معاهدة سيفر

اقرأ في هذا المقال


في عام 1918 لقد استيقظَ العَالم بأسرِه على نهايةِ الحرب العالميّة الأولى التي استمرَّت أربع سنواتٍ كاملة، كانت 4 سنوات من المُعاناة والدّمار والخرابِ الذي شَمل كلَّ أرجاءِ العالم،حيث سُمِّيت الحرب العالميّة الأولى بالحربِ العُظمى واشتعلتْ نارها أولاً في قارَّة أوروبا لِتشمل مساحاتٍ واسعة من العَالم فيما بعد، حيث شارك في هذه الحرب سبعون مليون جندي مِن دولٍ مختلفة مُعظمهم من أوروبا، في نهاية الحَرب العالميّة الأولى لقد لقي أَكثر من تسعة ملايين جندي وسبعة ملايين مدنيّ مَصرعهم، لتكون هذه الحَرب إحدى أكبر الحُروب في تاريخ البشريّة.

ما هي مُعاهدة سيفر:

إن مُعاهدة سيفر تعتبر واحدة من المُعاهدات التي وُقِّعتْ بعد الحَرب العالميّة الأولى، حيث تمّ توقيع مُعاهدة سيفر في 10 من شهر اغسطس عام 1920، من الطبيعي أن تَكون المُعاهدات المُوقعة بعد الحَرب العالميّة الأولى جائِرة على الطَّرف الخاسِر، وأن تصبُّ في مصلحة الطّرف المنتصر، بناءً على هذا كانت هذه المُعاهدة وغيرها من المُعاهدات الموقعة بعد الحَرب العالميّة الأولى كانت تصبُّ في مصلحةِ الحلفاء، أيضاً تحجّم من قوّة دول المِحور التي خرجت مَهزومة من الحربِ العالميّة الأولى، هنا إنَّ الدُّول الخاسرة في الحرب هي المانيا والنمسا والدّولة العثمانية، كانت هذه المعاهدة ضدّ الدّولة العُثمانية حيث نصَّت على تقسيمِ الأراضي التي تقع تحت سُلطة الدَّولة العثمانيّة على الحلفاءِ المنتصرين في الحَرب، قد استمرَّ العَمل بموجبِ هذه المُعاهدة 3 سنوات فقط، حيث قَامت حرب الإستقلال التركيّة التي نَتج عنها توقيع مُعاهدة لوزان عام 1923، التي أنهت العَمل بموجبِ بنودِ مُعاهدة سيفر.

الأطراف المشاركة في معاهدة سيفر:

لقد كانت معاهدة سيفر مُوجهة إلى الدّولة العثمانية، حيث كان مضمونها هو تَقسيم أراضي الدّولة العُثمانية الواسِعة، فأطرافِ هذه المُعاهدة هم دًول الحُلفاء المنتصرون في الحربِ العظمى من جهة والدَّولة العثمانية من جهةٍ أخرى، قد تمَّ توقيع هذه المُعاهدة في معرضٍ لمصنعِ الخزف في مَدينة سيفر في فرنسا إحدى دُول الحلفاء المنتصِرة، أيضاً قد جاء من الطّرف العثماني السّلطان محمد الخامس ومعه أربَعة أشخاصٍ جاؤوا لتوقيعِ هذه المعاهدة، وهم: وزير التّعليم العثماني هادي باشا ورضا توفيق والصدّر الأعظم الداماد فريد باشا والسّفير رشيد خالص.
أما في الطّرف الآخر فقد وقع من بريطانيا العُظمى السير جورج ديكسون غراهام، أيضاً وقَّع عن فرنسا الكساندر ميلران، أما ايطاليا فوقع عنها ولونجاري، حيث تمَّ استبعاد الولات المتّحدة الأمريكية، واستبعدتْ أيضاً روسيا التي كانت قد وقعَت مُعاهدة برست ليتوفسك مع الدّولة العثمانية عام 1918، أمَّا بالنسبة إلى اليونان التي كَانت داعمة للحلفاءِ في الحرب لقد رفضتْ الحُدود المرسومة في المُعاهدة، أيضا وقَّع من دولة أرمينيا رئيس الوَفد أفتيس أهارونيان.

نتائج مُعاهدة سيفر:

إنَّ من الجدير بالذكر قبل الحديث عن نَتائج مُعاهدة سيفر، أن قبل تَوقيع هذه المُعاهدة وقعَت الإمبراطوريّة الألمانيّة مُعاهدة فرساي الذي تمَّ بموجبها إلغاء كلِّ الإمتيازات الألمانية وتَنازل المانيا عن مُعظم مُستعمراتها أيضاً التنازل عن مساحاتٍ واسعة من الأراضي التي كَانت تقع تحتَ سيطرتُها، كما أنه حصلتْ دُول الحلفاء بموجبِ مُعاهدة فرساي على امتيازاتٍ كثيرة جائِرة على المانيا بشكل شديد، لكن مُعاهدة سيفر كانت أشدّ وطئا وأَكثر قساوة على الدّولة العثمانيّة، فمن أهم نتائج هذهِ المُعاهدة:

  • نصَّت المعاهدة على حصولِ منطقة الحِجاز على الإستقلال من الدّولة العثمانيّة.
  • حصول أرمينيا أيضاً بموجبِ هذه المعاهدة على الإستقلالِ من الدّولة العثمانيّة.
  • حصول كردستان على الإستقلالِ من الدّولة العثمانيّة أيضًا بعد مُعاهدة سيفر، حيث انضمَّت بعد ذلك ولاية الموصل إليها.
  • أيضاً بموجبِ هذه المُعاهدة لقد سيطرتْ فرنسا على سوريا ولبنان وعنتاب وأورفة وماردين.

إن من الجدير بالذكر إنَّ توقيع السّلطان العثماني على هذه المُعاهدة أدَّى إلى انفصالِ الحركة التركيّة الوطنيّة بقيادةِ كمال أتاتورك باشا عن البابِ العالي في مدينة اسطنبول، ثمَّ بعد ذلك قام أعضاء الحركة التركيّة الوطنيّة بتشكيلِ برلمانٍ في أنقرة عام 1920، في نفس العام لقد تمَّ استبدال حُكومة الداماد فريد باشا بحكومةِّ الصدر الأَعظم أحمد توفيق باشا الذي أَعلن أنَّه ينوي تَوقيع المُعاهدة لكن بشرطِ الوحدة الوطنيّة، لكنَّ مصطفى كمال أتاتورك رَفض هذا الأمر وعمل على مهاجمة الحُكومة عسكريًا، ففي نهاية المطاف لقد انتصر مصطفى كمال أتاتورك على الحُكومة التركيّة، أيضاً عمل على أجبار الحُلفاء على العودةِ إلى المُفاوضات.

المصدر: احجار على رقعة الشطرنج، يوسف أبو الحجاجأطلس الحربين العالميتين: الأرض والحرب والسلام، عصام عبدالفتاحالإتفاقيات و المعاهدات في ضوء القانون الدولي، د.يوسف حسن يوسف


شارك المقالة: