ما هي مشكلات عدم الالتزام بأخلاقيات مهنة العلاقات العامة؟

اقرأ في هذا المقال


مشكلات عدم الالتزام بأخلاقيات مهنة العلاقات العامة:

تمتد دراسة الأخلاقيات إلى بداية تاريخ الفكر الفلسفي ذاته، فالناظر في مباحث الفلسفة يجب أن يدرك المكانة التي احتلها مبحث القيم، وفي مجال العلاقات العامة على الفرد أن يلتزم بالأخلاق الحميدة في تعامله مع الجمهور، فيكون أميناً في التعرف على مشكلاتهم وحاجاتهم وصادقاً في نقلها للمسؤولين.
كما يجب عليه أن يلتزم في تعامله مع وسائل الإعلام بالتشريعات الموضوعة لذلك، بالإضافة إلى الاتزام بتأدية العمل على أكمل صورة؛ حتى تستطيع المنظمة تحقيق أهدافها وعلى مستوى الممارسة المهنية، فكل مهنة معترف بها في المجتمع طرحت معايرها وأخلاقياتها وألزمت أعضاءها بها، وتُعبر هذه الأخلاقيات في مضمونها عن العلاقات بين ممارسيها من ناحية، والعلاقات بينهم وبين عملائهم من ناحية ثانية، وبينهم وبين المجتمع الذي ينتمون إليه.
وأثبت العالِم بات باومان في دراسة أن الانتهاكات الأخلاقية التي تحدث من الممارسين للعلاقات العامة لا حصر لها، لكن معظمها يمكن تقسيمه إلى أربع مجموعات ما يدخل في إطار المسؤولية الاجتماعية، وفي إطار العلاقات بين الممارسين وعملائهم أو مستخدميهم وإطار العلاقات بين الممارسين ووسائل الاتصال، وفي إطار علاقات الممارسين ببعضهم البعض.
وشكل العاملين في العلاقات العامة والجمعيات والاتحادات التي تجمع الممارسين لها، تحدد آداب المهنة وقواعدها وتساعد في التقنين العلمي لها، ومن أبرز هذه الجمعيات جمعية العلاقات العامة الأمريكية، والتي تحددت دستور للمهنة في عام 1960، ثم عدلته وأعلن أعضاء الجمعية تعهدهم بالتزام هذا الدستور في أعمالهم الخاصة والمهنية.
وقد صدرت القوانين التي تُنظّم العمل في العلاقات العامة في أماكن عدة، مثل قانون المعهد البريطاني للعلاقات العامة والذي يشمل سبعة عشر نصاً تركز على التزام العنصر باحترام المصلحة العامة وكرامة الإنسان، ولا يتعمد نشر معلومات زائفة، ولا يستهدف إفساد نزاهة وسائل الإعلام، ولا يعمل في خدمة عملاء ذوي مصالح متصارعة، ولا يقبل هبات عينية أو مادية من أي مصدر آخر.
كما صدرت قوانين أخرى مثل قانون الاتحاد الدولي للعلاقات العامة، قانون أثينا، قانون اتحاد مستشاري العلاقات العامة وقانون المعهد النيجيري، والذي قام على عدة أسس أهمها أن يتعرف كل عضو بأن لكل شخص الحق في الوصول لأحكامه، وأن يحترم حق الأحزاب المتنازعة في شرح وجهات نظرها، وأن يفضل الحقيقة والأمانة على كل الاعتبارات الأخرى، وأن يحترم ثقة عملائه وأن يحمي سمعة المهنة وسمعة أعضائها.
أمّا عن الوضع الحالي للعلاقات العامة، فإن أغلب الممارسين للمهنة يتم اختيارهـم دون أسس علمية، ويمارسون أنشطة قد تكون بعيدة عن المجال الحقيقي للعلاقات العامة، ويُركّز بعض مالكي المؤسسات على صفة الجمال فيمن يتم اختيارهن من فتيات للعمل في هذا المجال، كجواز مرور لتسهيل مهام المنظمة، دون تركيز على استعدادهن وقدراتهن التي تصلح للعمل في العلاقات العامة.
ويرتبط هذا الأمر بفهم خاطئ للمهنة، وإلصاق عدد من الأنشطة بها هي في الواقع بعيدة كل البعد عن مجال عـملها، ويقع العبء في حل هذه المشاكل على الخبراء العلميين في هذا المجال، فعليهم تنظيم الممارسين المؤهلين لهذه المهنة في اتحادات أو جمعيات، ووضع قواعد لدخول الممارسين في عضويتها وأخلاقيات لعملهم، وطرق العقاب الخارجين عن هذه القواعد والمعايير وحل لمشكلة عدم الالتزام الأخلاقي لممارس العلاقات العامة.
وقدَّم بعض الباحثين عدداً من المرتكزات الأخلاقية، التي يمكن أن يسترشد بها ممارسو العلاقات العامة في أدائهم للمهنة، وهي إدارة وتخطيط العلاقات العامة ومنها الهدف ويتم تحديد مهام العمل في غالبية المؤسسات من قبل الإدارة العليا، وغالباً ما تسترشد هذه الإدارة بمجموعة من القيم والرغبات والآراء، التي تساعد ممارسي العلاقات العامة على تحديد السلوكيات المقبولة وغير المقبولة أخلاقياً.
ويجب أن يشعر ممارس العلاقات العامة بالاعتزاز بذاته وبمهنته وبالمؤسسة التي يعمل بها؛ لأن ذلك سيساعده على مقاومة إغراءات اتخاذ السلوكيات غير الأخلاقية، ويجب أن يدرك ممارس العلاقات العامة في إطار هذا المرتكز أن التمسك بالقيم الأخلاقية سوف يؤدي إلى النجاح على المدى البعيد، لذلك يجب أن يوازن بين الرغبة في تحقيق النجاح وبين الأسلوب الذي سيتبعه في تحقيق هذا النجاح.
وكما يجب أن يصر الممارسون على التأكد من أن كل أعمالهم تتوافق مع التزامهم بالمبادئ الأخلاقية، ولا بد أن يحدد ممارس العلاقات العامة موقف المؤسسة التي يعمل بها في المجتمع، وأن يقيم الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، كذلك أن يحدد مدى أخلاقية السبل التي يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف، وقد اقترح آخرون عدة مـبادئ يمكن أن تكون حدوداً أخلاقية لمهنة العلاقات العامة ومنها الحقيقة، ويقوم هذا المبدأ على القاعدة التي أرساها سكوت غوتليب والتي تفيد بضرورة تجتنب ممارسي العلاقات العامة نشر العبارات الرنانة، أو أنصاف الحقائق التي تؤدي إلى إفساد موضوعية وسائل الإعلام.
فلا بد أن يعمل ممارس العلاقات العامة في إطار من النزاهة الشخصية، وأن يتأكد من أن الجمهور سوف يستفيد من قبوله للرسائل الإقناعية التي يقدمها، وأن عمل ممارس العلاقات العامة يجب أن يقوم على احترام الأفراد الذين يوجه إليهم رسائله، وإلا يعتبرهم مجرد أدوات لتحقيق مصالحه الشخصية، وضرورة مراعاة التكافؤ بين الممارس وبين الجمهور الذي يستقبل الرسائل الإقناعية، فيما يتعلق بمستوى المعلومات التي يحتفظ بها الطرفان، كذلك مستوى الفهم والخبرة، لذلك يجب أن يتجنب ممارسو العلاقات العامة أساليب استغلال جهل الجمهور بالحقائق.

المصدر: تخطيط العلاقات العامة،علي عجوة،2005تخطيط العلاقات العامة،محمود يوسف،2005العلاقات العامة،سمير حسين،2008العلاقات العامة،شيماء زغيب،2008


شارك المقالة: