كشف إدريس عليه السلام لأسرار الكون في السماء السابعة

اقرأ في هذا المقال


كشف إدريس عليه السلام لأسرار الكون في السماء السابعة:

ليس من الغريب أن يختمَ إدريسُ عليه السلام الأمر المُتعلق بِرؤيا الأسابيعَ السبع بالتكلمِ عن الكونِ وأبعاد الأرض والسماء؛ لأنه يُعرف أن البشر في هذا الأسبوع سيكتشفونَ كثيراً من أسرار الكون. وكما أكدّ على ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: “سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ” 53. وقوله تعالى: “وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ” النمل:93. 
لقد قال إدريس عليه السلام: أنّ المُسلمين سيُمنحون كثيراً من العلم عن جميع المخلوقات وأنهُ ستُعطى لهم تعاليم بسبعةِ أضعاف حول جميع المخلوقات. وهذا ما نجدهُ في القرآن الكريم فقد كشف للبشر كثيراً من أسرار الكون بينما تكاد تخلو الكتب السماوية السابقة باستثناء صحف إدريس عليه السلام من الآيات التي تتحدث عن معجزاتِ الله عزّ وجل في هذا الكون.   
فقد أشيرَ القرآن إلى أن جميع أجرامِ الكونِ من سمواتٍ وآراضينَ، قد خلقت من الدّخان الذي كان يملأ الفضاء وهذا ما أثبتَ عليه العلماء في هذا العصر وذلك بقوله تعالى: “ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ- فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ” فصلت:11-12.  
وأشار أيضاً إلى مراحلِ خلق الإنسان من التراب، وهي الطين اللازب، ثم الحمأ المسنون، ثم الصلصال الذي كالفخار ثم سلالةُ الطين والتي جاءت متطابقةً مع ما اكتشفهُ العلماءِ، كما وضحت ذلك في كتاب بداية الخلق في القرآن الكريم. وأشار إلى مراحلِ خلق الإنسان من النطفة وذلك في قوله تعالى: “وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ- ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ- ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ” المؤمنين:12-14.
وأشار إلى ضخامة هذا الكون من خلال القسم بمواقع النجوم في السماء الدنيا فقط وأكد على أن من يعلم أبعاد النجوم لا بد أن يقدر عظمة هذا القسم وذلك في قوله سبحانه: “فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ – وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ” الواقعة:75-76.
وأشار أيضاً إلى الدور الكبير الذي تلعبهُ الجِبال من خلال الجذور الضّاربة في وشاحها السائل في حِفظ القشرة الأرضية الرقيقة من الإنزلاق والاهتزاز، وبين ذلك في قوله تعالى: “وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ” النحل:115. 
 وهناك أيضاً أشار إلى الأمر الكبير الذي تلعبهُ أوراق النباتات في تأمين الطعام لجميع الكائنات الحية في قوله تعالى: “وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ” الأنعام: 99.
ودلّ إلى أن الماء هو أصلُ الحياة، فقال تعالى: “أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ” الأنبياء:30. وأشار إلى أن جميع أجرام الكونِ في حركة دائمة وتسيرُ في مدارات محددة وذلك في قوله تعالى: “وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ- وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” الأنبياء:32-33.
وأشار إلى مراحل تكون المطر والبرد في قوله تعالى: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَمَّنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ” النور:43.
أما الآيات القرآنية التي تدعو البشر  إلى النظر والتفكر  في كل ما خلق الله عز وجل من مخلوقات في هذا الكون فهي بالمئات حيث تؤكد هذه الآيات على وجود معجزات باهرات تدل على وجود خالق لا حدود لعلمه وقدرته سبحانه وتعالى كما في قوله تعالى: “إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ- وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ- وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ- تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ” الجاثية:3-6.
وقوله تعالى: “إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ” البقرة:164.
 وقوله تعالى: “وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ- وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ” الذاريات:20-21. بل إن القرآن الكريم قد أكدّ على التفكر في مخلوقاتِ الله عبادة من أهم العبادات التي يمكن للإنسان أن يقوم بها، فقال تعالى: “إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ- الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ“آل عمران: 190- 191. 
 أمّا ما يلُ على أنّ أمةُ الإسلام هم أهلُ العلمِ التي شبههم بها إدريس عليه السلام، وهو أن معجزات الله عز وجل في هذا الكون لا تُقدرُ إلّا بالعلمِ وأنّ العُلماء هم أكثرُ الناسِ خِشية لله عزّ وجل وذلك مصداقا لقول الله تعالى: “أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ- وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ” فاطر:27-28.

المصدر: كتاب قصص الأنبياء، للحافظ ابن كثير.كتاب قصص الأنبياء، تأليف الطيب النجار.كتاب قصص الأنبياء، للكاتب الشيخ محمد متولي الشعراوي.كتاب قصة نبي الله إدريس عليه السلام، تأليف سعد هادي.كتاب نبي الله إدريس بين المصرية القديمة واليهود والإسلام، تأليف هدى درويش.كتاب أطلس تاريخ الأنبياء والرسل، تأليف سامي عبد الله الملغوث.كتاب الأنبياء القصص الحق، تأليف عبد القادر شيبة الحمد.


شارك المقالة: