ما هي أمنية امرأة عمران عليها السلام؟

اقرأ في هذا المقال


أمنية امرأة عمران عليها السلام:

قال الله تعالى: “فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ” آل عمران: 36.أي أن هذا القول من إمراة عمران؛ لأنها كانت قد قالت: “إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا” العمران:35 لخدمة البيت وقولها: “محرراً” أي تعني أنها أرادت ذكراً لخدمة البيت، فلما جاء المولود أنثى ففهمت أن ذلك لا يؤدي إلى الغرض المطلوب الذي أرادته؛ وهو خدمة البيت فقالت: “ربِ إنّي وضعتُها أنثى “فكأنها قد قالت: إن لم أمكن من الوفاء بالنذر فلأن قدرك سبق في أنه غير منذور، ولكن الحق يقول بعض ذلك: “والله أعلم بما وضعت” آل عمران:36؛ إن هذا القول يعني أنها لا تعترض على قدر الله، ولكنها تريدُ أن تظهر التحسر؛ لأن الغاية من نذرها لم تتحقق، لقد كانت تتحسر؛ لأنها كانت تحب أن يكون المولود ذكراً لخدمة البيت، فإن لم تقدر على الوفاء فلأن الله قدر أن يكون المولود أنثى.
وقال الله تعالى بعد ذلك: “وليسَ الذَكرُ كالأنثَى”فهل هذا كلامها أم من كلام الله تعالى؟ إما أنه كلام الله تعالى؛ فكأنها لما قالت: “إني وضعتها انثى” وقال الله تعالى: “وليس الذكر كالأنثى” كأن الحق يقول: ما معناه؟ لا تظني أن الذكر الذي كنت تتمنيه سيصل إلى مرتبة هذه الانثى لها شأن عظيم.
أو أنه من تمام كلامها: “إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ” ويكون قول الحق سبحانه: “وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ” هو جملة اعتراضية، ويكون تمام كلامها: “وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ” أي أنها قالت: يارب إن الذكر ليس مثل الأنثى، أي أنها لا تصلح لخدمة البيت، وليأخذ المؤمن المعنى الذي يُحبهُ، وسنجدُ أن المعنى الأول في إشراق أكثر.
فلا يقولن أحد ذكراً أو أنثى؛ لأن نية امرأة عمران في الطاعة أن يكون المولود ذكراً، وشاء قدّر الله أنّ تكون أنثى، وتكون هذه الأنثى أسمى من تقدير امرأة عمران في الطاعة لذلك قال: “وليسَ الذَكرُ كالأُنثَى” أي أن الذكر لن يصلُ إلى مرتبة هذه الأنثى. وقالت امرأة عمران: “وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ” آل عمران:36.
إنّ امرأة عمران قالت ما يدل على شعورها، فحينما فات المولود أن تكون في الخدمة لبيت الله تعالى؛ لأنها جاءت أنثى، تمنت امرأة عمران وتفاءلت أن يكون المولود طائعةً عابدةً، فسمتها مريم؛ لأن مريم في لغتهم تعني العابدة، فما فات المولود في خدمة البيت، فليكن في خدمة عقائدها وخدمة منهجها في ذاتها، وأول ما يقدح العبودية هو الشيطان؛ فإنه هو الذي يجعل الإنسان يتمرد على العبودية.
إن الانسان يريد أن يصبحُ عابداً، فيأتي الشيطانُ ليزين له المعصية؛ لأجل ذلك أرادت امرأة عمران أن تحمي ابنتها من نزغات الشيطان، وقد تمنت لمريم أن تكون عابدةً، فقد كانت امرأة عمران تمتلك عقليةٍ إيمانيةً حاضرة، تحمل المنهج التعبدي كله، فقال تعالى: “ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ“.
وقد عَلمنا الرسول عليه الصلاة والسلام أنه حين يأتي الرجل أهلهُ أن يستعيذ بالله من الشيطان؛ لأن إيتيان الأهل مضنةً لمولودٍ قد يجيء، فعلى العبد أن يقول: اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، ومن يقول هذا الدعاء قبل إتيانهِ أهلهِ، فلا يكون الشيطان ولايةً أو سبيلاً على المولود أن قدّر أن يكون، ولذلك قالت امرأة عمران: “وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ” والذريةُ قد يفهما الناس على أنها النسل المتكاثر، ولكن كلمة ذريةً تُطلق على الواحد وعلى الإثنين وعلى الثلاثة، فالذريةُ هنا بالنسبة لمريم هي عيسى عليه السلام.

حديث عن مريم زوجة عمران عليها السلام:

إنّ النبي عليه الصلاة والسلام خطَّ أربعةَ خطوط، ثمَّ قالَ: أتَدرون لمَ خططتُ هذه الخطوطَ ؟ قالوا: لا، قالَ: أفضَلُ نساءِ الجنَّةِ أربع: مريمُ بنتُ عمرانَ، وخديجةُ بنتُ خوَيلد، وفاطمة بنتُ محمَّد، وآسيةُ ابنةُ مُزاحمٍ. ودليل هذا الحديث: أن الله تعالى فَضَّلَ بعضُ النَّاسِ على بعض في الدنيا والآخِرةِ بعَدلِه وحِكمتِه سبحانه.
وفي هذا الحَديثِ يقول عبد الله بن عباس رضِيَ اللهُ عنه: إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَطَّ أربعةَ خُطوط، أي: أنه رسَمَ أربعةَ خطوط على الأرضِ، ثمَّ قال: أتعلمون لِمَ خطَطْتُ هذه الخطوطَ؟ قالوا: لا، قال: أفضَل نِساءِ الجنَة أربع: مريمُ بِنت عمرانَ وهي أُم المسيح عيسى ابنِ مَريمَ عليه السَّلام التي أحصَنَتْ فرْجَها، أي: عفَّتْ ومَنَعَتْ نفْسَها من الفُجورِ، ونُفِخَ فيها مِن رُوحِ اللهِ، وكانت مِن القانتين، وخديجة بنتُ خُويلد، وهي زَوجةُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التي آمنَتْ به وواسته بمالِها ورَزَقَه اللهُ منها الوَلدَ، وقد بشَّرها النَّبي صلى اللهُ عليه وسلَّم ببَيت مِن قَصَب، أي: بقَصرٍ مِن لُؤلوة مجوَّفة واسعة، لا صَخَبَ فيهِ ولا نصَبَ، أي: لا اختلاطَ فيه للأصواتِ والصياح، ولا تَعَب فيه ولا شَيءَ ينغص التَّنعم به، وفاطمة بنت محمد، وهي أُم السِّبطين الحَسن والحسين، وآسيةُ ابنةُ مُزاحِم، وهي زوجة فرعونَ التي آمنَت بنَبِيِّ الله موسى عليه السلام، وقالت: “رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ” التحريم: 11. وكلٌّ منهنَّ سيِّدةٌ على نِساءِ زمانِها، وهنَّ سيِّداتُ أهْلِ الجنَّةِ جميعًا.


المصدر: كتاب أطلس تاريخ الأنبياء، تأليف سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوثكتاب قصص الأنبياء تأليف الكاتب محمد متولي الشعراوي.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب قصص الأنبياء، للحافظ ابن كثير.كتاب قصص الأنبياء، تأليف عبد القادر شيبة الحمد.


شارك المقالة: