نشأة الخدمة الاجتماعية الطبية

اقرأ في هذا المقال


مجالات ممارسة الخدمة الاجتماعية الطبية

الخدمة الاجتماعية الطبية أحد مجالات ممارسة الخدمة الاجتماعية، وتعتمد بشكل رئيسي على خبرات ومهارات وأساليب الأخصائي الاجتماعي الطبي في مساعدة المريض وأسرته من ناحية، ومساعدة الطبيب وهيئة التمريض وإدارة المستشفى من ناحية ثانية، ومساعدة المجتمع في الوقاية والعلاج من الأمراض المختلفة ذات الأبعاد الاجتماعية على وجه الخصوص من ناحية ثالثة.
والخدمة الاجتماعية الطبية في صورتها التقليدية هي الرعاية التي يقدّمها الأخصائي الاجتماعي الطبي للمريض مستخدماً خبراته الخاصة في خدمة الفرد، لاتّصاله بالظروف المحيطة بالمريض، مساعداً بذلك الطبيب المعالج على فهم الحالة وملابساتها المختلفة حتى يؤتي العلاج ثمرته المرجوة.
وفي حقيقة الأمر لم يكن دخول الخدمة الاجتماعية المجال الطبي إلا بناءً على وجود حاجة حقيقية شعر بها الأطباء والعاملين في المجال الطبي وأكدت عليها تقديم العلوم النفسية والاجتماعية، وشدَّدت على أهميتها للمرضى وأسرهم نظراً لدورها الهام في الإسراع بعملية الشفاء، وفي دراسة العوامل الاجتماعية المسببة للأمراض، وفي إزالة أو التخفيف من المعوقات التي تساعد في استمرار أعراض المرض ومضاعفاته.

العوامل التي مهدت لقيام الخدمة الاجتماعية الطبية

من العوامل التي مهدت لقيام الخدمة الاجتماعية الطبية ما يلي:

1- ظهرت في إنجلترا 1880م رابطة اجتماعية تدعو إلى الاهتمام بمرضى العقل.

2- تزعم ” تشارلز لوك” في إنجلترا حركة شعبية تدعو إلى ضرورة الاهتمام بالأعمال الاجتماعية في المجالات الطبية، كان لذلك من أثر فعَّال في الإسراع بالعلاج.

3- تراكم الخبرات لدى السيدات من أصحاب التنظيمات الخيرية المتطوعات للعمل الاجتماعي الطبي، وخاصة خبرات الممرضات الزائرات اللاتي كن يهتمّنَّ بالأحوال والظروف الاقتصادية والاجتماعية المؤثرة في عملية المرضى.

4- تطبيق بعض المستشفيات في النظام الممرضات الزائرات للمنازل لإرشاد المرضى وأسرهم بأسباب طبية للمرض والعوامل المهيئة للإسراع بعملية الشفاء، وقد تم تقنين هذا النظام عام 1904م.

5- سنة 1905م أنشأ أول قسم للخدمة الاجتماعية في المجال الطبي، وقد كانت مستشفى ” ماساسوتش” بأمريكا أول من طبق هذا النظام.

6- تقدُّم العلوم الاجتماعية وإظهارها لأهمية دراسة الجوانب الاجتماعية المرتبطة بالأمراض المختلفة.

7- انتشار الأمراض المزمنة، خاصة مع تقدُّم طرق اكتشافها وتأثيراتها السلبية على حياة المريض وأسلوب معيشته وأفراد أسرته، ممَّا دفع إلى ضرورة الاهتمام بالمرضى في بيئاتهم الطبيعية من خلال متخصصين اجتماعيين طبيين.

8- تزايد حالات المعوقين والمشوهين والمصابين بالبتر نتيجة للحروب المختلفة، خاصة الحربين العالمتين الأولى والثانية ممَّا يتطلَّب ضرورة تأهيلهم مهنياً واجتماعياً وطبياً، ممَّا عزَّز من أهمية التوسيع في إنشاء أقسام للخدمة الاجتماعية في المستشفيات المختلفة في كثير من دول العالم.

9- عدم قدرة الأطباء على تلبية كافة احتياجات المرضى خاصة مع تزايد الأعداد لتقديم الرعاية الطبية، ممَّا عزَّز من أهمية العمل الفريقي مع الحالات الطبية، والذي يعد الأخصائي الاجتماعي الطبي أحد أركانه، وهذا الفريق نظراً لما يتميّز به من خبرات ومهارات تعاون في تكاملية الرعاية الطبية للمرضى وأسرهم.

10- الحاجة إلى التعامل مع كثير من حالات الصم والبكم والعمي ومتخلي العقل والمسنين، على المستوى الوقائي والتنموي والمجتمعي والأسري والفردي، ممَّا يدعم من أهمية انتشار الخدمة الاجتماعية الطبية.

التأثيرات الاجتماعية على الصحة

في القرن التاسع عشر، أصبح من الواضح أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية تلعب دورًا هامًا في الصحة العامة. بدأ العديد من الطبيبة والمهنيين في الرعاية الصحية يدركون أن الفقر وظروف العيش الصعبة تؤثر بشكل مباشر على صحة الأفراد. هذا الوعي أدى إلى ظهور الاهتمام بتكامل العوامل الاجتماعية في علاج وعناية المرضى.

تأسيس مدارس الخدمة الاجتماعية: في أوائل القرن العشرين، بدأت المدارس الجامعية في تأسيس برامج لتدريب الأخصائيين في مجال الخدمة الاجتماعية. كانت هذه المدارس تهدف إلى تحضير خبراء قادرين على فهم التحديات الاجتماعية وتأثيرها على الصحة، والتفاعل بشكل فعّال مع المرضى.

تطور العمل الاجتماعي في المجال الطبي: مع مرور الزمن، تطورت الخدمة الاجتماعية في المجال الطبي لتشمل مجموعة واسعة من الخدمات. بدأ الأخصائيون الاجتماعيون يعملون في المستشفيات، والعيادات، ومراكز الرعاية الصحية الأخرى. وكان لديهم دور أساسي في دعم المرضى وأسرهم أثناء مواجهتهم للتحديات الطبية والاجتماعية.

الاعتراف بأهمية الجانب الاجتماعي في العلاج: تزايد اعتراف الجماعة الطبية بأهمية الجوانب الاجتماعية في العلاج أسهم في تعزيز تطوير الخدمة الاجتماعية الطبية. بدأت المؤسسات الطبية تدرك أن تحسين النتائج الصحية يتطلب التعامل مع العوامل الاجتماعية التي تؤثر على المرضى.

توسيع نطاق الخدمة الاجتماعية الطبية: مع تقدم التكنولوجيا والبحث الطبي، اتسع نطاق الخدمة الاجتماعية الطبية ليشمل مجالات جديدة. بدأت الأخصائيين الاجتماعيين يعملون في مجالات مثل الصحة النفسية، ورعاية المسنين، وإدارة الأمراض المزمنة، مما أضاف بُعدا جديدًا لخدماتهم.

التحديات المستقبلية: رغم التقدم، هناك تحديات تواجه مجال الخدمة الاجتماعية الطبية، مثل التحديات المتعلقة بالتمويل وضغوط العمل. ومع ذلك، يظل التفاعل الفعّال بين العلوم الطبية والاجتماعية ضروريًا لتحقيق الرعاية الصحية الشاملة والفعّالة.

تاريخ الخدمة الاجتماعية الطبية يعكس استجابة تطورية لتحديات العناية الصحية. يمثل هذا المجال الاجتماعي-الطبي تلاقيًا حيويًا يسهم في تحسين الرعاية الصحية وتحقيق الصحة الشاملة.


شارك المقالة: