فضل صوم يوم عرفة

اقرأ في هذا المقال


يوم عرفة: هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة وهو الأساس في إتمام مناسك الحج وهو الوقوف على جبل عرفات من صباح يوم التاسع إلى غياب شمسه، وقد قال رسول الله -عليه الصلاة والسلام-: “الحجُّ عرفةُ، فمن أدرك عرفةَ فقد أدرك الحجَّ”، فالحج بدون يوم عرفة لا يُسقط فريضة الحج عن المسلم فهو أهمّ ركنٍ من أركان الحج، ويُعتبر يوم عرفة أهمّ يومٍ في حياة المسلمين جميعًا حجاجًا كانوا أم لا، ولهذا يسعى المسلمون غير الحجاج إلى كسب أكبر قدرٍ من حسنات هذا اليوم.

صيام التطوع:

يعتبر الصّيام من أعظم العبادات إلى الله تعالى، وهو سنّة يتقرّب بها العبد إلى الله-سبحانه وتعالى-، وللصّيام شأن عظيم، وهذا يعمّ الفرض والنّفل، وبعد صيام رمضان يستحب صيام ستة أيّام من شوّال، وثلاثة أيّام من كلّ شهر وصيام الاثنين والخميس، والعاشر من محرّم مع يوماً قبله أو بعده، وصيام يوم عرفة لغير الحاج، وذلك لقول النّبيّ، -صلّى الله عليه وسلّم-: “كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يضاعَفُ الحسَنةُ بعَشرِ أمثالِها إلى سَبعِ مائةِ ضِعفٍ إلى ما شاءَ اللَّهُ يقولُ اللَّهُ إلَّا الصَّومَ فإنَّهُ لي وأنا أجزي بِه يدَعُ شَهوَتَه وطَعامَه مِن أجلي للصَّائمِ فَرحَتانِ فرحةٌ عندَ فِطرِه وفَرحةٌ عندَ لقاءِ ربِّهِ ولَخُلوفُ فَمِ الصَّائمِ أطيَبُ عندَ اللَّهِ من ريحِ المِسكِ”.

حكم صيام يوم عرفة:

رُوي عَنْ أُمِّ الفَضْلِ بنْتِ الحَارِثِ: “أنَّ نَاسًا تَمَارَوْا عِنْدَهَا يَومَ عَرَفَةَ، في صِيَامِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ بَعْضُهُمْ: هو صَائِمٌ، وَقالَ بَعْضُهُمْ: ليسَ بصَائِمٍ، فأرْسَلْتُ إلَيْهِ بقَدَحِ لَبَنٍ، وَهو وَاقِفٌ علَى بَعِيرِهِ بعَرَفَةَ، فَشَرِبَهُ”، حكم صيام يوم عرفة لمن أراد الحج خلاف السّنّة، فالسنّة عدم صيامه للحاجّ، وذلك للرّفق بنفسه، وأداء مناسك الحجّ بأريحيّة، وعدم التعرّض للتّعب والإرهاق بسبب الصّوم، وأمّا غير الحاجّ فصيامه سنّة مؤكّدة، وذلك لعظم فضل صوم يوم عرفة، فيجتمع الجميع في ذلك اليوم الحاجّ وغير الحاجّ على باب رحمة الله -تعالى- ومغفرته ورضوانه، ولا يدري العبد الصّائم في يوم عرفة، فقد يكون من المشمولين بعفو الله ومغفرته ورحمته في هذا اليوم العظيم.

فضل صوم يوم عرفة:

إنّ العشر من ذي الحجّة أيّام مُبارَكة يُستَحبّ فيها الإكثار من الطّاعات وفعل الخيرات، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم: “ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ مِن هذه الأيَّامِ العَشْرِ، قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ قال: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلٌ خرَج بنفسِه ومالِه ثمَّ لم يرجِعْ مِن ذلك بشيءٍ “، فصيام يوم عرفة من السُّنَّة النَّبويَّة الصَّحيحة التي جاءتْ عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم-، وقد جاء في حديث رواه أبو قتادة الأنصاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنَّه قال: “صِيامُ يومِ عَرَفَةَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ، و صِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التِي قَبْلَهُ”، وهذا الحديث خير دليل على مشروعية صيام يوم عرفة وفضل صيام هذا اليوم، فهو يُكفِّرُ ذنب سنة سابقة وسنة لاحقة، وهذا معنى قول رسول الله: “إِنِّي أحْتَسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السنَةَ التي قَبلَهُ، والسنَةَ التي بَعدَهُ”، ومن الضروري التنبيه على أنّ صيام هذا اليوم ليس واجبًا على المسلمين، فالمفروض على المسلمين من الصيام هو صيام شهر رمضان فقط، ولذلك يوم عرفة من صيام التطوع المُستحب لما جاء فيه من فضل، والله أعلم.

العمل في يوم عرفة:

إنَّ للعمل في يوم عرفة فضلًا كبيرًا؛ فهو اليوم التاسع من الأيام العشر التي أقسم الله -سبحانه وتعالى- فيها في سورة الفجر في قوله: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}، وقد قال عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- في تفسير هذه الآية: “إنَّها عشرُ ذي الحجة”، ويوم عرفة هو يوم من هذه الأيام، وقد روى ابن عباس -رضي الله عنهما- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: “ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ؟ قالَ: ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ”، والله أعلم.

الدعاء يوم عرفة:

  • وفي حديث الألباني، روى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إنَّ رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- قال: “أكثر ما دعا به رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عشيةَ عرفة في الموقف: اللهم لك الحمد كالذي تقول، وخيرًا ممّا تقولُ، اللهم لك صلاتِي ونُسُكي ومحياي ومماتي، وإليك مآبي، ولك رب تراثي، اللهم إنِّي أعوذُ بكَ من عذابِ القَبر ووسوسة الصَّدر وشتات الأمر، اللهم إنِّي أعوذ بكَ من شرِّ ما تجيءُ به الريحُ”.
  • ومما يُستحب من دعاء يوم عرفة: “اللهمَّ آتنا في الدُّنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذابَ النَّار، اللهمَّ إنِّي ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا كبيرًا، وإنَّه لا يغفِرُ الذُّنوب إلا أنت، فاغفرْ لي مغفرةً من عندك، وارحمني رحمةً أسعد بها في الدَّارين وتُبْ عليَّ توبة نصوحًا لا أنكثها أبدًا وألزِمْنِي سبيلَ الاستقامة لا أزيغ عنها أبدًا، اللهمَّ انقلني من ذلِّ المعصية إلى عزِّ الطَّاعة، واكفني بحلالكَ عن حرامِكَ واغنني بفضلكَ عمن سواك، ونوِّر قلبي وقبري، واغفرْ لي من الشَّرَّ كُلَّهُ، واجمع لي الخير، اللهم إني أسألك الهدى والتُّقى والعفَافَ والغِنى، اللهم يسِّرني لليُسرى وجنبني العُسرى، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، أستودعك منِّي ومن أحبابي والمسلمين أدياننا وأماناتنا وخواتيمَ أعمالِنا، وأقوالَنا وأبدانَنا وجميعَ ما أنعمتَ بهِ علينا”.

المصدر: مجلس في فضل يوم عرفة/ابن ناصر الدين، محمد بن عبد اللهكتاب فضائل الأعمال/ضياء الدين محمد عبدالواحد المدسىيوم الحج الأكبر /سعد إسماعيل شلبيجزء في فضل يوم عرفة/أبي عبد الله محمد/ابن ناصر الدين الدمشقي


شارك المقالة: