه وربما تؤدي إلى حدوث مضايقات فيحيصل، مثل تلك الحالات إلى جهات متخصصة؛ بهدف تعرفها وتشخيصها واقتراح الطرق العلاجية الملائمة.

2- قرارات الفحوص المسحية

عرضها بصورة عامة وهو التعرف على الأفراد ذوي الحاجات الخاصة ممن يحتاجون إلى برامج أو على خدمات رعاية ذات طبيعة خاصة، تستعمل في مثل هذه تلك الحالات طرق تقويم عامة الغرض منها الكشف عما إذا كان هناك أفراد بحاجة إلى عملية تقويم أكثر عمقاً أو أكثر تخصصاً، تمهيداً لتوجيه الأصناف التي يتم حصرها إلى أصناف الرعاية المخصصة لها، ومن هنا تكون الفحوص المسحية مرحلة أولية في عملية التقويم أو عملية تشخيص المشكلات بشكل خاص ترتبط باضطرابات سلوكية أو ترتبط بصعوبات التعلم أو أي نوع آخر من أنواع الإعاقة العقلية أو الإعاقة السمعية أو الإعاقة البصرية.

3- قرارات التصنيف في برامج أو خدمات

تأخذ تلك القرارات أشکالاً مختلفة، وما يهمنا في هذة الحالة هو تصنيف الافراد في مدرسة من حيث استعدادهم لخدمات أو لبرامج تربوية خاصة من نوع خدمات التربية الخاصة، وكذلك خدمات التربية العلاجية، بالاضافة الى خدمات علاج النطق وخدمات علاج الكلام. إن مثل تلك  الخدمات الخاصة هي غالباً أكثر تكلفة من الرعاية داخل المؤسسات التربوية العامة، ولذلك فإن وظيفة عملية التقويم في هذة الحالة تأخذ ضرورة خاصة من جانب كفاءتها في تشخيص وفي تقويم من هم يحتاجون إلى مثل تلك الخدمات ذات التكلفة الباهضة.

إن تقسيم الفئات في أنواع من الخدمات الخاصة يفترض أن يعود الى معايير متفق عليها من قبل الهيئات الرسمية الموكلة بتقديم مثل تلك الخدمات، ولدى الأفراد المختصين ولدى الخبراء باعتبارهم الجهات المرجعية، والتي يفترض أن تستند إلى معلومات وطرق تقويم موثوق بها بهدف تحديد مدى انطباق هذه المعايير على الفئات، ونتيجة لذلك مدى استحقاقها ومدى قابليتها للاستفادة من تلك الخدمات المتاحة وللتأكد من انطباق المعايير يحتاج الاشخاص ذو الاختصاص أن يجمعوا معلومات (بتطبيق اختبارات أو بإجراء مشاهدات عن طريق عمل مقابلات) بأساليب تضمن أحکام عادلة وتتضمن قرارات صائبة تتيح لكل شخص نوع من الخدمات الأكثر مناسبة لحالته حسبما تكشف عنه أساليب التقويم وبما يتلاءم مع المعايير المعينة لكل نوع من الخدمات الموجودة.

4- القرارات المتعلقة بتخطيط عملية التدريس

تستعمل بيانات التقويم عن الشخص لتحديد عناصر الخطة الدراسية الأكثر مناسبة لحالته، وكذلك لتصميم البرنامج الدراسي في عملية القراءة أو عملية الحساب، أو للقيام بتصميم برنامج علاجي خاص، وهنا نستطيع الاستفادة من طرق الملاحظة وأساليب المقابلة لتقرير ما إذا كانت تلك الخدمات الخاصة ستقوم في الصفوف العادية او تقوم في صفوف خاصة. كذلك فإن نتائج عملية التقويم أو عملية القياس يسترشد بها لتحديد تلك الأهداف التدريسية التي نحتاج لتعليمها والأساليب الأكثر مناسبة لتدريسها، ونتيجة لذلك يفترض أن يكون هناك تناظر وتلاؤم واتساق بين طرق التقويم ووسائله وبين أهداف المنهاج ومضمونة وعناصر تدريسه.

5- القرارات المتعلقة بتحصيل الطالب وتقدمه الدراسي

هنا تستعمل بيانات التقويم بهدف تحقق ما إذا كان الفرد استطاع تحقيق تقدمًا تجاة الأهداف الخاصة في المنهاج المقرر ونستطيع الاسترشاد إلى بيانات تقويم مختلفة لمتابعة تقدم الفرد الدراسي يوماً بيوم، مما يتيح للمدرس أن يقوم بتعديل خططه التدريسية وأن يقوم بمتابعة جمع بیانات مختلفة تقويمية أثناء فترة زمنية معينة حتى يصبح من الممكن التعرف على نسبة تقدم الفرد خلال الفترة الزمنية.

المصدر: 1- عبد الفتاح الشريف. التربية الخاصة وبرامجها العلاجية. مكتبة الانجلوا المصرية: القاهرة. 2- تيسير صبحي. الموهبة والإبداع. دار التنوير العلمي للنشر والتوزيع. الأردن. 3- تيسير كوافحة وعمر فواز. مقدمة في التربية الخاصة. دار المسيرة. 4- عبدالله الكيلاني وفاروق الروسان.القياس والتشخيص في التربية الخاصة.


شارك المقالة: