ماهو حكم تارك الصلاة؟

اقرأ في هذا المقال


من ترك الصلاة جحوداً فقد كفروالدليل من الإجماع: فقال ابن عبد البر: أجمع المسلمون على أنّ جاحد فرض الصلاة كافراً.وقال النووي: إذا ترك الصلاة جاحداً لوجوبها، فهو كافرٌ بإجماع المسلمين.وقال ابن تيمية: أمّا تارك الصلاة فهذا إن لم يكن مُعتقداً لوجبها فهو كافرٌ بالنص والإجماع.

فتارك الصلاة بالكليّة تهاوناً أو كسلاً، كافر كفراً مُخرجاً من الملَّةِ.والدليل من كتاب الله تعالى قوله:(  فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ۖ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا) “مريم 59” .


إنّ الله تعالى قال في المُضيّعين للصلاة المتبعين للشهوات:( إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) “الفرقان 70” . فدلّ على أنهم حين إضاعتهم للصلاة واتّباع الشهوات غير مؤمنين.


قال تعالى: ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) “الروم 31” .فقد اتّفق العلماء على من ترك الصلاة جحوداً لها فهو كافر، واختلفوا فيمن اقرّوا بوجوبها، ثم بعد ذلك تركها تكاسلاً. فذهب أبو حنيفة ــ رحمه الله ــ إلى أنهُ لا يكف، ولكنّه يحبس حتى يصلي.وذهب مالك والشافعي ــ رحمهما الله ـ، إلى أنّه لا يكفر، ولكن يقام عليه الحدّ ما لم يصلِّ.
والمشهور من مذهب الإمام أحمد ــ رحمه الله ــ أنه يكفَّر ويقتل ردَّةً، وهذا هو المنقول عن أصحاب النبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ، كما نقله المنذري في الترغيب والترهيب وغير ذلك.


وهناك بعض الأدلة على ذلك وهو ما رواه المسلم والبخاري والنسائي عن جابر ــ رضي الله عنه ــ قال، قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ 🙁 بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة).


وما رواه أحمد من حديث أمّ أيمن مرفوعا” من ترك الصلاة مُتعمّداً برئت منهُ ذمَّة الله ورسوله”.
وما رواه أصحاب السّنن من حديث بريدة بن الحصين قال، قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ:(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).


وروى الترمذي عن عبد الله بن شقيق قال: كان أصحاب رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ لا يرون شيئاً من الأعمال تركهُ كفر إلّا الصلاة. وقال الإمام محمد بن نصر المروزي سمعت إسحاق يقول: صحَّ عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنَّ تارك الصلاة كافر، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنَّ تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر.

وقال الإمام ابن حزم: روينا عن عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ، وعن معاذ بن جبل، وابن ‏مسعود، وجماعة من الصحابة ‏‎ــ رضي الله عنهم ــ،‏ وعن ابن المبارك ، وغيرهم، وعن تمام سبعة عشر رجلاً من الصحابة، والتابعين ــ ‏رضي الله عنهم ــ،( أنَّ من ترك صلاة الفرض عامداً ذاكراً حتى يخرج وقتها فإنّهُ كافر ‏ومرتدّ).

إنَّ تارك الصلاة لصلاتهِ كفٌر ومُخرجٌ عن الملّة، وإذا كان لهُ زوجة فيفسخ نكاحهُ منها.ولا تحلُّ ذبيحة لهُ يوم الذبح، ولا يُقبل منهُ صومٌ ولا صدقةٌ، ولازكاةٌ ولا يجوز لهُ أن يذهب إلى مكة فيدخل الحرم، وإذا مات فإنّه لا يجوز أن يغسَّل، ولا يكفَّن، ولا يصلَّى عليهِ، ولا يدفن في مقابر المسلمين، وإنّما يخرج به إلى البَرِّ، ويحفر لهُ حفرة يُرمس فيها، ومن مات لهُ قريب وهو يعلم أنّه لا يصلي فإنه لا يحلّ لهُ أن يخدع الناس، ويأتي بهم من أجل الصلاة عليه، فالصلاة على الكافر محرَّمة لقوله تعالى: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)، ولأن الله يقول: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).

وأمّا من يؤخرها عن وقتها، فإنهُ أشد إثماً من الذي لا يصلي مع الجماعة، ومن يؤخّرالصلاة حتى خروج الوقت بدون أيّ عذرٍ شرعيّ فهذا حرام ولا يجوز، حتى ولو صلاها بعد الوقت في هذه الحال فإنّها لا تقبل منهُ، لقولهِ ــ صلى الله عليه وسلم ــ: “من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد”.


فمسألة الصلاة من الأمور الهامّة التي يجب على المؤمن أن يعتني بها ويحافظ عليها وعلى أوقاتها، فهي عمود الإسلام كما قال النبي ــ صلّى الله عليه وسلم ــ، ومن لا عمود لبنائه، فإنَّ بناءَهُ لا يمكن أن يستقيم أبداً، فيجب على المسلمين أنّ ينصحوا فيما بينهم أانّ يتأمروا على الالتزام بها والحرص عليها.

حكم تارك صلاة الفجر

إنَّ المسلم الذي ينام عن صلاة الفجرعن غير قصد منهُ بعد أن اتَّخذ جميع الأسباب العادية للاستيقاظ، ولكن لم تفلح معهُ هذه الأسباب في إيقاظه ، فهذا لا إثمَّ عليهِ ولا حرج. أمَّا الذي يستيقط ويعي ما حوله، ويعلم أنَّ وقت صلاة الفجرقد دخل، ثمَّ يتعمَّد استكمال نومه ناوياً الاستمرار حتى خروج وقتها، فقد وقع في إثم عظيم، وذنب كبيرفيتوجَّب عليه المسارعة إلى التوبة والندم، ويكفيه إثماً وخطراً أنَّ العلماء قد اختلفوا في كفره على رأيين.


فبعضهم قال: إنّه مطلق الترك، فلو ترك صلاة واحدة متعمدا من غير عذر شرعي حتى خروج وقتها فقد كفر، وهذا قول إسحاق بن راهويه وغيره، والشيخ عبد العزيز بن باز ــ رحمهم الله ــ من المعاصرين.


وقال بعض أهل العلم: إنَّ الذي ينطبق عليه حكم الكفر، هو الذي يترك الصلاة تركاً مطلقاً، وأمَّا من يصلي حيناً، ويترك الصلاة حيناً آخر فهذا لا يكفر؛ لأنَّ الكفر هو الخروج من الملّة، وإنّهُ قد أتى باباً عظيما من أبواب الإثم.

يقول ابن تيمية ــرحمه الله ـ إنَّ كثيراً من الناس، لا بل أكثرهم في كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس، ولا هم تاركيها بالجملة ، بل إنهم يصلونها أحياناً ، ويدعونها أحياناً ، فهؤلاء بعضهم فيهِ إيمان وبعضهم نفاق، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام على أنه لا خلاف بين أهل العلم على من ترك صلاة واحدةً، سواء الفجر أو غيرها من الصلوات حتى يخرج وقتها، فقد أتى باباً عظيما من الإثم، وهو أعظم من السرقة وشرب الخمر والزنا، وهو فاسق من شرِّ فسَّاق أهل الملَّة، وذلك حتى يتوب ويرجع عن ترك صلاته، أو هو كافر، كما ذهب إليه كثير من أهل العلم، بل هو المحكي عن أصحاب رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ .


فالنصيحة لجميع المسلمين بأنّ يتسابقوا بالحرص على أداء الصلوات الخمسة، وعدم الاستهانة في تركها، فهي عمود الدين ، فلو ضَيَّعها فهو لما سواها أضيَع، وإذا قَصَّر المسلم في أداء هذا الواجب في بعض الأحيان فعليهِ أن يتوب إلى الله تعالى ويستغفره، ويكثر من النوافل مع القضاء، وليس عليهِ أن يجدّد عقد زواجه، فهو عقد صحيح باقّ إن شاء الله تعالى، لا ينقضه ترك صلاة واحدة، وهذا على الصحيح من أقوال أهل العلم.

عقوبة تارك الصلاة

إنّ تارك الصلاة يقتل. قال ابن تيمية:” إنّ تارك الصلاة مستحقٌ للعقوبة حتى يصلّي باتّفاق المسلمين” .


وقال أيضاً” فالواجب على وليّ الأمر أنّ يأمر بالصلوات المكتوبات جميع من يقدر على أمره، ويعاقب التارك بإجماع المسلمين” .
أما الجمهور: فهم على خلاف بين أصحاب هذا القول: وهل يُقتل ردّة أو حداً؟ فالمالكية والشافعية قالوا على أنَّه يقتلُ حدّاً، والحنابلة قالوا على أنّه يقتلُ كفراً .

أمّا الدليل على ذلك في كتاب الله تعالى:( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ۚ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)” التوبة 5″ .
أنَّ الآية اشترطت في ترك القتل بعد التوبة إقامة الصَلاة، فإن لم يقِمها يقتل .

أما الدليل من السنة النبوية: عن عبدِ الله بن عمرــ رَضِيَ الله عنهما ــ، أنَّ رسول الله ــ صلَّى الله عليه وسلَّم ــ قال:(أُمرتُ أنْ أقاتلَ الناسَ حتى يَشهدوا ألَّا إلهَ إلَّا الله، وأنَّ محمدًا رسولُ الله، ويُقيموا الصَّلاةَ، ويُؤتوا الزَّكاةَ، فإذا فَعَلوا ذلك عَصَموا منِّي دِماءَهم وأموالَهم إلَّا بحقِّ الإسلامِ، وحِسابُهم على اللهِ)” رواه بخاري ومسلم” .

فعن ابن عمر ــ رضي الله عنهما ــ قال: قال رسول الله ــ صلّى الله عليه وسلم ــ: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألَّا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإن فعلوا ذلك، عصموا مني دماءهم وأموالهم إلَّا بحق الإسلام وحسابهم على الله ) “متفق عليه” .


وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ يقول:(إن بين الرجل و بين الشرك ترك الصلاة) ” رواه مسلم ” . وكان أصحاب محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفراً غير الصلاة “رواه الترمذي” .


وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أنّ رسول الله ــ صلّى الله عليه وسلم ــ قال:( إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ) ” رواه البخاري ومسلم” .


شارك المقالة: