الصحابة والحديث النّبوي الشريف

اقرأ في هذا المقال


الصّحابة: هم ذلك الجيل الّذي صحب النّبي ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ وآمنوا بدعوتهِ وماتوا على الإسلام، من غير شرك ولا نفاق، وإنَّ الصّحابة هم الّذين سمعوا الحديث عن النّبيّ ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ وهم من شهدوا الوحي والتنزيل، وكانوا يتسابقون لأخذ العلم المُوحى للنَّبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ وهم الّذين أخذوا ما وصل إلينا من النّبيّ ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ لينقلوه حتى وصلنا منقّحاً مخرّجاً كما هو؛ لأنَّهم يدركون أنً على عاتقهم العمل الأكبر لِايصَالِ الدّين الأسلاميّ إلى من بعدهم من القرون حتى قيام الساعة، وهذا الدّين الذي أُخِذَ من القرآن أولاً، ثمّ الحديث النّبويّ والسنّة ثانياً.

الحديث في زمن الصحابة:

كان للنّبيّ ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ منظومة تعليميَّة للصّحابة رضوان الله عليهم، في تعليمهم ما يوحى إليه، وفي بداية الوحي اقتصر اهتمامُهُ ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ على تدوين القرآن الكريم من كتَبَةِ الوحي، ولم يسمح بكتابة الحديث عنهُ ــ صلّى الله عليه وسلم ــ لئلَّا يختلطَ القرآن بالحديث عندهم، باستثناء حالات فردية لبعض الصّحابة الّذين سمح لهم بالكتابة عنهُ، كالصّحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن العاص، صاحب الصحيفة الصادقة الذي جمع بها ما سمعهُ عن النّبي ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ من الحديث، فيروي الصّحابي أبو هريرة فيقول :((لا أعلمُ أحداً أعلمَ مني بحديث النّبيّ ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ إلَّا ما كان من عبدالله بن عمرو بن العاص فإنَّه كان يَكتب ولا أكتب ))، وكان الصّحابة ــ رضوان الله عليهم ــ لا تعرض لهم مسألة في أمور دنياهم وآخرتهم، إلَّا كانوا يرجعون لنبيّنا محمد ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ في زمن لايسمح للإجماع واتِّخاذ الحكم الشَّرعي، ونبيُّ الرحمة موجود عندهم، فكانوا يهتمُّون بحفظ ما يحدّث به النّبي ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ ليبلِّغوه للناس، فجمعوا من علم الحديث ماوصل إلينا، فمنهم من جلس في خدمة النبي ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ وهدفه الأسمى أن ينهلَ من النّبيّ ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ من القرآن والحديث، كأنس بن مالك، ومنهم من لحق النبي بعد إسلامة فترة لا تزيد عن ثلاث سنين، كالراوي أبي هريرة ــرضي الله عنهُ ــ وغيرهم وغيرهم كثير.

مكانة الصحابة عند علماء الحديث وغيرهم:

إنَّ للصّحابة عند العلماء وعند المحدثين منزلةً عظيمةً في اتِّصال سند العلم الشرعي إلى من جاء بعدهم من طبقات الحديث والعلم الشرعي، فلولاهم ما وصل إلينا الحديث الشريف وهم من شهدوهُ وحفظوهُ، وكان الإمام مالك بن أنس يرجع إلى عمل أهل المدينة كمرجع في بعض مسائل الفقه، بما ورِثوهُ عن الصّحابة ــ رضوان الله عليهم ــ لذلك فإنَّ جهودهم كبيرة في الحديث، وكلّ من حارب الصّحابة كان هدفُهُ محاربة الإسلام؛ لأنَّهم أول طبقة في سند علم الإسلام، فقد رُوي عن الإمام النّسائيّ ــ رحمه الله تعالى ــ أنَّهُ قال: ((الإسلام دار بابها الصحابة، فمن طرق الباب أراد الإسلام))، لذلك وجب علينا أن نثمّن جهودهم في حفظ الحديث والعلم الشرعي، وأنَّهم من هيَّأهم اللهُ لحفظ هذا الدين الذي توعَّد اللهُ بحفظهِ حتى يرث الأرض وما عليها.

من أكثر الصحابة رواية للحديث:

1ـ أبوهريرة ــ رضي الله عنه ــ وقد روى مايزيد عن 5374 حديث.

2ـ عبدالله بن عمر ــ رضي الله عنهما ــ وقد روى مايزيد عن 2630 حديث.

3 ـ أنس بن مالك خادم النّبيّ ــ صلّى الله عليه وسلّم ــ بما يزيد عن 2286 حديث.

4 ـ عائشة أم المؤمنين ــ رضي الله عنه ــ بما يزيد عن2210 حديث.

5ـ جابر بن عبدالله ــ رضي الله عنهُ ــ بما يزيد عن 1540 حديث.

وغيرهم كثير من رواة الحديث من الصّحابة رضوان الله عليهم.

الخاتمة

من ما سبق يتبيَّن لنا أنَّ الصّحابة، كانوا هم أيقونة العلم الشرعي بِمَصْدريهِ: (القرآن، والحديث) وهم المرجع في كلِّ ما وصل إلينا ــ رضي الله عنهم وأرضاهم ــ وجزاهم عن الأمّة الإسلامية خير الجزاء، وجمعنا معهم بصحبة نبينا محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ في جنَّات النعيم، اللهم آمين.


شارك المقالة: