من شبهات الدجال وشهواته

اقرأ في هذا المقال


شبهات الدجال وشهواته:

أولاً: عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “إنّ مع الدّجال إذا خرجَ ماءً وناراً، فأما الذي يرى الناسُ أنها النّارُ، فماءٌ باردٌ، وأمّا الذي الّذي يرى الناس أنهُ ماءٌ باردٌ، فنارٌ تحرق، فمن أدرك منكم فليقع في الذي يرى أنها نارٌ فإنه عذبٌ بارد” وفي رواية مسلم” لأنا أعلم بما مع الدّجال منه معه نهران يجريان: أحدهما رأي العين ماءٌ أبيض والآخر، رأي العين نارٌ تأججُ، فإما أدركن أحدٌ فليأت النهر الذي يراهُ ناراً، وليُغمض ثم ليُطاطئ رأسه، فيشرب منه فإنه ماءٌ بارد”. أخرجه البخاري.
ثانياً: عن أسماء بنت يزيد قالت كنّا مع النبي عليه الصلاة والسلام في بيته فقال: “إذا كان قبلَ خروجِ الدجَّالِ حبسَتِ السماءُ ثلثَ قَطرِها ثلاثَ سِنينَ وحبسَتِ الأرضُ ثلثَ نباتِها فإذا كانتِ الثانيةُ حبستِ السماءُ ثلثَي قَطرِها وحبستِ الأرضُ ثلثَي نباتِها فإذا كانتِ السنةُ الثالثةُ حبستِ السماءُ قَطرَها كلَّه وحبستِ الأرضُ نباتهَا كلَّه ولا يَبقى ذو خُفٍّ ولا ظِلفٍ إلا هلَك فيقولُ الدجَّالُ للرجلِ مِن أهلِ الباديةِ: أرأيتَ إن بعَثتُ إبلَكَ ضِخامًا ضروعُها عِظامًا أسنمتُها تَعلَمُ أني ربُّكَ؟ فيقولُ: نعَم فيتمثَّلُ له الشيطانُ على صورةِ إبلِه فيتبعُه ويقولُ للرجلِ: أرأيتَ إن بعَثتُ أباكَ وأمَّكَ ومَن تعرِفُ مِن أهلِكَ أتعلَمُ أني ربُّكَ؟ فيقولُ: نعَم فيتمثَّلُ له الشيطانُ على صورِهم فيتبعُه وخرَج رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبَكى أهلُ البيتِ فرجَع رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ونحن نَبكي فقال: ما يُبكيكم؟ فقلتُ: يا رسولَ اللهِ ما ذكَرتَ منَ الدجَّالِ واللهِ إنَّ أَمَةَ أهلي لَتَعجِنُ عجينَها فما تبلُغُ حتى تكادُ كبِدي تتفتَّتُ منَ الجوعِ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إن يخرَجْ وأنا فيكم فأنا حجيجُه دونَكم وإن يخرُجْ مِن بعدي فاللهُ تبارَك وتعالى خليفَتي على كلِّ مسلمٍ”. أخرجه أحمد.
شرح الحديث:
إن هذا الحديث يُنبهُ إلى عدة تغيراتٍ مناخية مُهيئة لفتنةِ الدّجال، فإن هذه التغيراتِ يترتبُ عليها القحط الشديد ومن ثمّ مجاعات، وذلك لدرجةٍ تهلك فيها أكثر الحيوانات تحملاً وصبراً مثل الإبل، وهذه الحال العظيمة تبرز لنا مدى الحال الصعبة التي ستحلُ بالمؤمنين، فإن المساومة مع الدّجال ستكون ابتداءً على سدّ الرمق.
والحديث أيضاً يُشير إلى دور الشياطين في مع الدّجال، وأساليبهم في تسهيل فتنة وترويج دجَله على الناس، ولعلّ الحديث يُشير إلى جانب واحد من أساليبهم اقتصر النبي عليه الصلاة والسلام على ذكره بما تتضح معه باقي الصور المشابهة
وفي الحديث أيضاً إشارةً إلى جانبٍ كبير من فتنة الدّجال وهو السحر والتخييل والاستعانة بالجن والشياطين، ولعلّ الشياطين في زمانه تكون ٌأقدر على التمثيل والتجسد من زماننا، وكذلك في الحديث إشارةً إلى طبيعة فتنة الدّجال في كون المقصود منها حصول الغواية للناس لا نفعهم، وإلا فهذا الأعرابي الذي يؤمن به ويسقط في الهاوية ماذا سيستفيد من تلك الإبل التي هي عبارة عن جن مجسدة.
والمقصود من قول أسماء”إنّ أمة أهلي لتعجنُ عجينها فما تبلغُ حتى تكاد تفتت من الجوع” هو أن الإنسان لا يحتمل الصبر على الجوع مدةً طويلة، فذكرت مثالاً من واقعهم، وهو أنّ المرأة لا تكاد تنتهي من العجين والصبر عليه حتى يخبز إلا أصابها الجوع، وهي فترة قصيرةً تقدر بالسُويعات، فكيف الصبر على تلك السنوات الثلاث الشدائد.
عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذراً وأسبغهُ ضروعا وأمده خواصر ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ويمر بالخربة فيقول لها أخرجي كنوزك. فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل” جزء من حديث طويل.
شرح الحديث:
إنّ حرب الدّجال هي عبارة عن حرب شهواتٍ وشبهات، وهي نفسها تُسمّى بحربِ إبليس لعنه الله، والشهوات لا يمكن دفعها إلا بالصبر، أما الشبهات فتدفعُ باليقين، ومن حصل الصبر واليقين نجا من فتنة الدّجال لعنه الله، وكان أهلاً للإمامة في الأرض، يقول الله تعالى:” وجعلنا منهم أئمةً يهدونَ بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يُوقنون”. السجدة:24.
ويُلحظ أيضاً من الأحاديث السابقة أنّ ما لدى الدّجال من نار أو ماء ليس على حقيقته، وهذا نوع من الشبهة لا ينفع معها إلا اليقين المخالف لما تشاهده العين، فالنارُ التي تتأجج أمام أعين الناس هي ماء بارد؛ لذا من كان من أهل الإتباع والانتفاع بسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام سيكذب ما تراه عينه، ويصدق ما أخبر به نبيه عليه الصلاة والسلام، ويتصرف بعين اليقين، لا بعين المشاهدة؛ فليغمض عن بصره، وليفتحُ عين بصيرته، وليقتربَ من النار، وليَشرب منها متيقناً بما أخبره النبي عليه الصلاة والسلام فستكون بإذن الله ماءً بارداً.

المصدر: كتاب علامات الساعة، تأليف سعيد اللحام.كتاب المسند من أحاديث الفتن والملاحم وأشراط الساعة، تأليف مصطفى العدوي.كتاب أشراط الساعة، تأليف عبد الله سليمان الغضيلي.الموسوعة في الفتن والملاحم وأشراط الساعة، تأليف يوسف عبد الله بن يوسف الوابل- دار ابن الجوزي.كتاب أشراط الساعة وأسرارها، تأليف محمد سلامة جبر- الطبعة الأولى.


شارك المقالة: