الدعوة سرا

اقرأ في هذا المقال


بعدَما أُنزلت آياتٌ من سورةِ المدثر على رسولِ الله صلّى الله عليه وسلَّم وقوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ )، كانت الأوامر الربّانيه بالدعوة إلى توحيدِ الله وعبادتهِ وحدهُ لا شريكَ له، فكان قومهُ يعبدون الأصنام والأوثان من دون الله من غير حجّة ولا برهان ولا دليل ، إلّا أنّ دليلهم هو اتباعهم لدينِ آبائهم وما يعبدون من قبل. فكانوا قوماً جاهلين لا أخلاق لهم ولا طريق لحل اي مشكلة إلّا بالسيف ، فكان لا بدَّ من ذلك الأمر أن يكون هناك دين يخرجهم ممّا كانوا فيه من طريق ظالم ومظلم لا صلاح له الى طريق الإصلاح والأخلاق، فأمرَ الله أن تكون هذه الرّسالة وخاتمتها بواسطة النبي المصطفى، فكانت بداية الدّعوة واشتملت على مرحلتين.

مفهوم الدعوة:

الدعوة لغوياً مأخوذةٌ من الفعلِ الثلاثي (دعا)، ولها العديد من المعاني منها النداء والتجمع، والطلب والاستعانة.

مفهوم الدعوة الإسلامية:

فمعناها الدعوةُ إلى الإيمانِ بالله وحدةُ لا شريك له ،والإيمان بجميعِ الرُّسلِ ودعوة الناس إلى طريق الخيرِ والرشد، والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر.

مراحل الدعوة”

بدأت دعوة النبي بعد صدور الأوامر الربانية بالابتداء بها وأول مرحلة كانت الدَّعوة سراً.

الدعوة سراً:

بدأ النبي بالدعوة إلى الله فكانت البداية بأهل بيتهِ وأصحابهِ، وكان أوَّل من سطع نور الإسلام فيهم هم زوجتهُ السيدة خديجه بنت خويلد رضي الله عنها ، وابن عمِّه علي بن ابي طالب حيث كان صبياً، فكانت خديجة هي أول من آمن برسالة النبي، وممَّن كان بالمقدمة زيد بن حارثة.
وأول من أجاب من غير أهل بيته هو الصحابي الجليل صدِّيق رسول الله أبو بكر بن عامر التميمي القرشي وسمّاهُ الرسول (الصديق) ومنذ ذلك الوقت وهو يلقب ( بأبي بكر الصدّيقِ)، كان أبو بكر صديقَ الرسول قبل البعثةِ وبعدها، وكان من أسرع الناس بتصديق النبي ، فكان أول من أخبره رسول الله ، فأبو بكر هو صاحب صدر معظّم في قريش ، وما يملك من سعةِ المال وكرم الأخلاق، وكان عفيفاً سخياً بمالهِ، فكان نشيطاً رضي الله عنه في نشر الدعوة ، فجعل يدعو من يكون واثقاً منه من قومه ، فممَّن أسلموا على يد أبو بكر الصديق هو عثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص.
ولمّا علم عمُّ عثمان واسمه (الحكم) بإسلامه أوثقه كتافاً وقال ترغب عن دين آبائنا إلى دين مستحدث، والله لا أحلُّك حتى تدع ما أنت على هذا الدين ، فقال عثمان: والله لا أدعه ولا أفارقه . فلمَّا رأى عمّهُ صلابته وشدتهُ في الحق، تركه وكان يناهز من العمر الثلاثين ، ومنهم أيضاً الزبير بن العوام بن خويلد القرشي وأمّه صفية بنت عبد المطلب ، وكان عمّ الزبير يرسل عليه الدخان وهو مقيد ليرجع إلى دينهم، وطلحة بن عبيد الله ، فكانوا في طليعة الناس إلى نشر هذا الدين الصحيح.
وكان أيضاً من الذين آمنوا في بداية الدعوة هو أبو سلمة المخزومي وامرأته أم سلمة، والأرقم بن أبي الأرقم، وعبيدة بن الحارث ، وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطّاب أخت الصحابي الجليل عمر بن الخطاب، وكان أبو ذر الغفاري أحدهم أيضاً وكان أحد أعراب البادية وما يملكه من الفصاحة وجمال الحديث، وكان سعيد بن العاص أحد السابقين ، وكان أبوه من سادات قريش.
ومن السَّباقين إلى الإسلام من خارج قريش:
عبد الله بن مسعود ومسعود بن ربيعة وعبد الله بن جحش الأسدي، وبلال بن رباح وصهيب الرومي وآل ياسر.
ومن النساء :
أم أيمن بركة الحبشية وأم الفضل لبابة الكبرى وأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
فهؤلاء ممّن صابهم ما صابهم من الأذى والعذاب في بداية الدين فاختاروا الجوع والأذى والمشقّه على عدم تركهم للنبي فتحمّلوا من الأذى ما كان به من الضرب المبرح وشديد التعذيب.

الدعوة إلى الصلاة سراً:

كانت الصلاة أول الأحكام المأمورة في بداية الدعوة ، فكانت قبل فروضها خمس صلاوات، صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها ، فأوحى إليه جبريل طريقة تعلُّم الوضوء وكانت الصلاة أول فريضة من الفرائض التي شرعت. فكان النبي يحذر أصحابة من عدم الإعلان عن دين الإسلام، فكانوا إذا أرادوا الصَّلاة خرجوا متخفين إلى الشِّعاب من أنظار قريش .

المصدر: الرحيق المختوم/ الشيخ صفى الرحمن المباركفورينور اليقين/ محمد الخضريمختصر الجامع/ سميرة الزايد


شارك المقالة: