زوجة النبي محمد السيدة ميمونة بنت الحارث

اقرأ في هذا المقال


زوجة النبي محمد السيدة ميمونة بنت الحارث:

هي آخر أمهات المؤمنين – رضي الله عنها(آخر زوجات الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم).

اسمها ونسبها :


هي أم المؤمنين السيدة “ميمونة بنت الحارث بن حزن بن جبير بن الهزم بن روبية بن عبدالله بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية رضي الله عنها”، وأمها كانت تسمّى “هند بنت عوف بن زهير بن الحرث”، وأخواتها هم: ” أم الفضل (لبابة الكبرى) وهي زوجة العباس رضي الله عنهما عمّ الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم، ولبابة الصغرى زوج الوليد بن المغيرة المخزومي وأم خالد بن الوليد، وعصماء بني الحارث زوج أُبي بن الخلف، وغرة بنت الحارث زوج زياد بن عبدالله بن مالك الهلالي”.


أزواجها قبل زواجها من الرسول محمد صلّى الله عليه وسلم :


كان زواج أم المؤمنين السيدة ميمونة رضي الله عنها أولاً برجل يدعى مسعود بن عمرو الثقفي وكان ذلك قبل قدوم دين الإسلام، ولكن فارقها مسعود، ومن ثمّ تزوجها رجل اسمه أبو رهم بن عبد العزى، فقد توفي عنها أبو رهم وهي في ريعان(عزِّ أو في بداية) شبابها، ثم بعد ذلك ملأ نور الإيمان قلب السيدة ميمونة رضي الله عنها، وقد أضاء الإيمان كل جوانب عندها حتى شهد الله تعالى لها رضي الله عنها بالإيمان، وقد كانت السيدة ميمونة رضي الله عنها من السابقين في سجل الإيمان، فقد حظيت السيدة ميمونة رضي الله عنها بشرف الزواج من أشرف الخلق والمرسلين رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وكان ذلك في وقت فراغه (عندما انتهى) من عمرة القضاء وقد كان ذلك في العام السابع للهجرة النبوية الشريفة.

همس القلوب وحديث النفس :


وفي العام السابع من الهجرة النّبوية الشريفة، دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم معه أصحابه الكرام رضوان الله عليهم مكة المكرمة معتمرين، وقد طاف بهم الحبيب المصطفى سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم بالبيت العتيق الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، وكانت السيدة ميمونة في مكة المكرمة أيضاً، وقد رأت السيدة ميمونة رسول الله وهو يعتمر في البيت العتيق فملأت ناظريها بالرسول الكريم، حتى استحوذت على السيدة ميمونة فكرة أن تنال رضي الله عنها شرف الزواج من الحبيب المصطفي خير خلق الله رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأن تصبح رضي الله عنها أمّاً للمؤمنين.

وما الذي يمنع السيدة ميمونة من تحقيق ذلك حلم العظيم طالما راودها ذلك في اليقظة وفي المنام وهي رضي الله عنها التي كانت من السابقين في سجل الإيمان وفي سجل قائمة المؤمنين، وفي تلك اللحظات التي ملأت فيها السيدة ميمونة ناظريها برؤية الحبيب المصطفى وهي ذات اللحظات التي خالجت فيها نفسها همسات قلبها المفعم والملئ بالإيمان، أفضت(تكلمت بما في قلبها) السيدة ميمونة رضي الله عنها بأمنيتها وحلمها إلى أختها وهي السيدة أم الفضل، وقد حدثتها عن حبها للرسول الكريم محمد وعن أمنيتها الكبيرة في أن تكون زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن تكون أمّاً للمؤمنين.

ولكنّ السيدة أم الفضل لم تكتم (تخبئه أو لم تأمن على الأمر) الأمر عن زوجها عمّ النبي العباس رضي الله عنه، حينها أفضت أم الفضل إليه بأمنية وحلم أختها السيدة ميمونة رضي الله عنها، حينها لم يكن من العباس أيضاً أن يكتم ذلك الأمر عن ابن أخيه أشرف الخلق سيدنا محمد، فأفضى العباس إلى الرسول محمد بأمنية وحلم السيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها.

فأرسل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ابن عمه الصحابي الجليل سيدنا جعفر بن أبي طالب وذلك حتى يخطبها له، وما أن خرج سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من عند ميمونة، حتى ركبت رضي الله عنها بعيرها ومن ثمّ انطلقت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وما أن وقعت عيناها على أشرف الخلق والمرسلين سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم حتى قالت: “البعير وما عليه لله ورسوله”.


وبهذا وهبت(جعلت) السيدة ميمونة رضي الله عنها نفسها للنّبي الكريم سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم وفيها نزل قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)…سورة الأحزاب.


لقد جعلت السيدة ميمونة رضي الله عنها أمرها إلى العباس بن عبد المطلب فزوجها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل أيضاً أن العباس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّ ميمونة بنت الحارث قد تأيمت من أبي رهم بن عبدالعزى،هل لك أن تتزوجها؟” ، فتزوجها الحبيب المصطفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم.


وقد أقام رسول الله صلّى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام في مكة المكرمة مدّة ثلاثة أيام، فعندما أصبح اليوم الرابع من وجودهم في مكة المكرمة، جاء إلى سيدنا محمد صلّى الله عليه وسلم نفر من المشركين والكفار من قريش وكان معهم رجل يدعى حويطب بن عبدالعزى، وقد أسلم حويطب فيما بعد، فأمروا الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم أن يخرج بعد أن انقضت مدّة الأجل وبعد أن أتمّ عمرة القضاء والتي كانت عن عمرة الحديبية ، حينها خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقد خلف مولاه أن يحمل السيدة ميمونة إليه حين يمسي عليه الصلاة والسلام.


فلحقت به السيدة ميمونة رضي الله عنها إلى سَرِف، وفي ذلك المكان بنى بها الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم في تلك البقعة المباركة، ويومها سماها الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم ميمونة بعد أن كان اسمها رضي الله عنها برة.


وقد دخلت أم المؤمنين السيدة ميمونة رضي الله عنها البيت النبوي الشريف وهي لم تتجاوز بعد من العمر السادسة والعشرين عاماً، فقد أحسّت (وشعرت) بالغبطة (البهجة) والفرحة التي كانت تغمرها وتعمها، عندها أضحت وأصبحت السيدة ميمونة في عداد أمهات المؤمنين الطاهرات العفيفات رضي الله عنهنّ جميعاً.

وعند وصول السيدة ميمونة إلى المدينة المنورة استقبلتها نسوة دار الهجرة، حيث استقبلوها بالترحيب والتهاني، وقد أكرمنها أفضل وخير إكرام، وكان ذلك كله إكراماً للحبيب المصطفى الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم وأيضاً طلباً لمرضاة الله عز وجل.


وقد دخلت أم المؤمنين السيدة ميمونة رضي الله عنها الحجرة الشريفة والتي أعد لها الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم،وحتى تكون بيتاً لها وذلك أسوة بباقي أمها المؤمنين ونساء رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله عليهم جميعاً، وبهذا بقيت أم المؤمنين السيدة ميمونة رضي الله عنها تحظى بالقرب من الحبيب المصطفى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وكانت تتفقه بكتاب الله القرآن الكريم، وأيضاً تستمع إلى الأحاديث النبوية الشريفة من الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم، وأصبحت تهتدي بما يقوله لها الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، فكانت رضي الله عنها تكثر من الصلاة في المسجد النبوي الشريف لأنها سمعت من النّبي صلّى الله عليه وسلم يقول: “صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلى المسجد الحرام”.


وظلّت السيدة ميمونة رضي الله عنها في البيت النبوي وبقي مكانها رفيعاً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا اشتد المرض بالحبيب المصطفى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام نزل في بيت السيدة ميمونة.. ثم بعد ذلك استأذنتها السيدة عائشة بإذن النّبي محمد صلّى الله عليه وسلم لينتقل إلى بيتها ليمرض حيث أحب في بيت السيدة عائشة رضي الله عنه.

حفظها للأحاديث النبوية :


وبعد انتقال الحبيب المصطفى الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى، عاشت السيدة ميمونة رضي الله عنها حياتها بعد وفاة النّبي محمد صلى الله عليه وسلم في نشر سنّة الرسول الكريم محمد صلّى الله عليه وسلم وبين الصحابة الكرام والتابعين؛ لأنّ السيدة ميمونة كانت ممّن وعين على الحديث الشريف وتلقينه (كانت تسمع الحديث من الرسول وتنقله) عن رسول الله محمد صلّى الله عليه وسلم، ولأنّ السيدة ميمونة كانت شديدة التمسك بالهدي النبوي الشريف والخصال المحمدية الكريمة، ومنها هذه الخصال حفظ الحديث النبوي الشريف ومن ثمّ روايته ونقله إلى كبار الصحابة الكرام وإلى التابعين وأيضاً أئمة العلماء.

و كانت أمّ المؤمنين السيدة ميمونة رضي الله عنها من الذين يكثرون الرواية للحديث النبوي الشريف ومن الحافظات للحديث النبوي الشريف، حيث روت السيدة ميمونة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد ستٍ وسبعين حديثاً.

المصدر: الرحيق المختوم/ صفى الرحمن المباركفورينور اليقين/محمد الخضريمختصر الجامع/ سميرة الزايدالقصة في السنة النبويةكتاب نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم [السيد الجميلى]أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد الجزري (1994)، أسد الغابة في معرفة الصحابة (الطبعة الأولى)، : دار الكتب العلمية ، صفحة 67، جزء 7. بتصرّف.


شارك المقالة: