كيف يكون النهي عن الانتباذ؟

اقرأ في هذا المقال


النهي عن الانتباذ فوق ثلاث:

عن ابن عباس رضي الله عنهما ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له فيشربه يومه ذلك، والغد، واليوم الثالث، فإن بقي منه شيء أرهقه، أو أمر فأُرهق “رواه مسلم.
وقد أشار ابن القيم رحمه الله إلى ذلك مبيناً علة النهي فقال: ” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينتبذ له أول الليل، ويشربه إذا أصبح يومه ذلك والليلة التي تجيء، والغد إلى العصر، فإن بقي منه شيء سقاه الخادم أو أمر به فصب ” رواه مسلم.

النبيذ: هو كلّ ما يطرح فيه تمر يحليه، والذي يدخل في الغذاء والشراب، وله منفعٌ عظيم في زيادة القوة والحفاظ على الصحة. ولم يكن صلى الله عليه وسلم يشربه بعد ثلاث خوفاً من تغيره إلى الإسكار. فإذا كان مظنة الإسكار، ففي تركه حسمٌ لمادة قربان المسكر، وَسدٌّ لذريعة الوصول إليه.

النهي عن شرب العصير بعد ثلاث:

في معرض ذكر الأشربة المّنهى عنها سداً لذريعة الوصول إلى المسكِر، ذكَرابن القيم رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شرب العصير بعد ثلاث: حساً لمادةِ قربان المسكر، وسداً لذريعة الوصول إليه.
أما اختلاف العلماء: فمن هذه الناحية، فقد اختلف العلماء في النهي عن العصير بعد ثلاث على قولين:
1. هو قول الجمهور أن العصير مباح ما لم يغل، فإذا غلى وأسكر حرم قبل ثلاث وبعدها.
2. وهو مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وهو أن العصير إذا جاءت عليه ثلاثة أيام، فقد حُرم، إلّا أن يغلي قبل ذلك فيحرم.

وجه الأستدلال: هو أن العلة مشتركة بين النبيذ والعصير في النهي عن كل منهما بعد ثلاث، إذ كل منهما مظنة ظناً غالباً للإسكار، فيحرم العصير إذا بعد ثلاث.
ولهذا فإن المجد ابن تميمُة ترجم على أحاديث النهي عن النبيذ بذلك فقال: باب شرب العصير ما لم يغل أو يأت عليه ثلاث.
– ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “اشربوا العصير ثلاثاً ما لم يغل”.
– إن الحكم يثبت بغلبة الظن، والعصير بعد ثلاث يصير مظنة للتغيّر ظناً غالباً، وأما قبل الثلاث فالظن فيه ضعيف.
والترجيح في هذا الأمر هو النهي عن العصير بعد ثلاث مطلقاً، وذلك لقوة أدلة المذهب الحنبلي. من النص والتعليل.
أما إذا غليّ واشتد قبل ثلاث، فإنه يحرم بالإجماع كما قال ابن قدامة. فإن عموم أحاديث النهي عن النبيذ بعد ثلاث.
وعليه فقد سلم لابن القيم رحمه الله تعالى الاستدلال بالنهي عن العصير بعد ثلاث على سد الذرائع التي توصل إلى المسكر.

المصدر: كتاب صحيح مسلم، كتاب الأشربة - باب النهي عن الانتباذكتاب الحدود والتعزيرات لابن القيم دراسة وموازنة، تأليف بكر بن عبد الله أبو زيد.كتاب الحدود والأحكام الفقهية، تأليف، علي بن مجد الدين بن الشاهرودي البسطامي.


شارك المقالة: