ما هو مجال عقوبة الجلد تعزيراً؟

اقرأ في هذا المقال


مجال عقوبة الجلد تعزيراً:

إن من الأمثلة التي قيل فيها بالجلد تعزيراً كثيرةً منها: قضاء عمر بالجلد على من زور كتاباً لبيت المال، ووضع عليه بصمة خاتم اصطنعه على نقش خاتم بيت المال، وقدمهُ لأمينِ بيت، فأخذ منه مالاً. ففي هذه القضية تزوير واستعمالِ أوراق مزورة. ومنها قضاء عُمر أيضاً في صبيغِ عسلٍ بالجلد عدداً كثيراً، وقيل أكثر من جلد الحدّ، وذلك فضلاً عن نفيه لبدعته.
وهناك منها وطء الرجل أمه او زوجته بإذنها. ووطءِ الجارية المشتركة، وكل ما كان سببه الوطء: مثل وطء جاريته المزوجة، او جارية ولده أو جارية أحد أبويه، ووطءِ المحرمة بالرضاع أو الميتة وغير ذلك. فقد ورد أن كل هؤلاء يُعزرون بمائة جلدة، ومنها من يوجد مع امرأة في لحافٍ واحد. وهكذا كل ونا ليس فيه حد. ومن ذلك الجرائم التي تُعتبر من مقدمات الزنا.
وكذلك الحال في السرقة، فقد قيل بالجلد عقوبة في كل سرقة ليس فيها حد؛ كأن يسرق نصاباً من غير حرز، أو يسرق أقل من نصاب من حرز، أو أقل من نصاب من غير حرز، وهكذا كل سرقة لا قطع فيها. ومثل السرقة الشروع فيها، كأن يجمع المسروق في الحرز ويسترجع منه قبل إخراجه، أو يُنقب الحرز بقصد السرقة ويضبط على ذلك قبل الدخول، أو يتعرض للنقبِ أو لفتح بابٍ بقصد السرقة دون أن يكمل ذلك، ويؤخذ عند هذا الحد، ففي هذا كله الضرب تعزيراً، ضرباً يختلف قلة وكثرة باختلاف الحال. ومثال الزنا والسرقة باقي جرائم الحدود التي تمنع فيها إقامة الحد، أو تكون الجريمة دون جريمةِ الحد، وإن كانت من بابها.
ومن الجرائم التي قيل فيها كذلك بالضرب، هي إفساد الأخلاق والجاسوسيةِ، وذلك مع العقوبات الأخرى. وكذلك أيضاً المحاربة إن تاب المحارب قبل القدرة عليه، إذ يسقط عنه الحد، ولا يقتل إلا من قتل أو أو أعان على ذلك، أما الآخرون فيضرب كلٌ منهم مائةً ويُسجنُ عاماً.
لقد قال الكاساني في البدائع: بأن التعزير إذا وجب بجنايةٍ ليس من جنسها ما يوجب الحد، فإن الإمام بالخيار وإن شاء عزره بالضرب، وإن شاء بالحبس وإن شاء بالتوبيخ. أما إذا وجب التعزير بجناية في جنسها الحدّ، ولكنه لم يجب لفقد شرطه، كما إذا قال لصبيٍ أو مجنون، مثل “يازانٍ” فإن التعزير فيه يكون بالضرب، ويبلغ أقصى غاياته.

المصدر: كتاب الجرائم التي يُعاقب عليها بالجلد تعزيراً، تأليف حسن بن عبده بن محمد العسيري.كتاب التعزير في الشريعة الإسلامية، للدكتور عبد العزيز عامر.كتاب التعزير في الإسلام، للدكتور أحمد فتحي بهنسي.كتاب الحدود في الإسلام من فقه الجريمة والعقوبة، للدكتور عيسى عبد الظاهر.


شارك المقالة: