عقد الوكالة وأركانه

اقرأ في هذا المقال


يتعرض الإنسان لظروف تجعله غير قادر على إدارة أمواله والتصرّف بها، مثل الانشغال وعدم التفرّغ أو عدم المعرفة والخبرة، وقد يلجأ إلى تفويض ذلك لشخص آخر، فيقوم مقامه في العمل بأمواله والتصرّف بها، وهذا ما يُعرف بعقد الوكالة، ولكن للوكالة أحكام وشروط وضوابط، لضمان صحة التعامل بها، فما أحكام عقد الوكالة؟

تعريف الوكالة وأدلة مشروعيتها:

الوكالة هي أن يُعيّن الفرد  شخص آخر يقوم مقامه في التصرّف المباح والمعلوم بما يملك. والوكالة من العقود المشروعة في فقه المعاملات المالية، وهناك العديد من الأدلة على مشروعيتها، من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، والإجماع، نذكر منها ما يلي:

  • القرآن الكريم: في قوله تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا” سورة التوبة آية 60، فصنف العاملين عليها دليل غلى الوكالة. حيث يقومون بجمع أموال الزكاة وتوزيعها على سبيل الوكالة.
    وكذلك قوله تعالى في سورة الكهف الآية 19: ” فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ”، فأهل الكهف هنا وكّلوا أحدهم بالذهاب إلى المدينة وشراء الطعام، وهذا من الأدلة الشرعية على مشروعية عقد الوكالة.
  • السنة النبوية: ما روي عن جابر بن عبدالله أنه ذات يوم أراد الخروج إلى خيبر، وعندما أتى إلى النبي _عليه الصلاة والسلام_ قال له: ” إذا أتيت وكيلي (بخيبر) فخذ منه خمسة عشر وسقاً” وجاء في الحديث الشريف هنا دلالة على مشروعية الوكالة.
  • الإجماع: أجمع علماء الفقه على مشروعية عقد الوكالة وجواز العمل بها.
  • المعقول: من خصائص المعاملات المالية الإسلامية أنها تقوم على المصالح والعلل، وتهتم بمصلحة الأفراد والجماعات في كلّ مكان وزمان، فقد يعجز الإنسان عن القيام بإدارة أموره، ويحتاج لغيره ويستعين بشخص يقوم بأعماله، فشُرعت الوكالة ليستطيع الإنسان إنابة غيره أو توكيله، وهذا للتيسير على الناس ورفع الحرج والمشقة عنهم.

أركان عقد الوكالة:

  • الصيغة: يمكن لأي لفظ يدل على الوكالة والتوكيل، أن يكون سبباً لانعقاد عقد الوكالة، ويمكن أن تنعقد الوكالة بالكتابة لحاضر أو لغائب، ويصح انعقاد الوكالة بالإشارة.
    ويمكن للوكالة أن تكون مطلقة، أو مقيّدة بتصرّف أو بمقدار معين من الثمن أو غير ذلك، كما يصح أن تكون منجزة بلا تعليق ولا إضافة، أو معلّقة من خلال توقّف انعقادها على شرط غير متوفّر في الحال، أو مضافة إلى زمن في المستقبل.
    كما يُشترط رضا كل من العاقدين لضمان صحة عقد الوكالة، دون الوقوع في الغرر أو الإكراه أو الغلط.
  • العاقدان (الوكيل والموكّل): يجب أن يكون الموكّل أهلا للتصرف في نفسه وفيما يُوكل إليه، وأن يكون الوكيل غير ممنوع من التصرّف فيما وكَّل به، ويجب أن يكون الوكل عاقلاً مميّزاً، دون اشتراط البلوغ، فلو كان صبياً مميّزاً، فإن حقوق العقد تعود للموكل، فكل من صح تصرفه لنفسه يصح له أن يتصرّف بأمور وأموال غيره، وهذا يكفي لصدور أي رأي أو قرار مستقل منه. وحسب اتفاق الفقهاء يُشترط في الوكيل أن يكون معلوماً، فالوكالة من العقود التي يترتّب عليها آثار والتزامات وحقوق. ويجوز توكيل المسلم على الذمي ولا يجوز العكس.
  • محل العقد: من شروط محل العقد في عقد الوكالة أن يكون مما هو قابلاً للنيابة، ومن الممكن التصرّف به، أي أن يكون قابلاً لحكم العقد، ولا يجوز أن يكون محظوراً بالنسبة للموكّل، ولا يجوز توكيله لآخر من قبل الموكّل إلا بعلم الأصل وموافقته.

المصدر: فقه المعاملات المالية، أحمد السعد، 2006المعاملات الشرعية المالية، أحمد إبراهيم، 2008المعاملات المالية أصالة ومعاصرة، دبيان بن محمد، 2013موسوعة فتاوى المعاملات المالية للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، علي جمعة محمد، 2018


شارك المقالة: