ماهي معاني التلبية في الحج وفوائدها؟

اقرأ في هذا المقال


تعريف التلبية

التلبية: هي تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي أوجب بها للحجّ، وحُريّ بالمسلم أن يقتدي بنبيّه صلّى الله عليه وسلم في أمر دينه وعبادته عموماً، وفي أمر حجّه خصوصاً، وقد قال صلى الله عليه وسلم:”خذوا عني مناسككم”(رواه بخاري ومسلم).

أدلة التلبية في الحج

أخرج الإمام مسلم رحمه الله من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الطويل في بيان صفة حجَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه: “فأهلَّ بالتوحيد: لبَّيك اللهمَّ لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيكَ، إنَّ الحمدَ والنعمةَ لك والملكَ، لا شريكَ لك“.

ويعني حديث “خذوا عنِّي مناسككم”: أي وجوب اقتداء الحاجّ بالنبي صلى الله عليه وسلم في أعمال الحج، وبأن يتعلم أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم التي فعلها في الحجِّ وأقواله، ويقتدي به في ذلك، يعني تعلموا مني أحكام حجِّكم، وعمرتكم، وافعلوا مثل ما أفعل.

إنّ هذا الخطاب لمن كان معه، ولمن سيأتي بعده إلى يوم القيامة، فيجب على كل حاجٍّ أو معتمرٍ أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في أداء المناسك، ممَّن كان معه من الصحابة فإنَّهم يشاهدونه ويرونه عليه الصلاة والسلام ويتابعونه، أمّا من سيأتي بعده، فإنَّه يعمل بالأحاديث الصحيحة الواردة في حجّة النبي صلى الله عليه وسلم، يتعلمها ويعمل على موجبها، وإن كان لا يقدر على ذلك؛ فإنّه يسأل أهل العلم، بسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ليخبروه ويبينوا له، هذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: “خذوا عني مناسككم” (رواه البيهقي في ‏‏السنن الكبرى)، فهذا دليل على أنّ جميع أعمال الحج توقيفية مثل باقي أنواع العبادة، فإنَّها توقيفية لا يقدم على شيء منها إلّا إذا ثبت في الكتاب والسنَّة أنَّه مشروع، وبدليل وأنَّه عبادة.

معاني التلبية 

إنّ من أهم معاني التلبية وفوائدها التي لخَّصها العلَّامة ابن قيم الجوزية رحمه الله هو ما يلي:

  • إنّ الحاجّ عندما يقول: لبيك، يتضمن إجابة داعٍ دعاك ومنادٍ ناداك، ولا يصحُّ في لغةٍ ولا عقل، إجابة من لا يتكلم ولا يدعو من أجابه، وذلك يتضمن الإقرار بسمع الربّ تبارك وتعالى، إذ يستحيل أن يقول الرَّجل: لبيك، لمن لا يسمع دعاءه.
  • إنَّها تتضمن المحبة، إذ لا يقال: لبيك، إلّا لمن تحبه وتعظِّمه، ولهذا قيل في معناها: أنا مواجه لك بما تحب، وأنَّها من قولهم: امرأةٌ لَبَّةٌ، أي محبَّةٌ لولدها.
  • إنَّها تتضمن التزام دوام العبودية، ولهذا قيل: هي من الإقامة، أيّ أنَّني مقيمٌ على طاعتك.
  • إنّها تتضمن الخضوع والذلّ، أي خضوعًا بعد خضوع، من قولهم: أنا ملبٍّ بين يديك، أي خاضعٌ ذليل.
  • إنَّها تتضمن الإخلاص، ولهذا قيل: إنَّها من اللُّب، وهو الخالص، وتتضمّن التقرُّب من الله، ولهذا قيل: إنَّها من الإلباب، أي بمعنى التقرُّب.
  • إنَّها جُعلت في الإحرام شِعاراً للانتقال من حالٍ إلى حال، ومن منسكٍ إلى منسك، كما جعل التكبير في الصلاة، للانتقال من ركنٍ إلى ركن، ولهذا كانت السُّنة أن يُلبي حتى يُشرَع في الطواف، فيقطع التلبية،
    ثمَّ إذا سار لبَّى حتى يقف بعرفة فيقطعها، ثمَّ يلبي حتى يقف بمزدلفة فيقطعها، ثمَّ يلبي حتى يرمي
    جمرة العقبة فيقطعها، فالتلبية شعار الحجّ والتنقل في أعمال المناسك، فالحاج كلَّما انتقل من ركنٍ إلى ركن قال: “لبيك اللهم لبيك“، كما أنَّ المصلّي يقول في انتقاله من ركنٍ إلى ركن: (الله أكبر)، فإذا حلَّ من نسكه قطعها، كما يكون سلام المصلّي قاطعاً لتكبيره.
  • إنَّها شِعارُ التوحيد لملَّة إبراهيم عليه السلام، الذي هو روح الحجّ ومقصده، بل هو روح العبادات كُلِّها والمقصود منها، ولهذا كانت التلبية مفتاح هذه العبادة التي يدخل فيها بها.
  • إنَّها متضمنةٌ لمفتاح الجنَّة وباب الإسلام الذي يدخل منه إليه، وهو كلمة الإخلاص والشهادة لله بأنَّه
    لا إله إلا هو وحده لا شريك له.
  • إنّها مشتملة على الحمد لله الذي هو من أحبِّ ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى، وأول من يُدعى إلى الجنَّة أهله وهو فاتحة الصَّلاة وخاتمتها.
  • إنَّها مشتملةٌ على الاعتراف لله تعالى بالنعمة كلها، ولهذا عرّفها باللام المفيدة للاستغراق، أي النِّعم كلها لك، وأنت موليها والمنعم بها.
  • إنَّها مشتملةٌ على الاعترافِ؛ بأنَّ الملك لله وحده لا شريك له، فلا مُلك على الحقيقة لغيره، وهذا مؤكِّدٌ بأنَّه ممّا لا يدخل فيه ريبٌ ولا شك.
  • إنّها متضمنة للإخبار عن اجتماع المُلك، والنعمة، والحمد لله عزَّ وجل، وهذا نوع آخر من الثناءِ عليه سبحانه وتعالى، غير الثناء بكلِّ صفةٍ على انفرادها.
  •  إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:“أفضل ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير“، وقد اشتملت التلبية على هذه الكلمات بعينها، وتضمَّنت معانيها.
  • إنَّ كلمات التلبية متضمنة للردِّ على كل مبطل في صفات الله وتوحيده، فهو سبحانه محمود لذاته ولصفاتهِ ولأفعالهِ، فمن جحَد صِفاتهُ وأفعاله؛ فقد جَحَد حمده، ومن علم معنى كلمات التلبية وشهدها وأيقن بها؛ حصلت له النَّجاةُ من ضلالاتِ جميع الطوائف المبطلة.
  • إنَّه لمَّا عطف النعمة على الحمد، ولم يفصل بينهما بالخبر، كان فيه إشعارٌ باقترانهما وتلازمهما، وعدم مفارقة أحدهما للآخر، فالإنعام والحمد قرينان.

فوائد التلبية

  • التقرب إلى الله تعالى: التلبية هي من أفضل الأعمال التي تُقرب العبد من الله تعالى.
  • الشعور بالخشوع والذل بين يدي الله تعالى: تُساعد التلبية على الشعور بالخشوع والذل بين يدي الله تعالى.
  • التعبير عن الإجابة لدعوة الله تعالى: تُعد التلبية تعبيرًا عن إجابة العبد لدعوة الله تعالى للحج.
  • الشعور بالراحة النفسية: تُساعد التلبية على الشعور بالراحة النفسية والهدوء.
  • التخلص من الهموم والغموم: تُساعد التلبية على التخلص من الهموم والغموم.
  • الشعور بالوحدة مع المسلمين: تُساعد التلبية على الشعور بالوحدة مع المسلمين من جميع أنحاء العالم.

شارك المقالة: