أتباع التابعين والرواية

اقرأ في هذا المقال



لقدْ مرَّ الحديثُ النَّبويُّ الشَّريفُ بمراحل متجدِّدَةِ عبرَ العصورِ المتلاحِقَةِ، وكانَ لكلِ زمانٍ منَ الأزْمِنَةِ رجالُهُ المعرُوفينَ في روايَةِ الحديثِ مُشَكِّلينَ سنَدَاً متَّصِلاً لِرواية الحديثِ، ولقدْ َ مَرَرْنا خلالَ بَحْثِنا المُتَواضِعِ ِ عبرَ طَبَقاتهِمْ مُروراً ببَوَّابَةِ النقل وهمُ الصَّحابَةُ رَضِيَ اللهَُّ عنْهُمْ، ثمَّ إلى زمَنِ التَّابعينَ خيرُ القُرونِ بعدَ قرنِ صحابَةِ رسُولِ اللهِ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهانَحْنُ نَصِلُ إلى قرنٍ بعدَ التَّابِعينَ الأخيار ألا وهو قرنُ أتباعِ التَّابعين، فتعالوا نتَعَرَّفُ على أتباعِ التَّابعين وفَضْلُهُم وأشهرِ رُواتِهِم رَحِمَهُمُ اللهُ جَميعاً.

مفهومُ أتباعِ التَّابعين:

إنَّ مُصْطَلَحَ أتباعِ التَّابعينَ عندَ أهل الحديثِ يدلُّ على المُحدِّثينَ الَّذينَ لَقوا التَّابعينَ منْ معاصِري الصَّحابَةِ رُضْوانُ اللهِ عَلَيْهِم وماتَ علَى الإسْلامِ، وقدْ حُدِّدَ زَمنُهُمْ من بعدِ سنَةَِ سبعونَ بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرة النَّبويَّة إلى سنَةِ عشرينَ بعدَ المائَةِ الثَّانِيَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ.

فضلُ أتباع التّابعينَ:

لقدْ كانَ لأتباعِ التَّابعينَ فضْلُ بعدَ الصَّحابَةِ رُضوانُ اللهِ عَلَيْهِمْ والتَّابعينَ وكانَ لَهُمْ فضْلٌ على منْ جاءَ بعْدَهُم منَ القُرونِ، فقد جاءَ في الحديثِ النَّبويِّ في صحيح البُخارِيِّ منْ حديثِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليعهِ وسلَّمَ قالَ: ( خيرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أقْوامٌ تَسْبِقُ شَهادَةُ أحَدِهِمْ يَمِينَهُ، ويَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ). أمّا المَقْصودُ بقرْنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم همُ الصَّحابَةُ والقرنِ الّذين يلونَهُم همُ التَّابعونَ والَّذينَ يلونَهُم هم أتباعُ التَّابعينَ كما أورَدَ الإمامُ ابنُ حَجرٍ في فتحِ الباري بشرحِ صحيحِ البُخارِيِّ، ويرْجِعُ سببُ تفْضِيلِهِم إلى قٌرْبِ عهدِهمْ منْ زمنِ النُّبوَّةِ وزمنِ الصَّحابَةِ والتَّابعينَ أقرَبَ مِمَّنْ جاءَ بعدَهُمْ منَ العُصور الَّذي ظَهرتْ فيهَا الفِتَنُ وامْتُحِنَ فيها العُلَماء وظَهَرالدَّسُ والتَّحريفُ في الحديثِ النَّبويِّ وبدأَ الكلامُ في أصولِ العَقائِدِ فيها.

من أشهر رواةِ أتباع التّابعينَ:

لقدْ كانَ للحديثِ في عصْرِ أتْباعِ التَّابعينَ شكلٌ جَديدُ في مجالِ الحديثِ النّبويِّ الشَّريفِ وذلك بِتَوَسُّعِ رُقْعَةِ التَّدوينِ أكثرَ من زمنِ الصَّحابَةِ والتَّابِعينَ، وقدْ برَزَ في هذا العَصْرِكثيرٌ منَ المُحدِّثينَ الَّذينَ كانَ لَهُمْ بَصْمَةٌ واضِحَةٌ في روايةِ الحديثِ والتَّصْنيفِ فيهِ، ومن أشهرِ المُحَدِّثينَ في هذا العَصْرِ: الإمامُ مالِكُ بنُ أنَسِ صاحِبُ المَذهبِ المالِكيِّ وسُفيانُ بنُ عُيَيْنَةَ وعبدُ الرَّحمنِ الأوزاعِيُّ واللَّيْثُ بنُ سَعْدٍ والإمامٌ أبو يوسُفَ تلميذُ الإمامِ أبي حَنيفَةَ النُّعمانِ وسُفيانُ الثَّورِيُّ وغيرِهِمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ.

المصدر: منهج النقد في علوم الحديث للدكتور نور الدين عترعلوم الحديث للدكتور همام سعيدفتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلانيمباحث في علوم الحديث لمناع القطان


شارك المقالة: