مسيرة المرأة العربية في ضل تحديات الواقع الاجتماعي ووسائل الإعلام

اقرأ في هذا المقال


هنالك العديد من الصعوبات المعقدة التي تواجهها المرأة العربية، بما في ذلك طبقات الخفاء والتهميش وعدم المساواة، والتي تضاعفت جميعها بشكل ملحوظ خلال جائحة (COVID-19)، يتضمن هذا الفحص تركيزًا خاصًا على كيف ولماذا كانت الفجوة الرقمية، المعرفة على أنها الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون من التكنولوجيا، عاملاً رئيسياً مساهماً في هذا التفاوت المتسارع، ونقترح تبني نموذج اشتراكية رقمية بديل ونهج قيادة شامل يركز على النوع الاجتماعي لمعالجة هذا الوضع.

أثر جائحة كورونا على مشاركة المرأة وتطورها

عندما اجتاح جائحة (COVID-19) العالم في عام 2020، أثر على جوانب مختلفة من الحياة بشكل كبير، بما في ذلك  المرأة، التعليم، والتوظيف، السفر، الخدمات الصحية، الاقتصاد وحتى استهلاك وسائل الإعلام وأنماط البحث عن المعلومات وتبادلها، وتعاني المناطق الأقل نموا من مشاكل أكبر، حيث تتفاقم التحديات القائمة، على سبيل المثال، في خضم التباطؤ الاقتصادي الآخذ في الاتساع والذي يغذي الوباء، بدت الدول الهشة في العالم العربي مبتلاه بفيروس اجتماعي واقتصادي إضافي.

ومن الأمثلة على ذلك لبنان، الذي وصل إلى حافة الانهيار التام بسبب أزماته المحلية والاقتصادية والسياسية الحادة، والتي تفاقم الكثير منها بسبب (COVID-19)، مثال آخر هو مصر، التي تعاني أيضًا من التأثير الاقتصادي للوباء، إلى جانب انخفاض أسعار النفط وتراجع السياحة.

وهذا له تداعيات خطيرة بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفًا في المنطقة، مثل النساء والفقراء والعمال المهاجرين وغير التقليديين واللاجئين والمشردين، في الواقع، توقع صندوق النقد الدولي انخفاضًا إجماليًا بنسبة 7 في المائة في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في البلدان العربية، فضلاً عن انخفاض بنسبة 14 في المائة في التحويلات في جميع أنحاء المنطقة، مع عدد لا يحصى من الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك تفاقم التفاوتات بين الجنسين.

علاوة على ذلك، أدى الانفجار الهائل للمعلومات التي صاحبت هذا الوباء في بعض الحالات إلى زيادة المعلومات، أو ما أصبح يعرف باسم الوباء المعلوماتي، وهو مصطلح صاغته منظمة الصحة العالمية (WHO) في إشارة إلى الموجة المعلومات المضللة والمعلومات المضللة والشائعات التي تزامنت مع انتشار الكوفيد.

ومع ذلك، هناك تهديد موازٍ آخر ولكنه متناقض، والذي يمكن الإشارة إليه على أنه نقص المعلومات، يتجلى على أنه نقص في المعلومات الأساسية المهمة، وقد صاحب أيضًا انتشار هذا الوباء، مع عواقب وخيمة بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفًا، والفئات المهمشة، بما في ذلك النساء العربيات، يتقاطع نقص المعلومات أيضًا مع فجوة منهجية أساسية بين النساء في العالم العربي من حيث الوصول والسياق والتدريب وملكية أنظمة المعلومات التي يشاركن فيها، مما يؤدي إلى مزيد من عدم المساواة.

التحديات والمخاوف والمحاولات للمرأة العربية

تعاني النساء في جميع أنحاء العالم العربي من سلسلة من التداخلات غير المرئية، مع بقاء العديد من عناصر مساهماتهن الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في المجتمعات التي يعشن فيها غير معدودة أو غير موثقة أو مهملة، وبالمثل، فإن التفاوتات بين الوصول إلى المعلومات والتعليم حسب الجنس تعني أن المرأة في العالم العربي غالبًا ما تكون في وضع سيئ للمشاركة في المجتمع على نطاق أوسع، في منطقة ذات جيوب ترتفع فيها معدلات الأمية، تعاني النساء.

خاصة في المناطق الريفية والنائية، من أمية أعلى مقارنة بالرجال، بينما في الطرف الآخر من الطيف، لا تزال بعض النساء المتعلمات في المنطقة محرومات بشدة من سوق العمل، واقتصاد المعلومات، كما تعاني النساء العربيات من ركود تقاليد اجتماعية نابعة من ثقافة أبوية عميقة الجذور، وهذا يؤدي إلى ممارسات اجتماعية تضر بالمرأة، مثل الزواج المبكر، وانخفاض فرص الحصول على التعليم الرسمي، ومحدودية العمالة.

بشكل عام، تعاني المرأة العربية من ثلاث طبقات من التخفي، والتي تحجب هوياتها المعقدة والواقع المعيشي، وهي: التحريف الإعلامي، والتهميش في الأدبيات الأكاديمية، والتهميش في المجال الاجتماعي والاقتصادي، لذلك، عندما اندلع الربيع العربي في عام 2011، انخرطت النساء العربيات في صراع مزدوج لتحرير بلادهن من الاستبداد، مع تحرير أنفسهن أيضًا من التهميش، من خلال محاولة تأمين المساواة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية.

بعبارة أخرى، بينما كان الرجال العرب يخوضون كفاحًا واحدًا لإنهاء الظلم السياسي، انخرطت النساء العربيات في كفاحين متوازيين لإنهاء الظلم السياسي والاجتماعي، حيث تتناول هذه المقالة النضالات المعقدة التي تواجهها المرأة العربية، بما في ذلك طبقات الخفاء والتهميش وعدم المساواة، والتي تضاعفت جميعها بشكل ملحوظ خلال جائحة( COVID-19)، يتضمن هذا الفحص تركيزًا خاصًا على كيف ولماذا كانت الفجوة الرقمية، المعرفة على أنها الفجوة بين من يملكون ومن لا يملكون من التكنولوجيا، عاملاً رئيسياً مساهماً في هذا التفاوت المتسارع.

أثر الفجوة الرقمية على المرأة العربية في ظل انتشار فيروس كورونا

على الرغم من أن الاقتصاديين وصانعي السياسات في أوروبا والولايات المتحدة قد توقعوا بطموح إمكانات التوسع الاقتصادي ونمو الوظائف في المجال الرقمي، مع انتقال العديد من الوظائف والمدارس والعمليات الحكومية بشكل دائم عبر الإنترنت، دعا البعض إلى مزيد من الاهتمام بالطريقة التي يمكن أن يحدث بها ذلك وقد يؤدي التحول إلى تسريع الفجوات الموجودة في الوصول إلى التكنولوجيا.

وهذا له انعكاسات مهمة على الوضع الاقتصادي للمرأة العربية، تاريخياً، انخرطت بعض النساء العربيات في الثورات السياسية والاجتماعية والقانونية والاتصالية في خضم الانتفاضات العربية من خلال انخراطهن في ظاهرة النسوية الإلكترونية، أو الاعتماد على التقنيات الجديدة لتضخيم جنسهن الخاص من خلال فتح نافذة لرؤية العالم وليراه العالم في وقت واحد، لم تصل هذه الظاهرة إلى جميع النساء العربيات بالتساوي، وظلت مقتصرة على فئة معينة من النساء الأصغر سناً، والمدن، والأكثر تعليماً، والأكثر حظاً من الناحية الاقتصادية.

بينما استبعدت غالبية النساء العربيات، بسبب القيود التعليمية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبنية التحتية، على الرغم من الطبيعة الشعبية للربيع العربي، انتفاضات اتسعت هذه الفجوة الرقمية بين من هم من الناحية التكنولوجية والذين لا يملكون خلال جائحة (COVID-19)، بعدد من الطرق المذهلة، وكان لها آثار عميقة على حياة المرأة العربية، على سبيل المثال، كان الدخل الأقل، والتعليم الأقل، والبنية التحتية الأقل يعني وصولًا أقل إلى التكنولوجيا، وهو ما يعني بدوره وصولًا أقل إلى المعلومات الصحية الضرورية، المتعلقة بالاختبار والعلاج، والتي يتوفر معظمها الآن عبر الإنترنت.

وهذا يشكل مخاطر صحية، ليس فقط على النساء أنفسهن، ولكن أيضًا على عائلاتهن، حيث أن النساء هن القائمات بالدرجة الأولى على الرعاية في معظم الحالات، ومن المفارقات، في حين أن النساء العربيات أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، إلا أنهن لا يتمتعن فقط بإمكانية أقل للوصول إلى المعلومات الطبية الصحيحة، والتي تتوفر في الغالب للتقييم عبر الإنترنت، بل إن لديهن أيضًا إمكانية أقل لزيارة المرافق الطبية أو الخدمات الطبية أو الدفع مقابل الرعاية الطبية وحدها، نظرًا لأن العديد من هذه الخدمات رقمية.

المصدر: موقع لجنة حماية الصحفيينكتاب المرأة والإعلام في ضوء المتغيرات الراهنة،مجموعة باحثين،وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية،2016المصادركتاب المرأة والإعلام في عالم متغير‘ ناهد رمزي ‘ الدار المصرية اللبنانيةكتاب المرأة والإعلام-منظمة المرأة العربية،2006


شارك المقالة: