كان أهم ابتكارات الزراعة في العصور الوسطى هو التبني الواسع لنحو ألف من محراث القلاب والمحراث الثقيل، وقد مكّن هذان المحراثين المزارعين في القرون الوسطى من استغلال التربة الطينية الخصبة، وتم استعمال المحراث الثقيل في شمال أوروبا.
الابتكار التكنولوجي في العصور الوسطى:
في العصر الروماني كانت التربة خفيفة وكان يتم استخدام المحراث القاسي، وكانت المحاريث الثقيلة تقوم بقلب التربة، وتلك العملة كانت تسهل عملية السيطرة على الحشائش ودمجها في التربة؛ ممّا يزيد من خصوبة التربة، كما أنتجت الحرث الطينية أيضاً نمط التلال والأخدود المألوف لحقول القرون الوسطى، والتي سهَّلت عملية تصريف الرطوبة الزائدة وتوفير وقت عمل الفلاحين، كما حَفز المحراث الثقيل إنتاج الغذاء، ونتيجةً لهذا النمو السكاني، تم تخصيص الوظيفة والتحضر ونمو الترفيه.
كما كان هناك تقدمان إضافيان إلى الاستخدام في العصور الوسطى؛ حيث كان هناك إبتكار تكنولوجي فتم صناعة ألف طوق حصان والذي كان دوره زيادة قدرة شد الحصان، وكما تم صناعة حذوة لحماية حوافر الحصان، وبذلك وبفضل تلك التطورات أصبح الحصان بديلاً عن الثيران والتي كانت بطئية في العمل، من حيث الحركة والسحب والمواصلات. وقد أدت تلك الابتكارات التكنولوجية والإنتاج الزراعي الإضافي الذي حفزته على زيادة عدد كبير في عدد السكان في أوروبا، والذي قلّ عدد السكان فيها نتيجة المجاعات.
وعلى الرغم من تصوير حقبة العصور الوسطى على أنها حقبة الحرمان والقمع التي كان يتعرض لها المزارعين وغيرهم من العمال، إلا أن هنالك أدلة إلى أن حياة المزارع في العصور الوسطى أكثر صعوبة، وربما كانت أفضل من حياة الإنسان العادي في عهد الإمبراطورية الرومانية قبل العصور الوسطى والفترة الحديثة المبكرة، فعلى سبيل المثال عند فحص الهياكل العظمية كان متوسط ارتفاع الذكور في شمال أوروبا والتي تتكون من الدول الاسكندنافية وهولندا وإنجلترا تقريباً (68.3) بوصة، وقد انخفض متوسط القامة في شمال أوروبا بعد ذلك، حيث وَصل إلى مستوى منخفض في القرن السابع عشر والثامن عشر ميلادي.
وكان يعد متوسط ارتفاع السكان مقياساً جيداً لمدى ملاءمة الوصول إلى الضروريات، مثل الطعام والملابس والمأوى والرعاية الطبية، وقد كانت المدن الأوروبية غير صحية وسيئة السمعة حتى القرن التاسع عشر ميلادي، وبالتالي كانت الحياة الريفية للمزارع في العصور الوسطى تتميز بالصحة الجيدة.
