الأضحية

اقرأ في هذا المقال


لقد سنَّ الله -سبحانه وتعالى- للمسلمين بالذبح، والذبحُ هو أن يذبح المسلم ما أراد من بهيمة الأنعام في يوم عيد الأضحى؛ تقرُّبًا وحبًّا لله -سبحانه وتعالى-، والأضحية شعيرة من شعائر الدين الإسلامي المعروفة والمنصوص عليها في القرآن الكريم، قال تعالى في سورة الكوثر: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}،صدق الله العظيم، وقال تعالى في سورة الأنعام: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}،صدق الله العظيم،والنُسك في الآية السابقة هو الذبح كما فسَّرها المفسرون، كما أنَّ مسألة الأضحية وردت في قول الله -سبحانه وتعالى- في سورة الحج: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ}،صدق الله العظيم، وهذه الآية الكريمة أيضًا جاءت على ذكر النسك والذي هو الأضحية أو الذبح، ويبدأ وقت ذبح الأضحية بعد صلاة عيد الأضحى، وينتهي وقت الذبح مع غروب شمس اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، وبناء على هذا يكون وقت الذبح أربعة أيام، والله تعالى أعلم.

حكم الأضحية في الإسلام:

قد قال بعض أهل العلم بوجوب الأضحية وهو قول ضعيف، والراجح أنَّها سنَّة مؤكدة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فعلى المسلم أن يضحِّي عن نفسه وعن أهل بيته، وقد أباح الشرع أن يشرك المسلم في أضحيته من شاء من الأحياء والأموات من الناس، كما أنَّه يمكن الذبح عن الميت الذي أوصى بالذبح عنه، وإذا لم يوصِ أن يذبح عنه من ماله فمن المستحب في الإسلام أن يذبح عنه من باب الصدقة عن الميت؛ فالذبح والأضحية سنة عند أغلب أهل العلم والأولى أن يذبح الإنسان عن أهل بيته، الأحياء منهم والأموات، والله تعالى أعلم.

شروط الأضحية:

  • أن تكون الأضحية سليمة من العيوب والنقائص؛ فقد أورد الإمام الألباني في صحيحه ما رواه البراء بن عازب -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: “أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحي: العوراءُ البيِّنُ عوَرُها، والمريضةُ البيِّنُ مرضُها، والعرجاءُ البيِّنُ ظلْعُها، والكسيرُ -وفي لفظ- والعجفاءُ التي لا تُنقِي”،وقد قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث الشريف: “وأجمعوا على أنَّ العيوبَ الأربعة المذكورة في حديث البراء لا تجزِئُ التَّضحية بها، وكذا ما كان في معناها أو أقبح منها، كالعمى وقطع الرجل وشبيهه، كما أنّه لا يجوز التضحية بالأضحية المقطوع قرنها أو أذنها أو ما شابه ذلك.
  • أن تكون هذه الأضحية من بهيمة الأنعام، أي من الإبل أو البقر أو الغنم، وهذا ما نصَّت عليه الآية القرآنية التي قال تعالى فيها: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۗ فَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا ۗ وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} صدق الله العظيم.
  • أن تبلغ الأضحية سنًّا معينة، حددها الشرع الإسلامي في حديث رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حيث قال: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ”،والمسنة في الحديث السابق هي الثنية أو الثني، أي ما أتم خمس سنوات من الإبل، وسنتين من البقر، وسنة من الماعز، وستة أشهر من الضأن، والله تعالى أعلم.

سنن الأضحية:

من المُستحبّ عند توزيع الأضحية الالتزام سنن النبي -عليه الصلاة والسلام-، سواء في توزيع الأضحية وتوزيع لحم الذبائح بشكلٍ عام، ومن المُستحب تقسيم الأضحية إلى ثلاثة أثلاث كما يأتي: ثلث لأهل البيت وثلث للصديق وثلث للفقراء، وذلك بحسب مذهب الحنابلة والحنفية في توزيع الأضحية، أمّا الشافعية فذهب رأيهم إلى أنّ الأفضل هو التصدّق بجميع الأضحية إلّا القليل منها لأكل أهل البيت، أمّا المالكيّة فذهبوا إلى عدم تحديد كيفية التوزيع، حيث يأكل المُضحي منها ما شاء ويُهدي ما شاء، ففي الحديث الشريف، روي عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- أنّه قال في الأضحية: “ويُطْعِمُ أهْلَ بَيتِه الثُّلثَ، ويُطْعِمُ فُقراءَ جِيرانِه الثُّلثَ، ويتصدَّقُ على السُّؤَّالِ بالثُّلثِ”.

أما توزيع الأضحية فقد كان موضع خلاف بين الفقهاء، لكنّهم رجعوا إلى قول الله تعالى: “فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ”صدق الله العظيم، لذلك يجب على المُضحي عند توزيع الأضحية أن يتصدّق بشيءٍ منها للفقراء، لكنّ المالكية والحنفية قالوا إنّ الصدقة منها مستحبة وليست واجبة، وأنّ الهدف من الأضحية هو إراقة الدم تقربًا لله تعالى، ولا يجوز إلزام المضحي بالصدقة منها، وبهذا يجوز أن تبقى كامل الأضحية لأهل البيت، كما يجوز توزيع الأضحية للأقارب والأصدقاء، كما يجوز التصدّق بكاملها، لكنّ الأفضل اتباع سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- في توزيع الأضحية، وهو أن يأكل المضحي منها وأن يُهدي للقريب والصديق.

المصدر: المفصل في أحكام الأضحية/حسام الدين بن موسي عفانةأحكام الأضحية والزكاة/محمد بن صالح العيثمين التميمىبحر الاضحية/اقشهري، احمد نوري بن مصطفىالمحيط البرهاني في الفقه النعماني/عبد الكريم سامي الجندي, ‏محمود بن أحمد ابن مازة


شارك المقالة: