نظرية الأنساق المجتمعية عند تالكوت بارسونز

اقرأ في هذا المقال


نظرية الأنساق المجتمعية عند تالكوت بارسونز:

يشرح بارسونز، إذا اعتبرنا المجتمع هو الشكل الأكثر شمولية للنسق الاجتماعي، فإننا نستطيع استخدام نموذج الوظائف الأربعة، لتوضيح التباين في هذا النسق التفاعلي الكلي، من خلال تجزئته إلى أنساق اجتماعية فرعية.
ومن هنا، فقط أعطى بارسونز أسماء معينة للوظائف الأربعة في مستوى المجتمع، حيث دعى وظيفة التكيف الاقتصاد، ووظيفة تحقيق الهدف السياسة، والوظيفة التكاملية الروابط المجتمعية، ووظيفة الكمون النسق الائتماني، ويمكن الإشارة هنا، إلى أن بارسونز قد استخدم مقصود الروابط المجتمعية ﻷول مرة في كتابه (المجتمعات، والتطور، والمنظورات المقارنة)، أما مقصود النسق الائتماني فقد ورد في كتابه المشترك مع بلات.
لقد صدرت فكرة تحليل الأنساق المجتمعية وظيفياً في ضوء نموذج الوظائف الأربعة، بعد أن أراد بارسونز جعل النظرية الاقتصادية، أحد النواحي التحليلية للفعل، ولذلك فهو يثبت بأن النظرية الاقتصادية بالمعنى التحليلي تهتم بالناحية الواقعية المجردة من الفعل، أي الناحية الاقتصادية، حيث يبيّن مخطط الوظائف الأربعة، بأن الاقتصاد لا يدرس إلا في إطار علاقته مع الأنساق الفرعية الأخرى.
ولذلك فإن فهم العلاقة بين الاقتصاد والأنساق الثلاثة الأخرى يتم في ضوء مفاهيم المدخلات والمخرجات، فالمدخلات في الاقتصاد هي عوامل الإنتاج، حيث تضمنت النظرية الاقتصادية أربعة عوامل إنتاج هي اﻷرض، والعمل، ورأس المال، والتنظيم، حيث تتصل هذه العوامل مع بعضها البعض في إنتاج المخرجات الاقتصادية على صورة سلع وخدمات.
ولكن ثمة مدخلات يتمدها الاقتصاد من الأنساق الأخرى، وبالمقابل ثمة مخرجات يقدمها للأنساق التي تفاعل معها، ويمكن توضيح صورة العلاقة التفاعلية التبادلية بين الاقتصاد والأنساق الأخرى، على النحو التالي، بالنسبة لعلاقة الاقتصاد بالنسق الائتماني، فهي تبيّن من خلال تزويد النسق الائتماني الاقتصاد بنوع من الدافعية والتضمين الثقافي، فهو ينتج الالتزامات والتعهدات، إنه ينظم الالتزام القيمي لشركاء التفاعل، ولذلك فهو يزود الفاعلين بارغبات والاستعدادات الجوهرية للقيام بعملهم.
حيث أن تقديم العمل كعامل إنتاج يظهر اندماج الأشخاص في الأهداف التي يساهم الاقتصاد إلى تحقيقها، ومن هنا فقد اعتبر بارسونز العمل كعامل متأصل في نسق الكمون الفرعي للمجتمع، وتجدر الإشارة إلى أن نسبة كثيرة من العملية التي تجري في نسق الكمون تتم في الأسرة، فهي تتمثل عملية التنشئة الاجتماعية، والآليات الضبطية التي تشحذ دافعية الأشخاص باتجاه محدد.
ولكن هذا لا يعني أن نسق الكمون مرادف للأسرة، ولكن الأسرة تمثل مرتبة هامة في هذا النسق، وبالمقابل فإن النسق الائتماني وبصورة خاصة هي الأسرة التي تتلقى البضائع والخدمات مقابل العمل التي تقدمة.

المصدر: الإشكاليات التاريخية في علم الاجتماع السياسي، عبد القادر جغلول، 1982.النظرة الارتقائية، محمد الطالبي، 1979.التفكير الاجتماعي نشأته وتطوره، زيدان عبد الباقي، 1972.السببية والحتمية عند ابن خلدون، مها المقدم، 1990.


شارك المقالة: