قصة الصحابي الذي شرب نصيب النبي من اللبن

اقرأ في هذا المقال


لقد كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في ضيق من العيش، إلى جانب أنَّهم كانوا في جهد ومشقَّة، ومع هذا فإنَّنا نجدهم صبروا وتحملوا وهذا كُله في سبيل الله تعالـى إلى جانب أنَّهم قد تحملوا في سبيل الدعوة الإسلامية، وكذلك سبيلاً في طلب العِلم والتزود منه.

تلك الليلة هي الليلة التي الذي عمد ذلك الصحابي الجليل رضي الله عنه إلى شرب نصيب سدينا محمد عليه الصلاة والسلام من اللبن، حيث أنَّه في هذا المقال نخص التحدث عن هذه القصة وهي على النحو الآتي:

قصة الصحابي الذي شرب نصيب النبي من اللبن

جاءت قصة شرب نصيب النبي عليه الصلاة والسلام من اللبن مع الصحابي الجليل الذي تعتبر سيرته عطرة وذكره طيب، وثناء العُلماء عليه، وهو صاحب النبي عليه السلام، ألا وهو المقداد بن عمرو رضي الله عنه، حيث يقول المقداد بمعنى الرواية أنَّه جاء هو وصاحبان له إلى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فأصابهم حينها الجوع الشديد، فتعرضوا للناس آنذاك، فلم يُضيفهم أحد بتاتاً، وكل الذين ذهبوا إليهم من أصحاب النبي عليه السلام كانوا من الفقراء أي لا يوجد لديهم ما يُضيفونه لهم، وهذا ما بيّن الشدَّة والفقر الذي كان يُعاني منه أصحاب النبي رضوان الله عليهم.

وبعد ذلك أتى المقداد بن عمرو وصاحباه إلى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ولم يجدوا حينها أحد يقبلهم، قال: “فأتينا النبي صلَّ الله عليه وسلَّم فانطلق بنا إلى أهله”، وقال بمعنى الرواية أنَّ الرسول قدَّم إليهم أعنز؛ وهي أنثى الماعز“، وفي رواية أخرى أربعة أعنز لعلَّ واحدة أُضيفت بعد ذلك، فقال لهم سيدنا محمد عليه السلام احتلبوا هذا اللبن بيننا، قال المقداد: فكُنَّا نحتلب، فيشرب كل واحد منهم نصيبه من اللبن، ونرفع للنبي نصيبه إلى أن يأتي.

ثلاثة أعنز تحتلب والحليب الذي يستخرج منها كان يُقسم حينها إلى أربعة أقسام، كان للنبي عليه السلام ولمقداد بن عمرو ولصاحبيه قسمان، فيقول المقداد بن عمرو بمعنى الرواية: أن الرسول عليه السلام قد تأخر عن موعد عودته كالمعتاد، فقال في نفسه أنَّ سيدنا محمد عليه السلام في ضيافة أحد الأنصار، فأكل إلى أن شبع، وشرب كذلك إلى أن ارتوى، فأبقى المقداد نصيب النبي، وقال في نفسه أنَّه لو شرب نصيب النبي، لن يسأل النبي عنه وهذا ظناً به أنَّ سيدنا محمد لا يكون بحاجة إلى ذلك اللبن.

فوسوس الشيطان للمقداد بن عمرو رضي الله عنه لكي يشرب نصيب النبي عليه السلام؛ وهذا لأنه اعتقد أن النبي من المؤكد شبعان، وأنَّه عندما يأتي لا يعلم بشيء ولا يسأل عن اللبن، فقال رضي الله عنه: “فأتيتها فشربت نصيب النبي من اللبن”، وبعدما شرب غطى القدح.

وقال رضي الله عنه أنَّه عندما توغل الحليب في بنطه واستقر في معدته ندمنه الشيطان على هذه الفِعلة وقال له الشيطان تشرب شراب النبي ويحك! ما صنعت؟ فسوف يأتي النبي ولا يجده، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب بهذه الفعلة دُنياك وآخرتك”، فأتى سيدنا محمد آنذاك وكان صلَّ الله عليه وسلَّم يُسلِّم كما كان يُسلِّم بهدوء وسكون ثم آتى عليه السلام إلى شرابه ورفع الغطاء فلم يجد فيه شيئاً.

فرفع سيدنا رأسه إلى السماء وقال حينها: “اللهم أطعم من أطعمني، واسقِ من سقاني، فلما سمع المقداد بن عمرو ماذا دعا النبي آنذاك قال اغتنمت تلك الدعوة؛ وهذا لأنَّ دعوة سيدنا محمد عليه السلام مجابة، فأسرع وأتى بالعنز وحلبها مع أنَّها لم تكن ملكه بتاتاً، وعندما كان يجتسها فوجئ رضي الله عنه بشيء غريب، بأنَّه كان قد حلب الأعنز منذ قليل، كما وأنَّه عمد إلى تقسيم اللبن على كل واحد منهم كما وأنَّه شرب نصيبه ونصيب النبي عليه السلام، حيث أنَّ العنز إذا حُلبت تحتاج إلى أن تمتلئ يوماً آخر أو بعض يوم، فيقول أنَّه إذا جاء على أعنز وجدها حافلاً أي ممتلئة باللبن.

فجاء بإناء كبير فوضع فيه اللبن إلى أن علته الرغوة وهي زبد اللبن الذي يعلو اللبن، فجاء إلى سيدنا محمد بهذا الإناء فقال لهم سيدنا محمد أشربتم شرابكم تلك الليلة؟ فقال المقداد: أشرب! فهرب رضي الله عنه من ذلك السؤال، فشرب عليه السلام ومن ثم ناوله، فشرب حينها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام إلى أن تضلع، فقال عندما علمت أنَّ سيدنا محمد شرب من ذلك الشراب وأنَّه قد روي وأصيبت دعوته، ضحكت إلى أن استلقيت على الأرض، فقال سيدنا محمد له: إحدى سوءاتك يا مقداد، فقال له: فعلت سوءة من الفعلات.

ثم قال له أيضاً عليه السلام بأنَّ هذه الضحكة لا تأتي إلّا من سوءة فعلتها فما هي: فقال لسيدنا محمد: “يا رسول الله كان في أمري كذا وكذا، فقال له سيدنا محمد: “هذه بركة، وفي رواية أخرى يُقال أنَّه قال له: “ما هذه إلّا رحمة من الله تعالى، أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها؟، فقال المقداد: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتَها وأصبتُها معك من أصابها من الناس”؛ بمعنى أنَّه بعدما قد أصابته البركة الآن وأصابته دعوة سيدنا محمد لا يُهمه شيء بتاتاً بعد ذلك شَرِب من شَرِب.

من هو المقداد بن عمرو

ويُعرف أيضاً بالمقداد بن الأسود، أحد صحابة النبي عليه الصلاة والسلام، هاجر إلى الحبشة ومن ثم إلى يثرب، كما وأنَّه شارك مع سيدنا محمد عليه السلام في كافة الغزوات، كما وأنَّه قد شارك في البعض من الفتوحات كفتوحات الشام ومصر.

كما وكان رضي الله عنه أحد السابقين إلى الإسلام ومن أوائل الناس الذين أظهروا الإسلام في مكة المكرمة، توفي رضي الله عنه في السنة الثالثة والثلاثين للهجرة بجرف فحمل حينها إلى المدينة المنورة، كما وصلى عليه الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه ودُفن في البقيع، حيث أنَّ عمره عند وفاته كان يبلغ السبعين سنة، وقيل في أحد الروايات أنَّ السبب الرئيس وراء وفاته هو أنَّه قد شرب دهن الخروع وقيل فتق بطنه، فخرج منه الشحم وقيل أنَّه كان رضي الله عنه عظيم البطن، وكان له غلام رومي فشق بطنه ثم خاطه، فمات رضي الله عنه وهرب الفتى.

ويعتبر المقداد بن عمرو أحد رواه الحديث النبوي الشريف كما ونقل عنه العديد من الرواة كعلي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعودوعبدالله بن عباس وغيرهم العديد رضي الله عنهم جميعاً.

المصدر: رجال حول الرسول، خالد محمد خالد، 1968م.صور من حياة الصحابة، عبدالرحمن رأفت باشا، 1992م. فضائل الصحابة، الإمام أحمد بن حنبل، 1983م.أُسد الغابة في معرفة الصحابة، الإمام ابن الأثير، 1994م.


شارك المقالة: