قصة قصيدة بلاء ليس يشبهه بلاء

اقرأ في هذا المقال


قصة قصيدة بلاء ليس يشبهه بلاء

أمّا عن مناسبة قصيدة “بلاء ليس يشبهه بلاء” فيروى بأنّ علي بن الجهم كان يكره مروان بن أبي الجنوب، وكان سبب ذلك الكره المنزلة العالية له عند الخليفة العباسي المتوكل، وفي يوم من الأيام كان الاثنان في مجلس الخليفة، فقال الخليفة لعلي: يا علي، أي منكما أشعر؟، وكان قصده أن يغري بينه وبين مروان، فقال له علي: أنا يا أمير المؤمنين، فقال الخليفة لمروان: ما رأيك بما قال يا مروان؟، فقال له مروان: يا أمير المؤمنين: إن كل الناس أشعر مني، وإذا رضيت فوالله إني لا أبالي بغيري، فقال له الخليفة: هذا امتناع عن الجواب، لقد زعم علي بأنه أفضل منك بالشعر، فإن كان صادقًا فضلته عليك، وإلا فأثبت بأنك أشعر منه.

فنظر مروان إلى علي وقال له: يا علي، هل أنت أفضل مني في قول الشعر؟، فقال له علي: هل عندك شك في ذلك؟، فقال له: نعم والله، أشك وأشك، فكافة الناس تعلم بأني صادق، ومنهم أمير المؤمنين، فقال له علي: إنه يجاملك، فقال الخليفة لعلي: هذا افتراء منك يا علي، ثم التفت إلى رجل يقال له ابن حمدون، وقال له: اقض بينهما يا ابن حمدون، فقال له ابن حمدون: والله إنك قد وضعتني بين فكي أسدين، فنظر الخليفة إليهما وقال: لقد سمحت لكما بهجاء بعضكما البعض، فليقل كل منكما أفضل ما عنده، فقال له علي: إن الخمر قد أثقل علي، فلن أستطيع قول الشعر حتى أفيق، فقال مروان: أمّا أنا فأستطيع، فقال له الخليفة: قل، فأنشد مروان قائلًا:

إن ابنَ جهمٍ في المغيب يَعيبني
ويقول لي حُسْنًا إذا لاقاني

ويكون حين أغيبُ عنه شاعرًا
ويضلُّ عنه الشعرُ حين يراني

وإذا خلَونا “باك” شعري شعره
ونزا على شيطانه شيطاني

صغُرت مهابته وعُظِّم بطنه
فكأنما في بطنه ولدان

إن ابن جهم ليس يرحمُ أمَّه
لو كان يرحمها لما عاداني

فضحك الخليفة والحاضرون، ولم يستطع علي أن يتكلم، ومن ثم قال: والله إن ما قلت من شعر يشبهك أنت، فقال له مروان: أعلم ذلك، إنه هزل، ولكن إن أردت الجدّ، وأنشده:

لّعمْرُكَ ما جهم بن بدر بشاعر
وهذا عليٌّ نجلُه يدّعي الشعرا

ولكنْ أبي قد كان جارًا لأمّه
فلما ادّعى الأشعار أوهمني أمرا

ففضحه في ذلك المجلس، ولم يجد علي جوابًا، ولكن حين أفاق مما هو فيه، أنشد بيتين من الشعر في مروان، قائلًا:

بلاءٌ ليس يشبهه بلاء
عداوةُ غير ذي حسب ودين

يُبيحك منه عِرضًا لم يصنه
ويرتع منك في عِرض مصون

نبذة عن علي بن الجهم

هو علي بن الجهم بن بدر بن مسعود بن أسيد بن أذينة بن كرار بن كعب بن مالك، ولد في بغداد، وأصله من قريش، من شعراء العصر العباسي.

المصدر: كتاب "العقد الفريد" تأليف ابن عبد ربه الأندلسيكتاب "الشعر والشعراء" تأليف ابن قتيبة كتاب "الأغاني" تأليف أبو فرج الأصفهانيكتاب "البداية والنهاية" تأليف ابن كثير


شارك المقالة: