عودة عزير عليه السلام إلى قريته

اقرأ في هذا المقال


عودة عزير عليه السلام إلى قريته:

لقد تذكر عُزير عليه السلام قريةً قد خرجً منها وأراد أنّ يعود إليها، ولما عادَ إلى تلك القريةِ وجدَ أمرها قد تغيّر تغيراً يتناسبُ مع مرور مائة عامٍ، وكان في هذه القريةِ مولاة لأسرة العزير، أي أمّة أو جارية وكانت هذه الأمة قد عميت، فلما دخل العزير عليها وقال: أنّا العُزير، قالت الأمة: ذهب العُزير من مائة عام ولا ندري أين ذهبَ ولم يعد، فكرر عليها القول: أنّا العُزير؟ قالت الأمةُ: إنّ للعُزير علامةً، وهذه العلامة أنهُ كان مُجاب الدعوة، فإنّ كنت حقاً أنتَ العُزير فادع الله أن يرد عليّ بصرى، وأنّ يخرجني من قعودي هذا.
إنّ الأمة لا تنسى نفسها والعُزير أراد أن يؤكد لها أنه هو. فدعا الله لها برد البصر والقيام من القعود فبرئت الأمة، ولما برئت الأمةِ نظرت إليه فوجدته هو العُزير ليرى ابنهُ، فوجدهُ رجلاً طاعناً في السنِ قد بلغَ من العُمرِ مائة عامٍ، وكان العُزير لا يزالُ شاباً، ولنقل: إنهُ كان في الخمسين من عمرهِ؛ ولذلك نرى الشاعر يقول مُلغِزاً، وما ابن رأى أباه وهو في ضعف عمرهِ.

وفاة عزير عليه السلام:

إنّ العُزير عليه السلام تُوفي في عمر الخمسين، وقد بعثهُ الله على نفسِ عُمرهِ أما ابنهُ فقد بلغ من العمر مائةَ عامٍ؛ لأنه لم يمت ولم يُبعث، بل عاش حياةً متواصلةً، وهكذا أصبحَ الولد في عمر المائة، وأصبح الوالدُ في عمر الخمسين، فقال ابنُ العُزير: إنني كنتُ لأبي علامةً إنها شامةً بين كتفيهِ، فلما كشفَ له العُزير كتفيهِ وجدَ الإبنُ العلامةَ التي يعرفها أبيه.
وقال بعض المفسرون شيئاً آخر وهو: إنّ “بختنصر” حينما جاء إلى مدينةِ بيت المقدس وخّرّبها حرقَ التوراةِ، إلا أن رجلاً قال: إنّ أباهُ قد دُفن في مكانٍ من كرم ومعهُ نسخةً من التوراة فجاءوا بالنسخةِ فقال العُزير: لقد قرأ عُزير التوراة كما وجدت في النسخة، فصدّ الناسُ أنه العُزير، فتلك هي الآيةُ، وتعجبَ الناسُ أنّ الابن في سنّ مائةِ والأب في سن الخمسين، وهذه هي الآيةُ للناس فقال الله تعالى: “فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة:259. فهذا القول يأتي على لسان العُزير، فهل معنى ذلك أنه لم يكن يعلمُ من قبلُ أنّ الله على كلِ شيءٍ قدير. فقد كان يعلمُ علم الاستدلال؛ ولأنهُ قد أصبحَ يعلمُ عِلم الشهادةِ وعلمُ الضرورة وليس مع العين أين.
إذن فقول العُزير: “أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” فما هو الذي تبين له، فقد تبين لهُ قدرةً الله على بسط الزمن وقبضهِ، ولقد كان يعلمُ من قبلُ علم اليقين والآن أصبح يعلمُ علم اليقين.

المصدر: كتاب أطلس تاريخ الأنبياء، تأليف سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوثكتاب قصص الأنبياء تأليف الكاتب محمد متولي الشعراوي.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب قصص الأنبياء، للحافظ ابن كثير.كتاب البداية والنهاية، قصة عُزير عليه السلام- الجزء الثاني.


شارك المقالة: