الأذكار والأدعية

اقرأ في هذا المقال


هي من العبادات الميسورة التي لا عناء فيها ولا تعب، وتتأتى للعبد في معظم أحواله، ومع سهولتها ويسرها هي عظيمة الأجر، جليلة القدر.
فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم (ألا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذَّهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا بلى يا رسول االله، قال: ذكر الله)” أخرجه الترمذي”.
عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنَّا عند رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقال:
( أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ فسأله سائل من جلسائه: كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ قال يسبِّح مائة تسبيحة، فتكتب له ألف حسنة، أو تحطُّ عنه ألف خطيئة)”صحيح مسلم”.

إنّ الذِّكر أيضاً يفتح على القلب أنواعاً من الفضائل وجملة من الطاعات، كما أنَّ دوام ذكر الرَّب تعالى يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه ومعادهِ .
فقال الله تعالى: ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )” الحشر 19 ” .
وإذا نسي العبد نفسه أعرض عن مصالحها، واشتغل عنها، فهلكت وفسدت، ولو لم يكن من فوائد الذِّكر إلَّا هذه الفائدة لكفى ، فما الظنُّ إذا أضيف إليها عدد من الفوائد ومنها:

  • ذكر الله للعبد: ( إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد سئل: أيُّ الأعمال أحبُّ إلى االله ؟ فقال: أن تموت ولسانك رطب من ذكر االله).
  • أنَّه يرضي الرحمن جلَّ وعلا، ويجلب للقلب الفرح والسرور كما أنَّه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره ويزيل الهم والغم عن القلب.
  • أنَّه يورث القلب المراقبة والإنابة، ويزيل الوحشة بين العبد وبين ربِّه تبارك وتعالى .
    حتى قال ابن القيم في الوابل الصيِّب: “وفي الذكر أكثر من مائة فائدة، فهو مفتاح لكل خير يناله العبد في الدنيا والآخرة فمتى أعطى االله العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له، ومتى أضلَّه بقي باب الخير مرتجا دونه”.
  • والذكر يؤثر على القلب فيأنس الذَّاكر بربه وخالقه، ويشتغل بما ينفعه ويصلح تعبُّده، وينتهي عمّا يغضب الرَّب تبارك وتعالى فتصلح الجوارح بعد ذلك فلا نظر إلَّا فيما يرضي االله، ولا سمع إلا لما يحبُّه االله، ولا مشي إلّا لمراضي االله، ولا بطش إلّا الله؛ فيكون العبد لله وباالله، وتنفتح له أبواب الخيرات من الفضائل والعبادات، وتوصَّد دونه أبواب الشَّر والمنكرات.
  • والذِّكر منه ما هو ثناء مثل: ” سبحان االله ، والحمد لله، ولا إله إلا االله، واالله أكبر .
  • والذِّكر منه دعاء مثل: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) “الأعراف 23” .

والأذكار تتفاوت فضائلها بتفاوت معانيها فذكر االله بكلمة التوحيد ” لا إله إلا االله ” التي لأجلها خلق العالم، وأرسلت الرسل، وأنزلت الكتب، وقام سوق الجنَّة والنار، وانقسم الناس إلى مؤمنين وكفار، أعظم أجرا، وأجلَّ قدراً ممّا سواه، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: أفضل (الذِّكر لا إله إلا االله) .

والذِّكر أقسام ودرجات فإذا كان بالقلب واللسان فهذا أفضله، وإذا كان بالقلب وحده فمنزلة دون ذلك، وإذا كان باللسان وحده فمنزلة دون ما تقدم، والمراد من الذِّكر حضور القلب، فينبغي أن يكون هو مقصود الذَّاكر فيحرص على تحصيله، ويتدبَّر ما يذكر، ويتعقَّل معناه؛ فالتدبُّر في الذِّكر مطلوب.
فقال النووي رحمه الله: ( إعلم أنَّ فضيلة الذِّكر غير منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر الله تعالى) وهذا ما قاله سعيد بن جبير رضي الله عنه وغيره من العلماء.

فضل الذكر والأمر به في القرآن والسنة

ونستدلُّ بفضل الذِّكر بآيات الله تعالى، ومن هذه الآيات التي تحثُّ على الذِّكر هي مايلي:

  1. قال الله تعالى:( فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) “البقره 152” .
  2. وقال الله تعالى أيضاً: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ) ” الحزاب 41″ .
  3. قال تعالى أيضاً: ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) ” الحزاب 35″ .
  4. قال الله تعالى أيضاً: ( وَاذْكُر رَّبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) ” آل عمران 41 ” .
  5. قال الله تعالى أيضاً: ( فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ) “البقرة 200” .
  6. وقال تعالى أيضاً: ( وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ) ” الأعراف 205″ .
  7. وقال تعالى أيضاً: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ” المنافقون 9″ .

أمَّا ماورد في الأحاديث عن الأذكار فهو كما يلي:

  • عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربَّه مثل الحيِّ والميت) “متفق عليه” .
  • وعن أبي هريرة وأبي سعيد رضي االله عنهما أنَّهما شهدا على النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:
    ( لا يقعد قوم يذكرون االله إلا حفَّتهم الملائكة، وغشيتهم الرَّحمة، ونزلت عليهم السَّكينة، وذكرهم االله فيمن عنده) ” رواه مسلم” .
  • وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول االله رسول الله صلّى الله عليه وسلم يسير في طريق مكَّة فمرَّ على جبل يقال له جمدان فقال:(سيروا هذا جمدان، سبق المفردون. قالوا: وما المفردون يا رسول االله ؟ قال: الذَّاكرون االله كثيرا والذَّاكرات) ” رواه مسلم” .
  • وعن أبي هريرة أيضاً رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:
    ( إنَّ لله ملائكة، يطوفون في الطُّرق يلتمسون أهل الذِّكر، فإذا وجدوا قوماً يذكرون االله تنادوا: هلمّوا إلى حاجتكم، قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السَّماء الدنيا، قال: فيسألهم ربُّهم عزوجل وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي ؟ قال: يقولون: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول عزوجل هل رأوني ؟ قال: فيقولون: لا واالله ما رأوك، قال: فيقول: كيف لو رأوني ؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشدَّ لك عبادة، وأشدَّ لك تمجيداً، وأكثر لك تسبيحاً، قال: فيقول: فما يسألوني ؟ قال: يسألونك الجنَّة، قال: يقول: وهل رأوها ؟ قال: فيقولون: لا واالله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها ؟ قال: يقولون: كانوا أشدَّ عليها حرصاً، وأشدَّ لها طلباً، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون ؟ قال: يقولون: من النار، قال: يقول: وهل رأوها ؟ قال: فيقولون: لا واالله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو رأوها ؟ قال: يقولون: كانوا أشدَّ منها فراراً، وأشدَّ لها مخافة، قال: فيقول: فأشهدكم أنِّي قد غفرت لهم. قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم، إنّما جاء لحاجة، قال: فيقول االله تعالى: هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم) ” رواه البخاري ومسلم” .
  • وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: (لا أنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذَّهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوَّكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا: بلى، قال: ذكر االله تعالى) “رواه الترمذي” .

فضل الدعاء

هناك آيات تدلُّ على فضل الدُّعاء في القرآن الكريم ومنها :
1. قال الله تعالى:( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) غافر 60″ .
2. وقال تعالى أيضاً: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) “البقره 186” .
فضل الدُّعاء في السنة:
1. عن النُّعمان بن بشير رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(الدُّعاء هو العبادة) .

2. وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: ( ليس شيء أكرم على االله من الدُّعاء) “رواه الحاكم ” .
3. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدُّنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) ” رواه البخاري ومسلم” .


المصدر: كتاب الذكر في ضوء الكتاب والسنة_ بقلم الدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر .


شارك المقالة: