اقرأ في هذا المقال
الزكاة عبادة من العبادات المفروضة على المسلمين، التي وضع الشارع الحكيم أحكامها وضوابطها بشكل قطعي، ولا مجال للاجتهاد فيها، أو التعديل على أحكامها، حيث كانت هذه الأحكام شاملة ومناسبة لكل جوانب حياة الإنسان، إلّا في بعض المسائل الفقهية التي تتأثر بتغير الظروف والأحوال من زمن لآخر، فقد تُرك الحكم في هذه المسائل لاجتهادات الفقهاء فيما يتناسب مع ظروف الحياة في الواقع المعاصر، ومن أهم هذه المسائل زكاة الأراضي في الواقع المعاصر.
ارتباط زكاة الأراضي بنية المزكي:
يرتبط وجوب زكاة الأراضي بنية المزكي مالك الأرض، وعليه فإن وجوب زكاة الأراضي يختلف تبعاً لنية صاحبها، فإذا نوى الاسترباح بها وجب عليه إخراج الزكاة، ولا تجب فيها زكاة إذا كانت بنية السكن.
والمقصود بنية التجارة بالأرض نية البيع بهدف الربح، وليس بيعها بهدف عدم الرغبة في اقتنائها، كما أن تغيير النية من شراء صاحب المال للأرض، بحيث نوى التجارة بها بعد أن اشتراها بهدف الانتفاع الشخصي، هنا يترتب عليه إخراج زكاتها، لكن إذا اشتراها بنية التجارة وغير نيته بعد ذلك للانتفاع بها تهرباً من دفع الزكاة، فحكم الزكاة هنا ينفصل عن نيته وتوجب في الأرض.
هل كساد الأرض أو خسارتها يخرجها من حكم الزكاة؟
لا يجوز التهرب من إخراج زكاة الأرض بسبب كسادها، أو تأخر بيعها، أو خسارتها بمعنى بيعها بأقل من سعر شرائها، من حكم الزكاة، حيث أجمع علماء الفقه على أن زكاة الأرض تجب عند بيعها، وإن بقيت أكثر من سنة في حوزة صاحبها، وتكون قيمة الزكاة عن سنة واحدة فقط.
وتجب الزكاة في الأراضي سواء كان صاحبها محتكرها لحين ارتفاع أسعار الأراضي، أو كان يُعرضها للبيع طول الوقت التي كانت في ملكيته.
مقدار زكاة الأرض:
إنّ المقدار الواجب للزكاة في الأرض المعدة للتجارة، هو ربع العشر، كما في عروض التجارة، حيث أن الأرض هنا تعامل معاملة عروض التجارة، كون صاحبها اشتراها بنية بيعها بقصد الربح، وتجب الزكاة فيها بعد أن يمر عليها حولاً كاملاً عند صاحبها، كما هو في شروط وجوب الزكاة.
ويجوز تأخير إخراج قيمة زكاة الأرض، حسب رأي بعض العلماء، إذا لم يتوفر النقد في يد صاحبه فور وجوب زكاتها، ويحصل هذا الوضع في أغلب الشركات العقارية في يومنا هذا.
ويحتاج موضوع الحكم في زكاة الأراضي المعدة للتجارة، إلى تقييم دقيق وسليم للواقع الذي نعيش فيه، لذلك يجب على الهيئات الشرعية المتخصصة في الأحكام وفتاوى الزكاة، أن تحدد ضوابط وأحكام ثابتة تتناسب مع واقعنا المعاصر، لتكون دليل الناس في إخراج زكاة تجاراتهم، وحساب مقاديرها.
