غزوة حمراء الأسد

اقرأ في هذا المقال


غزوة حمراء الأسد

وفي السنة الثالثة من الهجرة النبوية الشريفة وبعد غزوة أحد وهزيمة المسلمين بها أمر النبي محمد صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا خلف قريش، وأن لا يخرج من المسلمين إلّا من حضر غزوة أحد، ليكون ذلك سبباً في إرهاب العدو ونزول الخوف عليهم، وحتى ليبلغهم أنّه قد خرج في طلبهم ليظنوا به قوة، وأنّ الذي أصاب المسلمين في غزوة أحد لم يضعفهم ولم يهزهم عن عدوهم.

وبعد ذلك خرج جيش المسلمين على ما كان فيهم من الجهد والإرهاق والتعب والجراح، فنزلت حينها هذه الآية الكريمة: (الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح)…آل عمران، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مجروح أيضاً، وفي وجهه أثر الحلقتين، وكان مشجوج في وجهه، ومكسورة رباعيته، حيث دفع لوائه للصحابي أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وحيث استخلف على المدينة المنورة الصحابي ابن أم مكتوم. 

حيث كان هدف رسول الله صلى الله عليه وسلم هو إرهاب العدو، حتى وصل النبي إلى موضع اسمه حمراء الأسد، يبعد حوالي ثمانية أميال من المدينة المنورة، وأقام بحمراء الأسد مدة ثلاثة أيام، حيث كان جيش المسلمين يوقدون في كل ليلة من تلك الليالي، فأوقدوا خمسمائة شعلة من النار حتى أنّها قد ترى من المكان البعيد.

وقد ذهب صوت معسكر جيش المسلمين ونيرانهم في كل وجه، ولمّا كان جيش المسلمين في حمراء الأسد لقيه رجل اسمه معبد الخزاعي وكانت قبيلة خزاعة مسلمهم أو حتى كافرهم تحب ذلك الرجل، فقال الرجل للنبي: “يا محمد والله لقد عزّ علينا ما أصابك في نفسك وما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن الله تعالى أعلى كعبك، وأن المصيبة كانت لغيرك”.

ثمّ مضى الرجل معبد الخزاعي حتى وصل إلى الروحاء، فلمّا رأى أبو سفيان الرجل معبداً قال أبو سفيان: (هذا معبد وعنده الخبر)، وسأله أبو سفيان:ما وراءك يا معبد؟، قال معبد: “تركت محمداً وأصحابه قد خرجوا لطلبكم في جمع لم أرَ مثله قطُّ، يتحرقون عليكم تحرقا، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه بالأمس من الأوس والخزرج، وتعاهدوا على أن لا يرجعوا حتى يلقوكم فيثأروا” فقال أبو سفيان : (ويلك ما تقول) فقال معبد: (والله ما أرى أن ترحل حتى ترى نواصي الخيل)، فقال عندها أبو سفيان: “والله لقد أجمعنا الكره عليهم لنستأصل بقيتهم”، قال: (فإني أنهاك عن ذلك، فانصرفوا سراعا)، ثم رجع إلى المدينة.

وكان ممّن تخلف عن هذه الغزوة: الصحابي جابر بن عبدالله رضي الله عنه، بسبب أنّ أباه خلفه على أخوات له تسعة، وقال: “يا بني إنّه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ولست بالذي أؤاثرك بالجهاد مع رسول الله، لعل الله يرزقني الشهادة فتخلف على أخواتك فاستحلفت عليهن واستأثر علي بالشهادة”، فأذن له النبي ولم يخرج معه أحد لم يشهد القتال غير جابر بن عبد الله.

المصدر: الرحيق المختوم/ صفى الرحمن المباركفورينور اليقين/محمد الخضريمختصر الجامع/ سميرة الزايد


شارك المقالة: