ماهي أقسام الكفارات في الصّيام؟

اقرأ في هذا المقال


الكفارة:

سُمّيت الكفَّارات أو كفَّارات لأَنَّها تُكَفِّر الذّنوب؛ أَي تسترها وتخفيها مثل كَفَّارة الأَيمان وكَفَّارة الظِّهارِ والقَتْل الخطأ وقد بيَّنها الله تعالى في كتابهِ وأَمر بها.

كفارات الصّيام:


ومن أقسام الكفارات في الصّيام كفارة القتل: ويقسم القتل إلى نوعين: القتل شبه العمد، والقتل الخطأ.

كفارة القتل:

كفارة القتل: وهي أحد الكفارات الخمسة المعهودة في الشرع، وهي واجبة، فالكفارة في عرف الشّرع الإسلامي اسم للواجب، وقد عُرف وجوب كفارة القتل من القرآن الكريم بقوله تعالى:(  وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ إِلَّا أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)”النساء92″.

أولاً: القتل شبه العمد:


كفارة القتل شبه العمد: والمقصود بها أن يقصد المسلم المُكلَّف ضرب إنسان آخر بما لا يقتل غالبًا، إمّا لقصد العدوان عليه، أو لقصد التأديب لهُ، فيسرف فيهِ، كالضرب بالسَّوط، والعصا، والحجر الصَّغير، والوكز باليد، وسائر ما لا يقتل غالبًا فيؤدّي ذلك إلى القتل.” المغني لابن قدامة”

الآثار المترتبة على القتل شبه العمد:

1.  دفع عاقلة القاتل الدّية المُغلّظة إلى أولياء المقتول:

وهذه الدّية عبارة عن مئة من الإبل، أربعون منها في بطونها أولادها، وتجب على عاقلة الجاني لأولياء المقتول. 

روى أبو داودَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ــ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ــ قَالَ: (مُسَدَّدٌ خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ ثُمَّ اتَّفَقَا فَقَالَ أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثُرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ تُذْكَرُ وَتُدْعَى تَحْتَ قَدَمَيَّ إِلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ أَلَا إِنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا).”حديث حسن” “صحيح أبي داود للألباني”.
روى الشيخانِ عن أبي هُرَيْرَةَ ــ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ــ قَالَ: اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ ــ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ــ فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ وَقَضَى أَنَّ دِيَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا .”البخاري ومسلم”.

2.  الكفارة: وتجب على القاتل كفارةً ألا وهي:

عتق رقبة مسلمة من ماله، فإن لم يستطع، صام شهرين متتابعين. 

يقول الله تعالى:(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا)ا”لمائدة”

ثانيًا: كفَّارة القتل الخطأ:

القتل الخطأ هو أن يفعل المسلم، البالغ العاقل، فعلاً لا يريد بهِ إصابة المقتول، فيصيبهُ ويقتلهُ، مثل أن يرمي صيدًا أو هدفًا فيصيب إنسانًا فيقتلهُ.

يقول الله تعالى:(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)”النساء: 92″.

الآثار المترتبة على القتل الخطأ:

1. وجوب الدية والكفَّارة معًا:

تجب الدية والكفارة على من قتل مسلمًا خطأً، أو غير مسلم، لهُ عهد مع المسلمين، وذلك باتّفاق أهل العلم. بدليل الآية السابقة.

الدية تكون مخفَّفة (مئة من الإبل) وتدفعها عاقلة القاتل لأولياء المقتول، والكفارة تكون من مال القاتل.

2. وجوب الكفارة فقط:

وتجب الكفارة فقط على من قتل مسلمًا في حرب مع الكفار وهو يظن أنّه منهم وذلك لقوله تعالى: (فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ).

عوامل وآثار جريمة القتل على المجتمع:

تعتبر الجريمة ذات تكاليف كبيرة في أيِّ مجتمع من المجتمعات، وهذه التكاليف باهظة، وليس فقط من حيث الجوانب المادية المُتصلة بها، والمرتبطة بنفقات بناء المؤسسات العقابية وإقامة النزلاء بها، بل كذلك من حيث النفقات والأجهزة والآليات والمختبرات.

والجريمة من جوانب أخرى تعتبر ذات تكلفة أكثر خطورة على المجتمع، إذا ما نظرنا إلى نتائجها السلبية وآثارها المُدمّرة من النَّواحي الإنسانية والاجتماعية على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع.

وتشكّل الجريمة في مختلف دول العالم عبئاً اقتصادياً ضخماً، إضافة إلى الجوانب والأعباء المتعدّدة لتكلفتها على المستوى البشري والاجتماعي والأمني.

وما زال مفهوم تكلفة الجريمة يعاني من الغموض إلى حدٍّ كبير، إذ أنَّ الجريمة ظاهرةٌ اجتماعيةٌ ونفسية معاً، فضلاً أنها تمسُّ جميع أفراد المجتمع، وليس فقط أولئك الذين وقع عليهم الفعل الإجرامي.

ولعلَّ الغموض الذي يرتبط بموضوع التكلفة ناتج من أنَّ هنالك العديد من التكاليف، فضلاً أنَّ حساب تكلفة الجريمة ربَّما يمكن حسابه بصورة موضوعية في بعض الأحيان، ويصعب ذلك في حالات أخرى. وعلى الرغم، من أنَّ العديد من الدراسات التي تمَّت في مجال الجريمة تتحدَّث بصورة مقتضبة عن التكلفة، بيد أنَّ هذه الدراسات قد أخذت اتّجاهات متباينة وغير موحَّدة.

فهذا د. صلاح عبد العال في كتابه (التغيُّر الاجتماعي والجريمة في الدول العربية) يشير إلى بعض تلك الاتّجاهات المتباينة بقوله: (إنَّ أول ما يتبادر للأذهان هو الذي يقتضي حسابه في بادئ الأمر: هل المكاسب والخسائر المادية التي تنشأ عن النشاط الإجرامي، أم الأضرار الاجتماعية التي تسبّبها الجريمة بوجه عام، وبعض الجرائم بوجه خاص).

هنا يؤكد د. صلاح أنَّ موضوع حساب التكلفة يواجه بالعديد من المشاكل والصعوبات.

ويرى د. علي شتا في كتابه (علم الاجتماع الجنائي ): أنَّ حساب تكلفة الجريمة تندرج تحت الآثار الاقتصادية والاجتماعية للجريمة، وخاصّة ما تتحمَّله الدولة من جرائها، نتيجة ما يصيبها من خسائر مالية وتصدُّعات اجتماعية.

فبالنسبة لآثار الجريمة على الدول، فإنَّ لها آثارٌ واضحةٌ، إضافة لما تنفقه الدولة على أجهزة العدالة والضبط وأجهزة الرّعاية الاجتماعية للمُذنبين، وما كلَّفها ذلك من توفير الأموال والأدوات والقوى البشرية اللازمة.

والتكاليف المادية للجريمة تبدو متعدّدة للغاية ومتنوعة، ولعلَّ أهمّ أنواع التكلفة المادية هو الفقدان المباشر للمُمتلكات؛ كما هو الحال في جرائم الاتلاف، والتي تقلّل من وجود السلع المُفيدة في المجتمع، فتحطيم مبنًى أو حرق سيارة، لاشكّ أنّهُ يلعبُ دوراً معيناً في تقليل حجم السلع المفيدة في المجتمع.

وقد ميّز (كويني) بين التكلفة الاقتصادية المباشرة للجريمة، والتكلفة الاقتصادية غير المباشرة، حيث يرى أنَّ التكلفة المباشرة تتمثَّل في الأموال والأرواح المهدرة من جرَّاء ارتكاب الجريمة، في حين أنَّ التكلفة غير المباشرة تتمثَّل في نفقات تسيير نسق العدالة الجنائية.

إنَّ حساب تكلفة الجريمة يُعدّ من الأمور البالغة الصعوبة، وذلك في إطار عدم توافر البيانات الاحصائية.

ثمّ إنَّ قيام المجتمع على أساس من التكافل من شأنه أن يزيل كافة مظاهر الغبن الاجتماعي والفساد الاقتصادي، والتي تؤدي للانخراط في الجريمة والاعتداء على مصالح المجتمع الأساسية ومكافحة الإرهاب وأهله ومخططاتهِ.

المصدر: الآثار الإقتصادية والإجتماعية للجريمة، للدكتور زيد بن محمد الرماني.كفارة القتل الخطأ لصالح بن فوزان الفوزان.


شارك المقالة: